ليست القضية: معرفة كيف قتل الشهيد عدنان الحمادي، ولا معرفة من قتله؟ لو كان الأمر كذلك لسارت الأمور بشكلها الطبيعي، وما حدثت كل هذه الفتنة المنبعثة من مطابخ مشبوهة..
الواضح هو أن هناك محاولات حثيثة لتحويل مقتل الرجل إلى قميص عثمان لتركيع تعز، كما هو حال محافظات الجنوب اليوم. وهذا المسار والإتجاه لم يعد خافيا على أحد، إذ تكشفه بكل جلاء توجهات وتصريحات وتسريبات وكلاء دولة الإمارات في تعز، والتي تتماهى مع أمثالهم من وكلاء في المحافظات الجنوبية، على حد سواء.
أما القائد الشهيد الحمادي، فبحسب مقربين منه كان هو أحد الأسباب الرئيسة في عرقلة وتأخير مخططهم ومؤامرتهم المتكررة ضد المحافظة الصامدة، والتي بدأت رسميا منذ منتصف 2017، بينما تم تفعيلها منذ خروج ميليشيات أبو العباس من تعز إلى التربة بهدف ترتيب الإنقضاض على تعز.
ويعلم الكثيرون ذلك، حيث برزت ووثقت تصريحات، بعضها لقيادات جنوبية، بينها السلفي الجامي المدعو هاني بن بريك، والذي هدد أكثر من مرة بالتدخل العسكري مع أبو العباس في تعز.
بل برزت تصريحات (تغريدات) من سياسيين إماراتين مقربيين من محمد بن زايد، عقب طرد قوات الجيش والأمن لميليشيات أبو العباس من تعز. حيث هدد أحد المغردين الإماراتين المقربين من النظام الإماراتي، محافظة تعز وجيشها وأبنائها من أن كتائب أبو العباس بعد أن خرجت: بدأت التجهيزات لإنشاء معسكر لها بعدن "تحت اشراف هاني بن بريك والحزام الأمني وإسناد دولة الإمارات، وسيكون المعسكر رفد لمعسكرات طارق صالح والمقاومة الوطنية..". كما جاء في تغريدة بتاريخ 26/8/2018 للإماراتي المدعو "جمال الحربي" (حساب موثق بالعلامة الزرقاء)..
ولأن القائد الشهيد الحمادي كان وطنيا وضابطا عصاميا محنكا، فقد كان يدرك تماما محاولات استخدامه كبيدق في معركتهم الإنتقامية من تعز، وهو ما رفضه تماما. ليبدو- بالنسبة لهم- وكأنه المعيق والمعرقل الأكبر لمخططهم من خلال عدم استجابته لمطالبهم المدمرة لتعز. حتى أن الإماراتين، وبعد أن يأسوا منه تقريبا، استدعوه مؤخرا وطلبوا منه تسليمهم أسلحتهم الثقيلة من دبابات ومدرعات وغيرها..!!
وقد جاء هذا الأمر، كما أتذكر ويتذكر الكثيرون، عقب هجوم لاذع وقاسٍ طال الشهيد الحمادي من قبل قيادات (قومية)، أتهمته بالضعف، وأنه لا يستحق ما قاموا به معه من أجل صناعته وإظهاره كبطل قومي لتعز..!!
واليوم، وبالنظر إلى ما حدث- منذ مقتل الحمادي وحتى الأن- من استغلال مكشوف وقذر للقضية، وتثوير مناطقي بغيض، تربأ تعز عنه، وسلوكهم مسالك هجومية، اتهامية رعناء، لا تتورع عن تجاهل أبسط معايير العمل السياسي الوطني،.. الخ، يدل دلالة كبيرة على أن آمالهم التآمرية انتعشت مجددا لتنفيذ المخطط المذكور بعد أن أزيح العائق الأكبر من أمامهم: البطل الشهيد عدنان الحمادي.
وهم بذلك يمضون على مساريين متوازيين، لا ينفصل أحدهما عن الأخر:
- الأول: يظهر من خلال محاولاتهم المستميتة في التظليل الإعلامي والسياسي بهدف حرف قضية أغتياله عن مسارها الطبيعي، لإخفاء معالمها الحقيقية. ولذلك رفضوا وصول أي جهات مسئولة في تعز إلى مسرح الجريمة، أو إلى المتهم الرئيسي الذي أخفوه حتى الأن، بغية الوصول إلى ترتيب وإخراج مناسب ومدروس يحقق أهدافهم. كما أعلنوا رفضهم الصريح لتشكيل اللجنة الرئاسية التي قيل إن الرئيس شكلها للتحقيق في القضية، خشية كشف المؤامرة وأهدافها ومن يقف خلفها بالضبط..!!
- الثاني: مساعيهم المستميتة، في الوقت ذاته، لإستغلال القضية بكافة الوسائل، بهدف تنفيذ مخططهم، مستخدمين القضية كقميص عثمان للتظليل وإثارة الفتنة بين أبناء ومناطق تعز قبل إنكشاف الحقائق، التي يدركون جيدا أنها ستنكشف عاجلا أم آجلا. غير أن فارق التوقيت- كما هو معلوم- يعد عاملا حاسما في المخطط. إذ أن انكشاف الحقائق الأن قد يعمل على إيقاف تنفيذ مخططهم، ربما إلى الأبد. وهذا ما يخشونه بالتأكيد. فيما أن إنكشافها لاحقا، بعد النجاح في مخططهم، لن يغير من الأمر شيء. هكذا يعتقدون. لذلك نجدهم يسارعون إلى استغلال القضية لتثوير اللواء (35 مدرع) وأبناء الحجرية، لاستخدامهم كوقود في المحرقة في سبيل تنفيذ مخططهم الدنيئ والمفضوح..
وإذا كان كبار القوم، ومن معهم في المخطط، يقومون بكل هذا التظليل وهم يدركون جيدا ما يقومون به في سياق المؤامرة، فإن المشكلة الكبرى تكمن دائما في أولئك المساكين الذين يسايرونهم وكأنهم جزء من مخططهم، وهم لا ناقة لهم ولا جمل بذلك، أو من وراء ذلك. بل أنك ربما تجدهم يغالون ويظللون أكثر من المظللين أنفسهم، معتقدين بأنهم يقومون بدورهم الوطني..!!
ولعل هذا هو أسوأ ما أبتليت به بلادنا، وتحديدا منذ أجتياح الحوثي لمحافظة عمران (2014)، وما تلاها من حرب ودمار حتى الأن..!!
ومع أن بعض هؤلاء قد يدرك خطأ موقفه متأخرا، كما حدث مع الكثيريين في خديعة الحوثي. إلا أن ذلك، للأسف الشديد، دائما ما يكون في الوقت الضائع: "بعد خراب مالطا" كما يقال في المثل الشهير.
ونصيحتي لهؤلاء، هي: إذا كنتم فعلا تريدون كشف حقيقة أغتيال الحمادي، ويهمكم معرفة الجهة التي تقف وراء ذلك، فإنكم تسلكون- خطئا- الطريق المعاكس.. ذلك الطريق الذي يثير الغبار فقط، دون أن يوصل أحدا إلى نهاية.
وهنا، أختتم بتذكيركم بهذه الحقيقة المرة: تذكروا فقط أن كل قضايانا الوطنية التي تم تجييرها على خلفية خصومات سياسية، بهدف الإنتقام من طرف أو أطراف معينة، ليس إلا، لم تنته بنا سوى إلى مراكمة الخسائر الفادحة..!!
* نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك