أيهما يصنعُ الآخر، المذيع أم القناة؟
الاربعاء, 13 أبريل, 2022 - 10:57 مساءً

•يعتقد بعض المذيعين على سبيل المثال أن لديه قدرات صوتية ولغوية كبيرة تمكنه من قراءة نشرات الأخبار ،وبالتالي فإن التحاقه بهذه القناة أو تلك سيمثل إضافة نوعية لها،وأنها ستجني الخسارة في حال عدم قبوله لديها.
 
•ربما كان هذا المعتقد صحيحاً الى درجة كبيرة قبل ثلاثين عاماً، وصحيحا بشكل أقل قبل عشرين عاماً، بينما وصل اليوم الى درجة الخطأ.
 
فالمذيع اليوم ليس مجرد سارد قارئ مؤدي بل مجموعة من العوامل والصفات التي تؤهله ليس للقراءة بل للتسويق بالصوت واللغة ومهارات الحوار لهذا المنتج الاخباري الذي أصبح يقدم على مئات القنوات بأشكال وقوالب في معظمها تستغني عن تسعين في المئة من دور المذيع.
 
•بالتالي قدرة القناة أو الوسيلة ومستوى انتشارها وبيئتها الانتاجية والتقنية والصحفية والمهنية هي الأهم،فهنا هي التي تصنع المذيع والصحفي، والمراسل،،حتى وإن كان ذَا صوت عادي للغاية.
 
•فدعونا نفترض أن مذيع الأخبار  البارز في قناة الجزيرة والأستاذ المتمكن محمد كريشان مثلا باعتباره تونسياً كان في التلفزة الوطنية التونسية ،بلاشك سيكون متميزا  وسيصنع لذاته مجداً لا يتجاوز  نطاق بعض مناطق تونس مهما بلغ وبذل من جهد ،بينما الأمر مختلفا مع الجزيرة التي صنعت كريشان وخديجة بن قنة وتوفيق طه وعبدالصمد  ناصر ،وجمال ريان وغيرهم ،في الأخبار ،وتمكن بعضهم وفي مقدمتهم كريشان من صناعة شأنُ للقناة انطلاقا من قدراتهم الصحفية والبرامجية.
 
•اليوم هناك فن يسمى "الحوار داخل النشرة"،فأن تكون ذَا صوت مدهش مذهل فريد ووجه وملامح لافتة وأداء ممتاز  ،فالأهم هو هل أنت قادر على إدارة الحوار في نشرة ما؟
 
حوار  مع زعيم أو وزير  أو رئيس أو حتى محلل قد يلخص مشهدا أو مرحلة أو موقفا ينبغي أن تكون أنت القائد فيه قبل المستضاف ،،وهنا فالقيمة الحقيقية لمهاراتك الحوارية قبل "خامتك الصوتية ووسامتك "فهذه  لاتمثل  سوى نسبة بسيطة جدا جدا من عموم مراحل صناعة وتسويق المنتج الاخباري من خلالك  كمذيع.
 
•في البرامج يختلف الأمر الى حد ما، فمهمة صناعة البعض بين المذيع والقناة تبدو متبادلة ،،لماذا ؟
 
•باختصار ،في حال كنت مقدما ماهرا ومحاورا متعمقا وقارئاً حصيفاً للحاضر والمستقبل في برامج الحوار ،وتأتي بجديد لايأتي به غيرك فأنت إضــافــة للقناة لأنك لست مجرد مؤدي ،،بل صانع جديد ومجد للقناة وهو ماتطلبه القنوات في عالم تسويق المنتج البرامجي والاخباري ،فأنت مساهم في صناعة قناتك ووسيلتك،حتى لو كنت في نطاق محلي قناة فضائية في بلد ما.
 
•على سبيل المثال والاستشهاد وإن لم أكن أفضل ذكر الأسماء ،في واقعنا اليمني يبقى المذيع والصحفي عارف الصرمي أبرز  المحاورين الذين تنقلوا بين قنوات يمنية عدة،فينتقل الناس لمتابعة برامجه في القناة التي انتقل اليها ليتجاوزوها بعد ذلك،لكنه في الوقت ذاته وجد رواجاً أكبر في مرحلة وجوده في قناة السعيدة كقناة واسعة الانتشار ،وإن كانت القناة بحاجة الى مساحة وجوده فيها في هذا الشكل البرامجي تحديدا الذي لايملأ فراغه إلا هو ،فالرجل قادر على الإتيان بجديد لايستطيعه آخرون.
 
•المرحوم يحيى علاو كان صانع مجدٍ سواء لقناة اليمن أو السعيدة لأنه كان صاحب جديد لا يستطيعه الأوائل ولا تمكن منه اللاحقون،،وهنا الصناعة مطلقة من المذيع للقناة ،فَلَو نقل برنامجه الى اي قناة سيتبعه جمهوره.
 
•بمعنى آخر أن تأتي بجديد لايستطيعه غيرك فأنت تصنع للقناة شأناً،وأن تأتي بكل ما يستطيعه غيرك فأنت إما صاحب دور متبادل مع القناة أو في الغالب للقناة فضل عليك في صناعة شخصك المهني خاصة في حال كانت القناة رائجة،
•هل الدور متبادل بين فيصل القاسم والجزيرة ؟؟
 
الى حد متوسط نعم ،ولكن ماذا لو افترضنا أن فيصل القاسم بكل قدراته وضيوف برنامجه الشهير "الاتجاه المعاكس"،كان في الفضائية السورية مثلا ؟
 
إذن نسبة الصناعة له من قبل القناة هي الأغلب ،،ودليل تبادل الدور هو أن مذيعين آخرين حلوا محله لتقديم البرنامج ولكنهم لم يكونوا بقدراته ودوره.
 
•كيف يمكن أن نتخيل برنامج"من سيربح المليون "،بدون جورج قرداحي ،وماذا لو كان البرنامح يبث على قناة أخرى ؟،الصناعة هنا متبادلة.
 
•هناك أشخاص وبرامج تعتبرهم القنوات بمثابة "روافع"، تقوم عليهم وتستمر ،وبالتالي الصناعة متبادلة.
 
•عندما تأتي قناة ما بمراسلة شابة تخوض غمار تغطية من معمعة المعارك وأصوات المدافع فالأمر هنا أن المراسلة تتولى مهمة لاتستطيعها سواها من الفتيات وبالتالي هنا هي شريكة فاعلة في صناعة القناة بينما زميلتها المذيعة في الأستوديو والتي تحاورها مباشرة قد تكون مصنوعة من القناة إن لم تكن ذات قدرات تميزها.
 
•الخلاصة هي أنك كمذيع لن تكون صانعا للقناة أو الوسيلة إلا إذا كنت صاحب جديد لامجال له عند غيرك ،أما هذا التشابه الكبير فيما يستطيعه الكل فيجعلك خارج دائرة تلك الروافع.
 
•وخلاصة الخلاصة أن عليك كمذيع أن تبدأ قويا لأن الصورة الذهنية في مجال الإعلام هي العامل الفيصل في تكوين الانطباع عنك لدى الناس،فإن بدأت قويا ستظل قويا حتى وإن تراجع مستواك وإن دشنت ظهورك ضعيفا فستبقى ضعيفا وإن ارتقى مستواك بعد ذلك.
 
 

التعليقات