فيصل علي

فيصل علي

إعلامي وأكاديمي يمني.

كل الكتابات
وعندك شرعية يا ريس
الثلاثاء, 07 مايو, 2019 - 12:24 صباحاً

"اللهم إني صائم"، قلت سأهرب من كل ما يتعلق بالسياسة و الضجيج، وهذه فرصة رمضانية للحصول على قدر من هدوء، والمضي في البحث عن إثنين لا ثالث لهما؛ الأول هو الله جل في علاه لعلى أجده ويزول هذا البعد بيني وبينه. والثاني أنا، فقليلاً ما أجد نفسي، ولذا وجب البحث عنها. لكن "من بيخليك تموت مسلم" ومن بيخل لك حالك.. جاء لنا العزيز محمد الربع مهري "وعندك بحرية ياريس" فأعادني إلى ماقبل الهدوء.
 
أحياناً انتقد نفسي لكثرة نقدي لهذا الريس، وبعد أن لعنته جهراً عند سقوط حجور أتصلت بي أمي حفظها الله وقالت: "مو معك وافيصل لا عاده عاجبتك شرعية ولا انقلاب ولا تحالف، هاه فين نوديك ولا بقيت لك ناس ولا صاحب؟ “ كلام أمي عميق وبرجماتي وأنا مازلت نزقاً وأعرف نفسي، لكن ما يؤلم الناس يؤلمني، وهذا شعب يتألم ويعاني الخذلان والخذلان ربعه وثلثه ونصفه وكله هو الريس وحاشيته بما فيهم "قرازع" الأحزاب بلا استثناء أحد.
 
أما الانقلاب فهو حالة عارضة ستزول، وكذلك التحالف سيغرق في وديان البلد الطارد لسكانه، ومشكلة شعبنا مع الخذلان أعلاه تزيد  في كل لحظة تأخير حسم، وفي كل لحظة تأخير مرتبات موظفي الدولة، وفي كل لحظة قتل و ضياع وتشرد، حتى لكأننا لم نعد نشعر بالأوجاع من كثرتها.
 
الربع ساخر و السخرية نصف العلاج، وتحويلها إلى إجراءات عملية النصف الأخر. كما أن المعرفة والوعي من مسببات الألم، ووجود قطعان لا تتألم لا يعني أنها على حق فالقطيع تائه ويكفي أن يتألم ذئب متشرد ليعبر عن الحقيقة الغائبة، "وليس من يتكلم ويبرر كمن يتألم".
 
في رمضان الباب مفتوح لتقديم الشكوى لله الواحد بكل التافهين الذين خذلونا، ولماذا لا نشكو للرب وهو القائل؛  وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ? أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ? فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)البقرة.
 
وما دعوة الداع إلا شكوى بكل هذا الخذلان.
 
من يرى من زاوية أن نقد الخذلان سيخدم الانقلاب فهذه وجهة نظر يحترم قائلها لكنها صارت مستهلكة، فلم يبقى للإنتهازيين باب إلا طرقوه وهم يبررون للخذلان حباً في مكاسب شخصية أو قبلية أو حزبية أو مكاسب متوقعة ومنتظرة، أما مكسبنا الوحيد فهو التعبير عن آلام الناس وغضبهم وخوفهم وحزنهم والشعور بهم وعدم اشاحة الوجه عنهم، وإلا فلا كانت الحياة.
 
شكراً للعزيز محمد الربع سواءً قالوا عنك هاشمياً أو إخوانياً أو قطرياً، أنت يمني أصيل والدليل هو التعبير عن الأغلبية التائهة، أما التهم المعلبة والجاهزة فلم يعد لها سوق ولا رواج، و الدعاوى السابقة مفندة بدون مفند، فلا أحد استفاد من الخذلان المتعمد أكثر مما استفادت منه الهاشمية السياسية، ولو كان الربع منتميا لها لما انتقد الخذلان ولصفق له حتى يصل إلى الهاوية. ولو صدقنا أنه إخواني ويتعامل كما يتعاملون فهم اليوم  حواريي هادي وحاشيته ومقربيه فهو رب مصروفاتهم اليومية ويمثل دجاجتهم التي تبيض لهم كل يوم بيضة ذهبية  الخ. ولو كان الربع قطرياً لكان الآن ينام في أحد فنادق الدوحة أو إحدى الشقق الممنوحة للرئاسة هناك من قبل أزمة "الخلايجة" على حد وصف إخواننا المصريين.
 
نقد هذه  الحالة البائسة وركلها ولعنها مهم جداً للخروج منها، فاللعنة قد تكون قبساً من ضوء ولهب ونور، وليست بمعنى الطرد من رحمة الله كنا يفهما فقهاء المرقة والورقة، ومع ذلك فالموضوعية في النقد مطلوبة، ولقد كان الربع مع الريس موضوعياً جداً.

* المقال خاص بالموقع بوست

التعليقات