المقالح وذاكرة الوطن
الخميس, 18 أبريل, 2019 - 09:19 صباحاً

الاستاذ العزيز ..الزميل والصديق مهندس عبد الرحمن العلفي …الدكتورحمود العودي ….

شكرا لكما ..شكرا لمنارات أن شرفتموني ، لابوح ببعض مكنونات الصدر تجاه الرجل الذي اذا قلت هو استاذي فلا يكفي ...معلمي لايكفي ...الشاعرالذي ترنواليه الافئده ..نعم ….ألأديب نهرهذه البلاد الذي لم ولن ينقطع ...ايضا نعم ...الرجل الذي هو محورهذا الكون اليمني بسماواته العربيه ...نعم ….

هوابي الروحي ..من لاأستطيع رفع النظرالى وجهه تهيبا ..احتراما ...تقديرا ..اجلالا…

الاستاذ الدكتورعبد العزيز المقالح صباح السعد الذي نحيا لحظته المكثفة انسانيا الان ..حرفا وكلمه أنت سيدها بلا منازع …

الاستاذ يحيى العرشي جميله المهني والإنساني يغمرنا الى علو هاماتنا ….

الجمع الكريم ..عليكم ولكم سلام الله …
 
درسنا المقالح شعرا في مناهجنا ، يوم أن كانت مناهج تضج عروبة وقوميه ، مدرسا ننهل من معين مصرالذي لم ينضب كلمة وحرفا حصلناهما من الاهرام والمصوروروز اليوسف وصباح الخير،رواية نجيب محفوظ ، وفيلم حسن الامام ، و (( بصراحة هيكل )) ، وخطاب عبد الناصريجمع العرب ولايفرقهم واولهم اليمنيين ……
 
لايستطيع الاجاحد أن يدعي أن قصيدة المقالح لم تكن اول انوارها لابد من صنعاء وان طال السفر، اشواقنا ، احلامنا ، ثورة وجمهورية تنادى اليمنيون لاجلها وبسببها من كل الاكام والسهول يدفعون دمهم ثمنا للحريه ، يرفعون راياتها جمهورية على قمم الجبال التي ارتوت بعزة اليمنيين من اقصاها إلى اقصاها …
 
من أين أبدأ السباحة في هذا المحيط ؟ اقول أن الإعلام كان النافذة الاولى لاطلالته (( اذاعة صنعاء)) التي نقلت صوت المقالح وحمران والرعيني ودهمش وذلك الفقيررحمه الله الامن الكرامه محمد البابلي صوتا واحدا نقل لليمنيين انبثاق زمن الثورة والجمهوريه …..
 
كانت صنعاء هي الملتقى لحلم اليمنيين ، كانت الاذاعه التي لها في كل قلب تمثال للعزة ، نافذة منها تنسمنا عبيركلمة المقالح والبردوني والشرفي والربادي والشحاري وعبد القادر الشيباني وعبد العزيز شائف وثابت الغياثي وعبد الله شمسان وحسن العزي ، امتد الصوت الى اذاعة تعز (( هنا اذاعة الجنوب اليمني المحتل )) عبدالله محمد شمسان ، وصوت يسكن افئدتنا : (( على بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل )) جمال عبد الناصرابو الفعل والثوره …
 
هناك على النيل كانت البدايه الفعليه للاقتراب من نجم هذه البلاد شاعرنا والصحفي الاكبر الذي تعلمنا منه كيف نكتب ، وعندما نقول تعلمنا كيفية صياغة العبارة وسبك الحرف فلابد لنا من أن نقول سلام الله عليك يايحيى العرشي ….
 
هناك اخذ بيدي الخال علي مغلس ، ذات نهارقاهري جميل : سنذهب لزيارة الدكتورالمقالح ، احسست برهبة اللحظه ، ذهبنا ، عند شقة متواضعه ، فتح لنا الباب ، كان هو بشحمه ولحمه ، وانا في ذهني تلك الصورة التي تعتلي الغلاف الاخيرمن المؤلفات الكامله ، كان الزمن نهاية العام 78 ، كانت القاهرة يومها تملؤني احاسيس شتى …بصوته الخفيض المؤدب رحب بنا ، قلت فورا : تلك الصوره لاتعبرعن الواقع ، قلتها في نفسي ، اذكنت لاازال اتلمس خطواتي ...، تلك الرسمه بالنظارة البرسول كانت توحي بغيرمارايته واحتفظ بالتقييم لنفسي احتراما وتقديرا وهيبة ماتزال تسكنني حتى اللحظه …
 
