عام منذ خروجي من سجون الظلم
الثلاثاء, 16 أبريل, 2024 - 07:33 مساءً

عندما ترفرف أجنحة الحرية بعد طول انتظار، يتجلى الأمل كالنسر الذي يحلق في سماء الفرح والتحرر. يوم السادس عشر من أبريل، يكتسي ثوب الفخر والبهاء، حيث تتساقط أغصان الظلم والقهر أمام شمس الحرية الباهرة.
 
ثمان سنوات من الألم والتضحية، كانت كفاحاً ملتهباً في سجون الظلم، وكل يوم كان اختباراً لقوة الإرادة وصلابة الشخصية. وفي تلك اللحظة المباركة، تتجلى قوة الروح وعزيمة الإنسان، حيث تنتصر إرادة الحرية على قيود الظلم والقهر.
 
في هذا اليوم البديع الذي سيظل محفوراً في ذاكرتي إلى الأبد، حيث تجلت الأبواب الفضية للحرية، وتحلقت الطيور في سماء الأمل، لم أتمكن من تجاهل الحشود الغفيرة التي احتشدت بكل فخر وعزة لاستقبالنا. بأعين مليئة بالشوق والفرح، وقلوب مفعمة بالمحبة والتضامن، كانت البسمة تزين وجوههم، والدموع تنساب من عيونهم في لحظة انتصار الحق والعدل.
 
لقد شعرت بغمر الحب والدفء الذي أحاط بنا، كما لو كانت أرواحهم تردد نغمات الفرح والانتصار. فلم يكن الاستقبال مجرد ترحيب عابر، بل كانت له روحٌ تفيض بالمحبة والتضامن، تذكيرٌ بأننا جميعاً جزء من هذه الوطنية العظيمة، وأننا نتشارك في بناء مستقبل أفضل.
 
في ذلك اليوم المشرق، أدركت بأن القوة الحقيقية تكمن في الوحدة والتضامن، وأن قوة الحب تفوق قوة الظلم والقهر. لذا، فليكن هذا اليوم ليس فقط يوماً للاحتفال بالحرية، بل يوماً للاحتفال بروح التضامن والمحبة التي تجمعنا كأسرة وطنية واحدة.
 
"في ظلمة السجون، تألقت نجوم الأمل والصبر، إذ وقفت أسرتي الحنونة بجانبي كجبلٍ من الثبات، محملةً بقلوب تنبض بالحب والوفاء. ولم يكن دعمهم ووقوفهم محدودي الأثر، بل كانوا ركيزةً قويةً في مواجهة التحديات وتجاوز الصعاب.
 
ومن ثمة، لا يمكنني إلا أن أشيد بدور القيادة الحكيمة والرؤية النيرة للمجلس الرئاسي، وجهود هيئة الأسرى والمعتقلين، وسلطة مأرب العظيمة، ورابطة أمهات المختطفين فأنتم كان لكم الدور البارز في توفير كل الظروف الملائمة لعودتي إلى حضن الحرية.
 
ولا يمكنني أن أنسى الأيادي النقية التي عملت خلف الستار بصمت وتواضع، وساهمت بإخراجي من غياهب السجون بقوة الإيمان والإرادة. إنها الأيادي التي تستحق الإشادة والتي عملت بصمت وإخلاص من أجل الحق والعدل.
 
إلى كل من ساهم وعمل بلا كلل وملل، من أجل رفعة راية الحق وتحقيق العدل، أعبر عن امتناني العميق وثنائي الشديد. إنها أيادي نقية، لم تبخل بالتضحية والعطاء، بل كانت دائماً حاضرة للمساعدة والدعم في أصعب اللحظات.
 
فلهم كل الشكر والتقدير، فهم ليسوا فقط أبطال الحق والعدل، بل هم قدوة للتضحية والعطاء، وستظل ذكراهم خالدة في قلوبنا، مصدر إلهام وثبات في كل محنة وتحدي.
 
ودعائي أن يجزيهم الله خير الجزاء، وأن يديم عليهم نعمة العافية والسعادة، وأن يوفقهم في خدمة شعبهم ووطنهم بكل إخلاص وعزيمة."
 
"في طيلة ثمان عجاف لم يكن دعمي مقتصرًا على أسرتي والجهات فحسب، بل امتدت يد العون والتضامن إلى زملائي الصحفيين والناشطين الشجعان، الذين وقفوا بجانبي بكل قوة وإصرار.
 
بفضل جهودهم وتضحياتهم، استطاعوا أن يرتفع صوتي عاليًا نحو سماء العدالة والحق، وأن ينقلوا قضيتي وقصتي إلى كل أرجاء العالم، فتحولت الظلمة إلى نور، والصمت إلى صرخة من الحق.
 
لهم جميعًا كل التقدير والامتنان، ودعائي أن يحفظهم الله ويثبتهم على الحق، وأن يجزيهم خير الجزاء على كل جهد وتضحية في سبيل الحق والعدالة."
 
أن أشكر كل من غمرني بالدعاء فقد كان دعواتهم تنطلق كالشمس المشرقة، تنير طريقي نحو الحرية المنتظرة. كانوا شريكي في رحلة الصبر والاحتساب، حيث استمدت القوة والعزيمة من أصواتهم الصادقة ودعواتهم الملؤها الأمل.
 
لقد كانوا أنوارًا في دربي المظلم، يمدونني بالثقة والإيمان، ويحملونني بأجنحة الدعاء والتفاؤل نحو بساتين الحرية. فلهم جميعًا شكري الجزيل وامتناني العميق، على تعزيزهم للأمل وتقديم القوة والدعم في أصعب اللحظات."
 
رسالتي الأخيرة
 
نرفع دعائنا إلى الله، نطلب منه الفرج القريب والنصر العظيم لكل المختطفين والأسرى، الذين يعانون في غياهب السجون الظلم والقهر. نسأل الله أن يمنحهم الصبر والقوة، وأن يفتح لهم أبواب الحرية والعدل، وأن يحقق لهم الفرج العظيم.
 
ومن بينهم، السياسي القدير محمد قحطان، الذي يتحمل بصمود وإيمان جميع مآسي الإخفاء القسري الظالم. ندعو الله بأن يكون له ولجميع المختطفين والأسرى فرج قريب، وأن يعيد لهم الحرية والسلام.
 
أعاهدكم، أيها المختطفون والأسرى، بأنكم ستبقون قضيتي الأولى، ولن أنساكم أبداً. ستظلون في قلبي وفي دعائي، وستظل قضيتكم مصدر إلهام للنضال والصمود. سأواصل العمل بكل جهد وإخلاص لتحقيق العدالة والحرية لكم، حتى ترتفع أصواتكم حرة ومستقلة، وتعودوا إلى أحضان أحبائكم بكل فخر وكرامة.
 
في يوم الحرية، أجلس بقلب ممتلئ بالشكر والامتنان، أتذكر المحن والصعاب، ولكني أنظر أيضًا إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، فالحياة لا تقف عند حدود الألم والظلم، بل تمتد إلى أفق الأمل والتحرر، ونحن مصممون على استكمال نضالنا بكل شجاعة وإصرار. لتحرير الوطن من هذه النفايات.
 
 

التعليقات