الأصواتُ المدويةُ الرافضةُ لعودةِ ( علي البيض) نائبِ الرئيسِ إلى صنعاءَ، عقبَ التوقيعِ على وثيقةِ العهدِ في العاصمةِ الأردنيةِ عَمَّانَ في 20 فبراير 1994م، أجدُها الآنَ رافضةً بقوةٍ لبقاءِ الرئيسِ رشاد العليميِّ في عدنَ.
ومثلما دَفَعَتِ البيض لخيارٍ صعبٍ لم يكنْ جاهزًا له سياسيًّا وعسكريًّا، نراها الآنَ مُسْتَمِيتةً خلفَ الزُبيدي، وتُلَوِّحُ بوهمِ السيطرةِ والقوةِ والنفوذِ على عدنَ وجوارِها.
غافلةً أنَّ هذه السيطرةَ يمكنُ أنْ تزولَ وتَخْتَفِيَ من الوجودِ في ساعاتٍ أو يومٍ أو يومينِ. فهذه القوةُ الجنوبيةُ التي يتبخترُ بها الزُبيدي وقادتُه الأشاوسُ، اعتمادُها كليًّا على دعمِ ومساندةِ الدولتينِ الشقيقتينِ (السعوديةِ والإماراتِ).
ومن دونِ دعمِ الدولتينِ بالمالِ والسلاحِ والغطاءِ الجويِّ، تصيرُ هذه القوةُ عاريةً وعاجزةً عن خوضِ أيِّ معركةٍ عسكريةٍ حقيقيةٍ.
وإذا كانتْ دولُ الخليجِ مجتمعةً - باستثناءِ قطرَ - قد دعمتِ البيض والجفريَّ سياسيًّا وعسكريًّا وماليًّا قبلَ مدةٍ قليلةٍ من اندلاعِ حربِ ذاكَ الصيفِ، نكايةً بالرئيسِ صالحٍ ودعمِهِ للرئيسِ العراقيِّ الراحلِ صدامَ حسينَ؛ فإنَّ دعمَها اليومَ لعيدروسَ أو المحرميِّ لن يكونَ دعمًا للتجزئةِ أو نكايةً بالسلطةِ الشرعيةِ الممثلةِ لليمنِ، وإنما لغرضٍ في نفسِ يعقوبَ ، ومن الغباء والسذاجة أن لا ندركه .
أيًّا كانَ موقفُ الدولتينِ من أداءِ السلطةِ الشرعيةِ، إلا أنَّ هذا الموقفَ لن يصلَ إلى حدِّ تبنيِّ ودعمِ فكرةِ استعادةِ الدولةِ الجنوبيةِ، كما كانَ الحالُ قبلَ ثلاثةِ عقودٍ.
فهذه الشرعيةُ التي يهزأُ بها قادةُ الانتقاليِّ وأنصارُهم، هم جزءٌ منها وشُركاءُ مناصفة فيها . وهي التي استدعتْ قوةَ التحالفِ إلى اليمنِ، وهي التي صنعتْ هؤلاءِ القادةَ وألبستْهم جاكيتاتٍ وكرفتاتٍ، ومنحتْهم جوازاتِ سفرٍ إلى الرياضِ وأبوظبيَ ونيويوركَ وجنيفَ.
هذه الشرعيةُ - شرعيةُ الفنادقِ - ما كانَ سيدومُ بقاؤُها في الرياضِ لولا حماقاتُ الشركاءِ الذينَ لم يرتقوا يومًا إلى مصافِّ الشريكِ الفاعلِ بمسؤولياتِه وخطابِه والتزاماتِه.
وهذه الشرعيةُ الفاسدةُ هي التي منحتْ عيدروسَ وأركانَهُ قوةً وسطوةً ومكانةً لم تكنْ في خيالِ أكثرِ الحالمينَ... فرحمَ اللهُ امرءًا عرفَ قدرَ نفسِه..
*من صفحة الكاتب على فيسبوك