فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
الاعتكاف السياسي
الاربعاء, 13 يونيو, 2018 - 10:24 مساءً

ما إن يأتي شهر رمضان في كل عام إلا و أنا مشغول و أصاب بالقلق لأن جدولي سيتغير ستُضاف مهام و أعباء ثقال، و دوماً أُمني نفسي بالإنقطاع للعبادة على رأي محبي الله، و أي إنقطاع يتحقق في هذا العصر فهو وهم مادام شبكة الإنترنت شغالة في التليفون المحمول فأنت مع الشرق و الغرب على نفس الخطى، ترد و تجيب على الرسائل و المتصلين و تشارك برأيك في التعليق على الأحداث.
 
لا للإنقطاع نعم للإعتكاف، فهو سنة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، في ليلة سبعة و عشرين رمضان قررنا الإعتكاف مكثنا قليلاً و خرجنا نشرب شاي و بعدها قهوة إلى أن أتت فكرة إكمال الاعتكاف في جامع أخر، فهذا الجامع تم إطفاء أنواره ليهجع العُمَار، و في الجامع الأخر كانت الحرارة مرتفعة و التكييف ضعيف، و كان الحل هو العودة للجامع الأول، كان القوم يصلون صلاة التسابيح فدخلت معهم و شبك الوايرلس تبع المتصوف، و أكملنا الركعات الأربع فقام الإمام وقال صلاة التوبة وهي صلاة سرية، و انتهت الصلاة مع وقت السحور، و تسحرنا زبيب بلدي و صلينا فجر و خرجنا من الإعتكاف المتنوع.
 
و في ليلة الثامن و العشرين غيرت كل المساجد و صليت التراويح خلف إمام حسن الصوت و ما أن أكملت الركعات الثمان فإذا بقناة تتصل تعال حلل.. يا جماعة أنا معتكف يالله عادي التحليل لا يفسخ الاعتكاف، و خرجنا من المعتكف و قلنا نغير جامع بعيد وضاعت نصف الليلة سفر، و جاء وقت قيام الليل و قناة أخرى تتصل، يا جماعة رمضان و ليالي مفترجة و ليس وقت السياسة، "اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفُ عني".
 
معركة الحديدة لا جدال فيها و لا إعتكاف معها، و فخامته زار الإمارات و من الواجب علينا أن نقرأ الزيارة بحق هذه الليالي الطاهرة؛ لو كنتُ مكان فخامة الرئيس هادي  لتفاوضت مع الإمارات من أجل تحرير الحديدة، و ذلك بخروج أخر جندي إماراتي من المهرة و حضرموت و عدن و المخا و باب المندب.. و تسليم مواقعهم ومواقع ميلشياتهم للجيش الوطني.
 
أما تحرير الحديدة من الحوثي و تسليمها كبقية السواحل اليمنية للإمارات فهذا كلام مرفوض بشكل مطلق، لا الإمارات وصية على شعبنا و لا جيشنا الوطني و حكومتنا و شريعتنا قاصرين عن تولي مهام إدارة شئون البلاد و المناطق المحررة، لا ندري ماذا بعد ابتسامات هادي و امتعاضه في آن، كما أننا لا نعلم ماذا طلب منه ولي عهد أبو ظبي في هذه الزيارة القصيرة التي تلت طرد هادي مرتين سابقتين من أبو ظبي بدون أن يستقبلوه.
 
الليلة في باحة الجامع وحدي و لا أحد اتصل فكيف يالله يصلح إعتكاف بدون سياسة، "و دي تيجي!!" على قول أصدقائنا المصريين، فكان لا بد من كتابة هذه السطور على حين غفلة منهم جميعاً..
 
من حق الناس في اليمن أن ينزعجوا من تغطيات قناة الجزيرة لأنها تضخم قدرات الحوثي، و تضخم من سيئات التحالف في اليمن، هذا من جهة، لكنها تساعد الشرعية في تحسين شروط التفاوض من جهة أخرى، فهي قد فتحت الملفات المغلقة من السجون الإماراتية السرية و جزيرة سقطرى المطموع فيها و احتلال جزيرة ميون و تهجير أهالي الوازعية جوار باب المندب، و تهجير أهالي حيس لقد حولت الجزيرة أفعال الإمارات إلى قضايا رأي عام، و منحت الشرعية ورقة ضغط ضد تدخلات الإمارات.
 
أنا كغيري من أهل اليمن لا أريد أحد أن يتاجر بقضيتنا اليمنية لصالحه سواء كانت الجزيرة أو العربية، و مع ذلك علينا الإستفادة قدر الإمكان  من القنوات الإعلامية لتسويق قضيتنا و عدم تحويل وسائل الإعلام إلى خصوم، نمر بحالة ضعف ونحتاج للإستفادة من كل التناقضات الحاصلة.
 
نعيب على الجزيرة وغيرها من القنوات لكننا ننسى أنفسنا أين إعلامنا مما يجري على أرضنا؟ أين الإعلام الحربي؟؟، أين وزارة الإعلام التي تحولت إلى وزارة للسياحة في أطراف الجبهات؟؟، و في معركة الساحل الغربي من هم مراسلي القنوات الرسمية و الخاصة و وكالة سبأ و المواقع التابعة للحكومة و الشرعية  لماذا لا يرافقون الجيش الوطني و التهامي و الجنوبي و طارق لتغطية حرب تحرير الحديدة؟ بدون تغطية يمنية جادة لأخبار الحرب وتحليل الوضع خطوة بخطوة لا فائدة من إلقاء التهم على الجزيرة أو غيرها، تستطيع وسائل الإعلام اليمنية خلق رأي عام من كل قضية لو أحسنت إدارة المعركة إعلامياً إلا كل جهة تحاول الحصول على عشرات الروابط الإخبارية لإرضاء الوزير والمدير، مازلنا نتعامل مع الإعلام على طريقة ذل من لا سفيه له، وبذلك سهل أن نلقي التهم على وسائل الإعلام الأخرى.
 
بعيداً عن التحليلات و السياسة كنت قد قررت شراء فوطة و انتظرت خبير الفوط صديقي رياض المهير، و الذي تكرم و ذهبنا و اشترينا الفوطة، هذه الفوطة التي أضعها في شنطتي و احملها أينما اتجهت لارتدائها وقت الصلاة، فالبنطلونات في هذا البلد الحار ذي الرطوبة المرتفعة لا تتحمل اللبس الطويل، الفوطة تمنحك البرود والحرية في الحركة و السعة، استفدت منها الليلة في هذا المسجد الحار الذي يشبه مساجد الصحراء العربية في الزمن الأول لا يوجد تكييف مركزي إلا قليلاً من المراوح البعيدة.
 
اللهم تقبل إعتكافاتي المنقوصة و إجعل رأيي خفيفاً على قلوب أصحاب الخط الواحد و أحاديي الاتجاه في النظر إلى الأمور، و كن يارب مع شعبنا اليتيم الذي يُراد به السوء من أصدقائه و أعدائه.

التعليقات