لم يصدر عن المجلس الانتقالي أي موقف تجاه القبض على شحنة أسلحة للمقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح.
تجاهلت وسائل اعلام المجلس هذا الحدث، مثلما عزف عيدروس الزبيدي في الحديث عنه، ولم يصدر عنه أي موقف مؤيد أو مبارك للعملية، كحال رئيس المجلس، وبعض الأعضاء.
يدرك عيدروس ما يعنيه القبض على شحنة مثل هذي، خاصة مع التهنئة الأمريكية المتحمسة في مباركة العملية، والتطرق لقوات طارق صالح في الساحل الغربي.
اليوم مختلف القوات في مناطق سيطرة الحكومة ومجلس القيادة، تستشعر اللحظة الراهنة، وتتنافس لتقديم نفسها كبديل جاهز، قادر على لجم التهديدات البحرية التي تمثلها جماعة الحوتيين في اليمن.
وبالتالي تعيش سباق منافسة لتأكيد قدرتها وجاهزيتها، خصوصا مع إجماع غربي على المواجهة المحلية للحوتيين، ويزيد التعقيد هنا مع عدم وجود التنسيق بين هذه القوات، وعملها بشكل منفرد، وليست ككيان واحد يتبع جهة عسكرية واحدة.
المنافسة الحادة هنا تبدو بين قوات طارق صالح، والمجلس الانتقالي، وبدرجة ثالثة القوات الحكومية التي لا تنتمي للجهات السابقة.
يدرك عيدروس ومجلسه أن القبض على مثل هذه الشحنات من الأسلحة لقوات طارق، يمنحه نقاطا إضافية أكثر أمام القوى الخارجية، خاصة أمريكا والاتحاد الأوروبي، بل إن قوات طارق التي لم تندمج بعد في جسد القوات الحكومية، تمتلك مقومات إضافية، فهي لا تتحفظ على نطاق جغرافي معين، بل تسعى للتمدد دون عوائق جغرافية، أو مذهبية، على عكس قوات عيدروس التي لا تفكر سوى بمشروعها الانفصالي، وحدود دولتها المزعومة، وتعتبر الصراع مع الحوتيين أمر لا يعنيها، بل يعني ما يسميه قوى الشمال.
لكن الانتقالي الذي يشعر بالامتعاض، يسعى للتأثير في مناطق بعيدة، وهذه المرة لدى صانع القرار الأمريكي نفسه.
يواصل مايكل روبين الحديث عن أجندة الانتقالي، والترويج لفكره لدى مراكز دراسات أمريكية، مرددا نفس السردية التي يسعى الانتقالي لمخاطبة واشنطن حولها.
تركز هذه السردية على تعزيز دعم الانتقالي، وتقديم حزب الإصلاح كعائق، واعتباره متعاونا مع الحوثيين والقاعدة، واعتبار الانفصال الخيار الأفضل للمنطقة.
ورغم حديثه المكرر لم يصدر عن حزب الإصلاح أي موقف لتفنيد ما يطرحه مايكل روبين، وتشير هنا معلومات إلى أن الرجل يتحرك مدفوعا من أطراف محلية مستترة، غير المجلس الانتقالي، من ذلك قيادات استخباراتية أمنية، تعمل مع كيان محلي حليف مع الإصلاح، ومراكز دراسات تعمل من مناطق الحكومة الشرعية، وأن مهمته تقضي بتسليط الضوء على عدة كيانات يمنية، ودول خليجية وأدوارها في اليمن، بما يخدم سردية الانتقالي، وأطراف أخرى.
الانتقالي في الضفة الأخرى يسعى للوصول أيضا إلى سرديته الخاصة لدى الجانب الأمريكي.
يظهر وليد فارس الذي عمل مستشارًا لترامب عندما كان مرشحًا للرئاسة عام 2016 ويصنف كخبير أمريكي بارز في شؤون الشرق الأوسط في مداخلة لقناة فوكس نيوز ديجيتال مطالبا بتجميع قوة برية يمنية لاستخدامها في مواجهة الحوتيين في حال فشل المفاوضات معها.
ويركز فارس في مداخلته على قوات المجلس الانتقالي في عدن، والتي قال بأنها حققت انتصارات على الحوثيين سابقا، ويطالب الولايات المتحدة بدعم وتمويل هذه القوات الجنوبية لتنفذ عملية برية على طول ساحل البحر الأحمر وتستعيد مدينة الحديدة، ويقترح أيضا قيام قوات شمالية بالتقدم نحو صنعاء، وخلق كماشة ضد الحوثيين.
تصريحات فارس تتطابق مع سردية المجلس الانتقالي، الذي دائما ما يدعو واشنطن وعواصم أوروبية لتقديم الدعم والتمويل لقواته، وأنها ستكون الأقدر والأجدر في مواجهة الحوتيين، بينما في المقابل يردد الانتقالي بأنه غير معني باي معركة مع صنعاء، وحتى مطالبته لإخراج بعض المعسكرات من محافظات كحضرموت والمهرة تأتي في سياق أن تذهب لمواجهة الحوثيين، بدلا من البقاء في تلك المدن التي يرى الانتقالي أنها في نطاق دولته المزعومة.
لذلك يبدو المشهد ضبابيا، وبالغ التعقيد لدى القوات الموجودة في نطاق مجلس القيادة الرئاسي، فهي تعاني من التفكك والتكتل في نفس الوقت، تفكك بسبب عدم توحدها في كيان عسكري واحد، وتكتل بسبب احتفاظ كل قوة بأجندتها الخاصة، وهذه الوضع يجعل من التعويل الدولي عليها في أي دور مترددا، وربما يقود هذا إلى خلق القوى الخارجية نواة قوة عسكرية تمتلك المؤهلات اللازمة للتصدر، وقد تكون شحنة طارق صالح واحدة من هذه المساعي، رغم الشكوك المحيطة بها.
بالتأكيد يخدم هذا الواقع جماعة الحوتي، وهي ترى حالة التمزق والشتات لدى الطرف الأخر، مثلما قد يؤدي هذا الوضع لعملية تصادم بين الانتقالي وقوات طارق صالح لاحقا.