كيف اكتسبت حركة الاحتجاج الأخيرة في إيران قوتها؟
- عربي 21 الاربعاء, 05 أكتوبر, 2022 - 12:38 صباحاً
كيف اكتسبت حركة الاحتجاج الأخيرة في إيران قوتها؟

نشرت مجلة "نيويوركر" الأمريكية محادثة هاتفية مع الباحثة الإيرانية فاطمة شمس، التي تعيش في المنفى منذ سنة 2009؛ ناقشت فيها سمات الاحتجاجات الحالية التي تختلف عما شهدته إيران في الماضي ودور الأقلية الكردية في هذه الانتفاضة، ومزايا وعيوب الحركات التي تفتقر للقيادة.


وفي سؤال للمجلة حول مدى اعتبار أن هذه الاحتجاجات بمثابة امتداد للحركات الاحتجاجية التي حدثت في إيران في الماضي؛ أجابت فاطمة أن الشعار المركزي لهذه الثورة هو "المرأة، الحياة، الحرية" والذي يمكن مقارنته بأحد الشعارات الرئيسية للحركة الثورية لعام 1979، وهو "الخبز، العمل، الحرية".

 
وأضافت الباحثة الإيرانية أن جوهر هذه الحركة الثورية هو الاستقلال الجسدي للمرأة؛ حيث يأتي هذا الشعار من حركة الحرية الكردية، وهو نتيجة عقود من الأنشطة الشعبية وجهود المرأة الكردية في واحدة من أكثر المناطق المحرومة اقتصاديًا في إيران، وهي المحافظات الكردية.


وفي إجابتها عن سؤال المجلة حول مقارنة هذه الحركة الاحتجاجية بالحركة الخضراء التي اندلعت منذ حوالي ثلاثة عشر عامًا، تعتقد فاطمة أن هذه الحركة هي استمرار وتراكم جميع المظالم والمعاناة الاجتماعية والسياسية والجنسانية والعرقية والدينية على مدار الأربعين عامًا الماضية، وأن هذه الاحتجاجات بالتأكيد استمرار للانتفاضة الخضراء لعام 2009.

 
واستدركت شمس أن الفارق هو أنه في عام 2009، كان لا يزال هناك أمل في الإصلاح وكان الناس لا يزالون يهتفون في الشوارع من أجل انتخابات حرة ونزيهة، وبذلك فمن المحتمل أن يكون لدى المتظاهرين مرشح يمثل آمالهم ومطالبهم، ولكن ثورة اليوم بلا قيادة تمامًا، فالناس في الشوارع لا ينتظرون أن يأتي أحد ليأخذ زمام المبادرة، هم قادة الثورة.


وحول مسألة انعدام وجود قيادة للاحتجاجات وعدم اصطفافها وراء زعيم أو حزب سياسي؛ قالت فاطمة: "أعتقد أنها نقطة قوة، الأمر الذي جعل من الصعب على قوات الأمن والحكومة قمع هذه الحركة، وعلى سبيل المثال، بعد ما حدث في احتجاجات عاشوراء في عام 2009 وضعت الحكومة قادة الحركة تحت الإقامة الجبرية حتى يومنا هذا مما أدى إلى انتهاء الاحتجاجات على الفور".
 

وأضافت: "في هذه المرحلة، أعتقد أن أحد الأسباب التي تجعل من الصعب للغاية بالنسبة للحكومة أن تقمع الاحتجاجات الحالية هو أنها لا تستطيع ملاحقة شخصية معينة".


وبخصوص سؤالها عن الأسباب الاجتماعية الكامنة التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات، قالت فاطمة إنه في حزيران/ يونيو من هذا العام، تم القبض على امرأة تدعى "سيبيده راشنو" بعد فترة وجيزة من تداول مقطع فيديو على الإنترنت لتعرضها للتحرش في حافلة بسبب ملابس غير لائقة، وهذا بدوره فجر حالة من الغضب.
 

وأضافت: "إذن ما نراه اليوم هو هذا الغضب الذي كان موجودًا بالفعل وأعتقد أنه اشتدت حدته، واعتبرت أن أربعة عقود من المظالم الاقتصادية ومعاملة الأقليات العرقية والدينية والتمييز ضد المرأة، كل هذا أدى إلى هذه الاحجاجات".
 

وبالإشارة إلى سؤال المجلة حول الاستفادة من هذه الحركة للمطالبة بمزيد من الحرية للأقلية الكردية؛ أجابت فاطمة قائلة: "لا يمكننا ولا يجب أن نقلل من أهمية الحركة الكردية أو مطالب الحركة الكردية؛ حيث تنحدر مهسا أميني من خلفية متواضعة، من مدينة حدودية كردية وهي تمثل الحرمان مدى الحياة ليس فقط للنساء الكرديات ولكن للشعب الكردي كأقلية عرقية في إيران والذين تعرضوا بشكل مقصود ومنهجي للقمع والتمييز من قِبل الدولة.. دعونا أيضًا لا ننسى أننا نتحدث عن الأقليات الدينية، فمعظمهم من السنة وهم أقلية دينية في إيران".

 
وأضافت: "إن الرد العدواني والتدخل العدواني من قبل الحرس الثوري على حدود العراق وإيران خلال الأيام القليلة الماضية دليل واضح على حقيقة أن المناطق الكردية في طليعة هذه الحركة".


وفي إجابتها حول ما إذا كانت الحكومة الإيرانية ستستغل هذه التوترات الحدودية، قالت فاطمة إنها تعتقد أن الحكومة تحاول التلاعب بما يحدث، عند قولها إن سلامة الدولة مهددة وهذه هي الحجة التي استخدموها خلال العقود الأربعة الماضية، رغم أن أكراد إيران لا يتحدثون حاليًا عن الحكم الذاتي؛ بل يتعلق الأمر بحقوق الإنسان الأساسية والاستقلال الجسدي للمرأة وإنهاء اضطهاد الدولة ضد الأقليات العرقية والدينية، ففي الأربعة والأربعين عامًا الماضية، كان الأكراد في طليعة مواجهة الاضطهاد الذي يمارسه النظام. 


وأشارت فاطمة إلى أنها تعتقد أن هناك افتراضا من وسائل الإعلام الموالية للحكومة والحرس الثوري بأن الحركة الكردية قد تختطف هذا الاحتجاج، وقد تستولي على السلطة في حالة انهيار الحكومة.


وعن رأيها بخصوص ما إذا تم تعيين أو تحديد قيادة لهذه الحركة؛ هل يجب عليها أن تأخذ على عاتقها مطالب سياسية أكثر تحديدًا؛ قالت فاطمة: "إننا نرى جيلًا جديدًا من الإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة عشر وثلاثين عامًا في الشوارع، وقيمهم وأعرافهم مختلفة تمامًا حتى عن تلك التي كانت في الثمانينيات؛ حيث ترى أن الرجال يقفون في الواقع جنبًا إلى جنب مع النساء لكي يحموهن من قوى الدولة القمعية. لذا فقد تغيرت معايير المجتمع غير المتجانسة وانعكست، حتى لو قاموا بقمع هذه الحركة بوحشية الآن، فسوف تندلع مرة أخرى".


التعليقات