نُصرة للحق وكلمة صادقة فيكم سيتذكرها التاريخ.
لا أدري كيف أبدأ رسالتي ولا من أين أستهلها.. فالخبر كان صاعقة علي.. بل صدمة أوجعتني.. وكأني أفقد أحد أحبابي.
الكل يعلم أنكم كنتم نجوم الإعلام اليمني بلا منازع.. كنتم منبراً اشباب الثورة اليمنية النقي والمستقل عن أدوات النفوذ وإملاءاتها القذرة.. قدمتم إعلاماً حراً نموذجياً ومحترفاً وبديلاً للإعلام الرسمي المتهالك .. انحزتم للحق والحقيقة.. وحملتم آلام اليمنيين وجراحهم بكل شموخ وعزة وأصالة.. لم تنحنوا لأي طرف.. ولذلك حاربكم الجميع.. بل.. خذلكم الجميع.
بعد استهداف مقركم في صنعاء وسرقة أجهزتكم كاملة من قبل الجماعة الكهنوتية كانت الخيارات والمغريات أمامكم كثيرة لكنكم فضلتم الخروج من نطاق الدول العربية لتحرروا الكلمة اليمنية والأدوات الإعلامية من أيادي النفوذ والسلطة.
قدمتم تركيزاً غير مسبوق على قضايا الحقوق والحريات وجملتموها محوراً لأحاديث الإعلاميين والساسة.. وكنتم منصة للنقاشات اليمنية الجادة.. وضعتم قضايا البسطاء في صدارة تغطياتكم.. من خلالكم عرفنا أوضاع النازحين ومواضيع الفساد وأخبار الخدمات الأساسية وقضايا المرأة والشباب والأطفال.. وعرضتم صورة مدنية للإعلام اليمني لن ينساها أي منصف وصادق غير منحاز.
خرجتم عن التقليدية وأدرتم نقاشات نقدية حقيقة لشؤون اليمنيين بكل موضوعية ونزاهة.. استضفتم جميع الأصوات المتناقضة -من تتفقون معها ومن لا تتفقون- في برامجكم وتقاريركم.. حتى الذين أساؤوا إليكم وطردوكم من ديارهم منحتوهم حضوراً حراً في موادكم الإعلامية.. كنتم فرساناً مليئين بالشهامة والنخوة.. مختلفين عن الآخرين.
في سنوات قليلة جمعتم أصوات اليمنيين في الشتات.. وصرتم صوتهم وروحهم للداخل والخارج معاً.. مكنتم الشباب وأحضرتم دور المرأة اليمنية المستقلة والقوية وجعلتوه حاضراً وبارزاً في طواقمكم العاملة.. فصار الإعلاميون والإعلاميات الشباب في قناتكم أمثلة مشرفة وقدوات للعديد من اليمنيين.. ما أجملكم وأروعكم.
في هذا اليوم الحزين.. سيتم إغلاق قناتكم .. وبذلك سيظهر لكل اليمنيين أنكم كنتم أصحاب قضية وقيم ومبادئ.. وانكم مارستم العمل الإعلامي بشرف ومهنية بعيداً عن أيدي النفوذ وأجندتها وحساباتها.. ولو كنتم تعملون لأجندة أو خطط لأصحاب النفوذ والبرامج لما أُغلقت القناة ولما سرّح طاقمها.
كل الحب والإمتنان والتقدير لكل شخص عمل في القناة من أعلى مستويات مجلس الإدارة إلى الإعلاميين من مذيعين ومعدين وطواقم إنتاج وحتى أصغر موظف وعامل فيها.
قد ينسى الناس لكن الله لا ينسى.