تقول الفرضية السياسية أن الرئيس هادي كان عقبة أمام السلام في اليمن، تستمد هذه الفرضية إعتبارها من نظرية سياسية، السلطة بيد شخص واحد لا يوسع خيارات السلام وإنما يقزمها، لذا كان أبعاد هادي من منصبه ونقل صلاحياته لمجلس رئاسي، وفقا للنظرية، يوسع خيارات السلام في اليمن ويجعل من مشاركة الحوثيين في المجلس الرئاسي أمراً محتملاً في قادم الأيام.
هنا يبدو أن فكرة استبعاد هادي ظل موضوع بحث وتساؤل من قبل دول التحالف العربي، على الاقل خلال السنوات الماضية، ويبدو أن التحدي الكبير أمام التحالف العربي، كان هو موضوع شرعية النظام السياسي الذي تجسدت في شخصية الرئيس هادي بإعتباره آخر رئيس يمني أنتخبه الشعب، فإزاحة هادي عند المشهد من شأنه إن يدخل البلد في أزمة دستورية كبيرة تقوده الي متوالية من الصراع.
بدأت الكيانات السياسية الصغيرة تتشكل في اليمن منذ مرحلة مبكرة من عمر الحرب: المجلس الانتقالي، القوات المشتركة..الخ، وكانت السياسة تذهب باتجاه تمكين تلك الهويات السياسية، بما فيهم الحوثيين، لتصبح شرعية وبديلة عن الأحزاب السياسية التي أستبعدت عمليا من المشاركة في صنع القرار ورسم السياسات منذ وقت مبكر، من هذه النقطة تحديداً تستمد المجالس الرئاسية والقيادات الجماعية أهميتها حالياً.
لم يكن من خيار آخر بيد التحالف العربي لاستبعاد هادي من منصبة بصورة مثلي سوى نقل شرعيته وقرار مجلس الأمن 2216 الي مجلس رئاسي.
نقل هادي صلاحياته الكاملة لمجلس قيادة جماعية توافقي مكون من ثمانية أعضاء لكنه ترك خلفه الكثير من الأسئلة الدستورية الخطيرة بدون أجوبة.
ينتظر المجلس الرئاسي الجديد حاليا مهمة جوهرية، هي الذهاب الي السلام بعقد مباحثات مع جماعة الحوثيين، اضافة الي مصفوفة من القضايا ذات الصلة بالجانب الإقتصادي والإنساني في اليمن، وباعتقادي فإن المهمة مرهونة بدرجة إساسية بمدى نجاح فكرة القيادة الجماعية حالياً. وهنا نجد أنفسنا مجبرين على إعادة قراءة تجربة القيادة الجماعية في اليمن تأريخيا وهو موضوع برأيي من المهم جدا للقيادة الجديدة تدارسه وبحثه من أجل تجاوز أخطاءها التاريخية الفادحة.
على مدى التأريخ السياسي اليمني مرت اليمن بأربع تجارب للقيادة الجماعية :المجلس الرئاسي فترة رئاسة عبدالله السلال، وفترة رئاسة القاضي عبد الرحمن الارياني، وفترة رئاسة ابراهيم الحمدي، والغشمي، المجلس الرئاسي في جنوب اليمن، والمجلس الرئاسي للوحدة.
جميع تلك التجارب "للقيادة الجماعية" كان هدفها خلق حالة سلام والخروج من واقع الحروب الأهلية، لكن اجمالا قد أثبتت فشلها تأريخياً الا في فترات جزئية، فقد كان الطابع السائد على تلك المجالس الرئاسية، هو التفرد بالقرار لجهة رئيس المجلس عملياً، الصراع على السلطة بين اعضاء المجلس، والخلافات البينية التي تجر إحيانا للإقتال الدامي كما في حالة" المجلس الرئاسي في جنوب اليمن"، التجربة الديمقراطية المعدومة في اليمن كفعل ممارسة، فالديمقراطية كما يقال "كالسباحة لا يمكن اكتسابها نظراً."