في بداية الثمانينات وتحديدا ان لم تكن الذاكره قد أصابها بعض التكلس ، جاء ابراهيم المقحفي الى (( الثورة )) الصحيفه ، وفي مطعم فندق المخا ذات ليل ، عرض علي ابراهيم أن ارأس قسم التحقيقات ، فوافقت فورا، الاأن يحيى العرشي واسمحوا لي أن اقولها بدون أن استبق إسمه بالاستاذ فذلك يحسسني بقربي الانساني منه ، وهو إنسان من الدرجة الاولى ، يحيى العرشي ضمني الى هيئة تحريرصحيفة الثوره ، كان شرفا كبيرا أن أرى اسمي بجانب الزرقه والمساح والشرفي تعتلي الاسماء الجانب الايمن لرأس الثورة الصحيفه ، ابراهيم مديرا للتحرير واجمل خلق الله براءة وطيبه حسين هادي جباره رئيسا للتحرير... هما صنوان …... إذ تذكرالمقالح فلابد أن تذكرالعرشي ….
 
في تلك اللحظات العبقة بالحلم والشباب وضعت اللبنة الاولى ليوميات الثلاثاء التي تدفقت من يومها كذلك الزلال المتدفق ابدا في وادي بنا (( يوميات الثوره يكتبها اليوم د. عبد العزيز المقالح )) ، وبدأنا نحج اليه كل اثنين ننقلها باقلامنا ابراهيم بقلمه الجميل حرفا، وانا اتلمس اولى خطواتي لادلف من بوابة دنيا المقالح ، كالسد العالي اندفع الحرف يلتهمه الناس كل ثلاثاء والعرشي من هناك يرقب نتيجة مراهنته علينا بالذات نحن الاثنين ابراهيم وانا ….ا حسب اننا لم نخذله ونجحنا..وذلك مالم يعجب البعض….
 
حتى دنت تلك اللحظه ، همس ابراهيم في اذني ذات مساء : سنبدأ اصدار الثورة الثقافي اسبوعيا ، وبدأنا نعد انفسنا من تلك اللحظه …

ليلة اصدارالعدد البكر، نمت على اول سيارة اشتريتها بعشره الف ريال قرضه من الحديده في الشارع ، اذكان الوقت قد قارب الرابعة صباحا ، والعمال الذين اسكن معهم يغطون في نوم التعب ، لم اتجرأ على ايقاظهم احتراما لعرقهم ، فنمت على الكرسي الخلفي ، وابراهيم واصل حتى مسك بيده النسخه الاولى من العدد الاول ، رحم الله احمد عبد العزيز البنا …
 
نهارا وفي ساحة وزارة الإعلام تصفح العرشي ذلك العدد : رهاني في مكانه ، قالها مبتسما ، تدفق النهرمن هناك الى المقالح وهو الأب الروحي للملحق ، والعرشي اباه العملي ، ونحن الاثنين من نخرج المائدة الشهية للقارئ …بواسطة جهد البنا وهو من كان يخرجه فنيا رحمه الله ….
 
فترة قصيره اصبح ملحق الثوره الاسبوعي حديث الناس ، البردوني من هناك قالها لنا : بكم تبيعوه ؟ قلنا : بل نوزعه مجانا، قال : لابد أن يكون له ثمن لترتفعوبالقارئ الى مستواه ...ويحس باهميته ..وعلى الصفحة الاخيره عملت اجمل حوارين انسانيين مع المقالح والبردوني …..
 
تزامن صدورالملحق الذي تزينت صفحاته بالمقالح اولا ، ابو بكر السقاف ، يوسف محمد عبد الله ، عبد الودود سيف ، عبد الباري طاهر ، علي حمود عفيف وصفحة اللغه ، اقلام تدفقت من مصربفضل ابانا الروحي د. عبد العزيز المقالح ، اذكران ابراهيم وانا تركنا المقيل ذات مساء في شارع سبتمبر الى غرفة جانبيه لنحاورمرة احمد دحبورواخرى فاروق خورشيد ...كان المقالح هو من يطلب منهم ومنا ذلك ليخرج الملحق عبقا بالكلمة الاسمى رواية لعبد الله علوان ، مقالة لمحمد انيس وعوده وفؤاد عبد العزيز ، وكل اقلام الطيف الثقافي من القاهره الى صنعاء .. …
 
لحظتها ذهب السادات إلى القدس في تلك الزيارة التي نتجرع ويلاتها الى اللحظه ، تدفقت القاهره الى صنعاء ، فيما بعد كتب د. عبد القادرالقط رسالة إلى الدكتورعبد العزيز يقول له وهو يشتم رائحة حبرحروف ملحق الثوره الثقافي : لم اكن اتخيل أن القاهره ستنتقل الى صنعاء…..، هنا لابد لي باسمكم باسم المقالح أن ارسل التحيه إلى الزميل ابراهيم المقحفي ، فانا استطيع بدون اي تحسس أن اشهد لأي أخر بتميزه ، للمقحفي من هنا تحية باسمكم ….الى روح احمد عبد العزيزالبنا ايضا تحيه …...
 
