هناك من قادة جيشنا من يجد الوقت ، لا لتضميد الجراح، بل لنيل الدكتوراه. لا من جامعة ستانفورد أو أكسفورد، بل من الأكاديمية العسكرية العليا في مصر، أو "جامعة كرري" بالسودان.
هكذا، بكل بساطة، يحصل وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن محمد حسين الداعري على درجة الدكتوراه بورقة عنوانها يشبه أفلام الخيال العلمي الرديئة: "الاستراتيجية المقترحة لمواجهة تداعيات الحروب الصامتة على الأمن القومي العربي". و لا ندري إن كان الأمن القومي العربي يعلم أنه تحت تهديد "حروب صامتة" لم نسمع عنها وسط هدير الطائرات والصواريخ والدبابات والمجاعة والجثث.
أما رئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، فقد نال هو الآخر دكتوراه في "الدراسات الاستراتيجية" من جامعة "كرري".
ويا له من توقيت عبقري!
فبينما تتكاثر الجبهات وتتناثر الخرائط، ينصرف قادة الجيش للدراسة كأنهم يستعدون لتدريس مقرر جامعي في "التفكك الوطني 404".
طبعا في كل بلدان العالم، يُمنح القادة العسكريون الأوسمة والنياشين لقاء انتصارات حقيقية أو خدمات جسيمة. أما في اليمن، بلد المفارقة والدم والخيبة، فيبدو أن أعلى رتبة عسكرية لا تُستكمل إلا بشهادة أكاديمية فيها من التنظير ما يُبكي الجغرافيا والتاريخ والضحايا.
السؤال الفلسفي هنا: كيف وجد هؤلاء وقتا للبحث والدراسة والتفكير والتنظير؟ هل تُمنح الدكتوراه لمن كان لديه جدول عمل فارغ من مسؤولية الإنقاذ والقيادة؟ أم أنها دكتوراه على طريقة "خذها وسِر"، لإكمال البورتريه الرسمي؟!
لكن ما قيمة هذه الشهادات، إن كان الواقع يفضح أصحابها كل صباح؟ و كيف يناقش وزير الدفاع رسالته عن "الحروب الصامتة" بينما بلاده تصرخ من حروب صاخبة دمرت كل شيء؟ بل من أين يأتي الوقت للدراسة، والبلد ينهار؟
و بالتأكيد هي ليست مجرد مهزلة، بل كارثة رمزية. فحين يصبح "التحصيل الأكاديمي" غطاء للفراغ القيادي، وعلامة على انقطاع الجذور بالواقع، فإننا أمام كاريكاتير سياسي لا يصلح إلا أن يدرس هو نفسه في رسائل دكتوراه عن "العبث الاستراتيجي في الدول الفاشلة".
لذلك سلاما على اليمن، إذ تُمنح الشهادات في زمن الشهادة، وتُصنع البطولات من ورق، فيما الشعب جائعٌ، والقادة مشغولون بـ"البحث العلمي".
..قادة مشغولون في "البحث العلمي"، بينما تبحث أوطانهم عن إسعاف. يناقشون رسائل في الاستراتيجية وهم لا يفقهون ألف باء الحرب ولا شرف السلام. بل أقسم أنهم لا يفهمون سوى التوقيع أسفل شهادات جوفاء، تلمع سيرة فاشلة.
وهكذا في الوقت الذي تحتاجهم فيه البلاد في الخنادق، يختبئون في قاعات المناقشة. يا للعار، ويا للحزن . ويا المهزلة.
دكتوراه في الهروب من الواجب!
هناك من قادة جيشنا من يجد الوقت ، لا لتضميد الجراح، بل لنيل الدكتوراه. لا من جامعة ستانفورد أو أكسفورد، بل من الأكاديمية العسكرية العليا في مصر، أو "جامعة كرري" بالسودان.
هكذا، بكل بساطة، يحصل وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن محمد حسين الداعري على درجة الدكتوراه بورقة عنوانها يشبه أفلام الخيال العلمي الرديئة: "الاستراتيجية المقترحة لمواجهة تداعيات الحروب الصامتة على الأمن القومي العربي". و لا ندري إن كان الأمن القومي العربي يعلم أنه تحت تهديد "حروب صامتة" لم نسمع عنها وسط هدير الطائرات والصواريخ والدبابات والمجاعة والجثث.
أما رئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز، فقد نال هو الآخر دكتوراه في "الدراسات الاستراتيجية" من جامعة "كرري".
ويا له من توقيت عبقري!
فبينما تتكاثر الجبهات وتتناثر الخرائط، ينصرف قادة الجيش للدراسة كأنهم يستعدون لتدريس مقرر جامعي في "التفكك الوطني 404".
طبعا في كل بلدان العالم، يُمنح القادة العسكريون الأوسمة والنياشين لقاء انتصارات حقيقية أو خدمات جسيمة. أما في اليمن، بلد المفارقة والدم والخيبة، فيبدو أن أعلى رتبة عسكرية لا تُستكمل إلا بشهادة أكاديمية فيها من التنظير ما يُبكي الجغرافيا والتاريخ والضحايا.
السؤال الفلسفي هنا: كيف وجد هؤلاء وقتا للبحث والدراسة والتفكير والتنظير؟ هل تُمنح الدكتوراه لمن كان لديه جدول عمل فارغ من مسؤولية الإنقاذ والقيادة؟ أم أنها دكتوراه على طريقة "خذها وسِر"، لإكمال البورتريه الرسمي؟!
لكن ما قيمة هذه الشهادات، إن كان الواقع يفضح أصحابها كل صباح؟ و كيف يناقش وزير الدفاع رسالته عن "الحروب الصامتة" بينما بلاده تصرخ من حروب صاخبة دمرت كل شيء؟ بل من أين يأتي الوقت للدراسة، والبلد ينهار؟
و بالتأكيد هي ليست مجرد مهزلة، بل كارثة رمزية. فحين يصبح "التحصيل الأكاديمي" غطاء للفراغ القيادي، وعلامة على انقطاع الجذور بالواقع، فإننا أمام كاريكاتير سياسي لا يصلح إلا أن يدرس هو نفسه في رسائل دكتوراه عن "العبث الاستراتيجي في الدول الفاشلة".
لذلك سلاما على اليمن، إذ تُمنح الشهادات في زمن الشهادة، وتُصنع البطولات من ورق، فيما الشعب جائعٌ، والقادة مشغولون بـ"البحث العلمي".
..قادة مشغولون في "البحث العلمي"، بينما تبحث أوطانهم عن إسعاف. يناقشون رسائل في الاستراتيجية وهم لا يفقهون ألف باء الحرب ولا شرف السلام. بل أقسم أنهم لا يفهمون سوى التوقيع أسفل شهادات جوفاء، تلمع سيرة فاشلة.
وهكذا في الوقت الذي تحتاجهم فيه البلاد في الخنادق، يختبئون في قاعات المناقشة. يا للعار، ويا للحزن . ويا المهزلة.