تبرير التحركات العسكرية تحت لافتة «مكافحة الإرهاب» لم يعد مقنعًا، لأن الوقائع على الأرض تكشف أنه يُستخدم في كثير من الحالات غطاء لإعادة توزيع النفوذ وفرض وقائع قسرية في بيئات هشة تعاني أصلًا من ضعف الدولة وتفكك القرار الوطني. فمحاربة الإرهاب لا يمكن أن تكون ذريعة لتقويض سلطة الدولة أو مصادرة قرارها السيادي، ولا مبررًا لاستهداف تشكيلات نظامية كانت جزءًا من الجهد الرسمي لمواجهة التنظيمات المتطرفة.
الأخطر من ذلك هو محاولة تسويق صراعات النفوذ داخل بنى منقسمة على أنها «حرب على الإرهاب»، في حين أنها عمليًا تُكرّس سردية الميليشيا فوق الدولة، وتُغلق الباب أمام أي مسار سياسي وأمني متكامل يعيد توحيد القرار تحت مظلة المؤسسات الشرعية. هذا المنطق لا يحارب الإرهاب، بل يعيد إنتاجه بصيغ جديدة، ويؤسس لفوضى مستدامة تُدار بالسلاح لا بالقانون.
مكافحة الإرهاب مسؤولية دولة، لا مشروع فصيل ولا وظيفة جماعة مسلحة. والأمن الحقيقي لا يتحقق بالشعارات ولا بالتحركات المنفردة، بل بإنهاء تعدد الميليشيات، وحصر السلاح بيد الدولة، وبناء منظومة أمنية وطنية موحدة تمنع توظيف القوة لخدمة أجندات مناطقية أو سياسية ضيقة. ما عدا ذلك، هو استثمار في الفوضى لا أكثر.
*نقلا عن حساب الكاتب في منصة إكس