ماذا نقول لمن يرفعون شعارالحياتهم : اذا اختصموا فجروا، فقد جاء من اوقف الملحق بدعوى انه حق المقالح والعرشي وهما لم يقولا يوما ذلك ، هكذا نحن ، الخلف يزيل آثار السلف ، ولذلك لايوجد تراكم الخبرات في اي مجال ، فنجد دائما خلفنا الخواء ..تحول الملحق في وقت لالون فه الى اربع صفحات داخليه لاتسمن ولاتغني …
 
كانت يوميات الثلاثاء نهرا رئيسيا إلى اعين وافئدة من يقرأ ، لم تنقطع يوما ، ذهب ابراهيم المقحفي ، توليت انا ادارة التحرير، وبخطه والورق النصفي ظل يرسل اليوميات ، اتشرف كل اثنين بقراءتها قبل الجميع ، وادفع بها إلى الجمع بدون توقيعي الذي يعتلي كل مادة لابد أن تمرمن رئيس وزراء الصحيفة اليومية مديرالتحرير...لم اسمح لنفسي أن اوقع على يومياته …. فهو المقالح ، ولن انسى تلك الاظرف المخططة حوافها بالازرق ، وفي المرحلة التاليه باظرف بيض ، ثم بدات مرحلة جمعها بالكمبيوتروارسالها ، ذات مساء قلت لمحفوظ : احتفظ بمظاريف اليوميات ، فتجمعت عندي عشرات منها ، اتمنى يوما ان اهديها لمتحف يحمل اسمه بعد عمرطويل …..لن انسى ذلك التوجيه وبذلك الخط الجميل اسبوعيا : (( الاخ العزيز …….، وعلى بعضها اشاده بعمود ، بيوميات ، كذلك الظرف الذي عليه رسالة اعتز بها واحفظها :(( ولاحدود لاعجابي بيوميات الثوره مكانني ظمآن ...فقد قرأناها في المقيل اكثرمن مره )) ، اليوميات كتبتها من وحي تكريم لايوب طارش ، ...وعلى ظرف آخر اشاده بيوميات : عالم بلا عقل ….
 
ليلا يقرأ المصحح اليوميات ، يرسلها الي لاقرأها ، واعرف انه يتصل في وقت متاخريراجعها مع المصحح بنفسه احتراما واعلاء للكلمه يحرص وبشده على النقطة والفاصله ونحن تعلمنا منه ، كثيرون يتبرؤون مما يكتبون !!..
 
لم تنقطع يوميات الثلاثاء مطلقا ، حتى اذا مرض ، فيحرص على الا ينقطع ، وهنا يصح أن يقال أن الصحيفه اليوميه قهوة الصباح ، كنا نرفع الكميه المطبوعه كل ثلاثاء …حتى جاءت لحظه توقفت بعد أن تركت انا الصحيفه واوقف عمودي ن…….والقلم ، ولحظة المساح ، احس أن الثلاثاء لم يعد موجودا ضمن ايام الاسبوع …

اذاتحدث عن الثوره ، كان المقالح موجودا منها الى دبي الثقافية وما بعدهما وما بينهما وما قبلهما ..وعلى صفحات صحيفة سبتمبر كانت صفحته الاسبوعيه زادنا الاسبوعي …والاذاعة لم يبارحها حتى خواطر رمضانيه ، وإليها يصب كل حرف جميل وكلمة ترنوللمستقبل …
 
يمكنني ان اظل اتحدث حتى الغد ، فانا ممتلئ بالمقالح ، افتخربهذا ، وافخران ثمة براويز تزين ديوان بيتي تحمل منه لي شهادات عديده اقول لمن يسألني عنها : كلها شهادات نلتها من جامعة المقالح ..
تراني قلت شيئا ، اتمنى ذلك ..

شكرا للجائزه أن شرفت نفسها بالمقالح

نهاركم سعيد ..ولأبانا طول العمر، والق الحرف ..وديمومة الكلمه
شكرا لكم .
 
*تنويه .. المقال عبارة عن كلمة ألقاها الكاتب في حفل تكريم المقالح من مركز منارات لنيله جائزة امير الشعراء أحمد شوقي

التعليقات