البطاطا المسلوق ملاذ المواطنين في ذمار للدفء من ليالي الشتاء الباردة (تقرير)
- صقر أبو حسن الخميس, 04 ديسمبر, 2025 - 05:46 مساءً
البطاطا المسلوق ملاذ المواطنين في ذمار للدفء من ليالي الشتاء الباردة (تقرير)

[ الشاب أسامة الرخمي بائع البطاطا والبيض المسلوق في ذمار ]

​في كل ليلة من فصل الشتاء، تتحول شوارع مدينة ذمار إلى حالة من التوقف شبه التام. فمن النادر أن تستمر الحركة المعتادة في المدينة بعد غروب الشمس، نظراً لدرجات البرودة العالية التي قد تصل إلى أربع درجات تحت الصفر.

 

وسط هذا البرد القارس والحركة الضئيلة، يواصل الكثير من أرباب المهن المكوث في أماكنهم، في مواجهة حقيقية مع ساعات طويلة من البرد الذي "يتسلل إلى العظام" كما يصفه "أسامة الرخمي".

 

​"أسامة" شاب عشريني لم تُتح له الظروف أن يكمل دراسته، فقد توقف في الصف الثاني الثانوي قبل أن ينخرط في العمل. هو حالياً يبيع البطاطا والبيض المسلوق بالقرب من شارع 13 يونيو بمدينة ذمار، ويمكث في مكانه حتى العاشرة مساءً، وهو وقت من الصعب على الكثير الجلوس فيه بسبب شدة البرد وانخفاض درجة الحرارة.

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" ​يشير أسامة إلى أن جلوسه حتى وقت متأخر من الليل هو من أجل بيع ما لديه من "البيض المسلوق والبطاطا المطبوخة" للمارة ومرتادي مقهى "أيوب" المجاور، وعندما ينتهي ما لديه يعود إلى المنزل.

 

​ويعتبر أن فصل الشتاء بالنسبة له وللمئات من بائعي البطاطا في مدينة ذمار هو "ذروة الموسم"، بسبب ارتفاع الإقبال عليها من المواطنين من مختلف الفئات العمرية، نظراً لما تمثله البطاطا مصدرًا أساسيًا للطاقة بسبب محتواها العالي من الكربوهيدرات.

 

​تُعد الشوارع الرئيسية والتقاطعات، وبالقرب من المولات وأسواق القات والمستشفيات الحكومية والأهلية وأقسام الشرطة، هي المواقع التي يفضلها بائعو البطاطا. لذا، يجلسون في أماكنهم طوال العام، لكن يرتفع عدد بائعي البطاطا في فصل الشتاء بشكل ملحوظ.

 

​البطاطا المفضلة

 

​تتنوع بضائع بائعي البطاطا بين البيض المسلوق والبطاطا المهروسة أو "الشِبْس". ويفضل - وفقاً لمحمد الشميري - الكثير من المواطنين السندويتشات بالبطاطا لسرعة تحضيرها وأسعارها المناسبة، فسعر السندويتش الواحد لا يتجاوز مئة ريال.

 

في تصريحه لـ "الموقع بوست" يقول الشميري: "لي في شارع رداع - بمدينة ذمار - أكثر من سبع سنوات، وأغلب أصحاب المحلات وسائقي الباصات من زبائني لأني أستمر في العمل حتى وقت متأخر من الليل طوال العام".

 

​يبدأ دوام الرجل الأربعيني "الشميري" من الفجر حتى وقت متأخر من الليل. وتعتبر رحلته اليومية إلى السوق المركزي بمدينة ذمار الخاص ببيع الخضروات والفواكه من أجل شراء أصناف جيدة من البطاطا أولوية، حيث يحرص على شراء وانتقاء أصناف جيدة من البطاطا والعودة بها للمنزل لتتكفل زوجته وأبناؤه في تحضيرها وطبخها. لينام بعدها حتى الواحدة ظهراً، ويُحضر نفسه ليوم عمل يمتد حتى الثانية عشر ليلاً أو يزيد.

 

​من النادر أن يغادر مكانه، والمرات التي غاب فيها عن المكان كانت معدودة، بسبب أمر طارئ وضروري اضطره إلى التغيب. وقال ساخراً: "لو تموت زوجتي ما أترك العمل". لكنه يتذكر أنه عندما أجرت زوجته عملية قيصرية في ولادتها للطفل قبل الأخير، اضطر للمكوث جوارها إلى وقت متأخر من الليل تاركاً بضاعته يبيعها أحد أبناء شقيقه.

 

يتابع ​"صحيح البرد قتلنا، بس من يعيل أطفالنا؟ لكن الشخص قد يحتفظ ويلبس ثقيلاً ويحمي نفسه من البرد والمرض، وعلى الله الرزق، الذي يحتاج إلى جهد وتعب وتحمل وصبر على البرد وعلى بعض الزبائن الذين يريدون أن يأكلوا ببلاش (مجاناً)".

 

​ما دون الصفر المئوي

 

​وشهدت محافظة ذمار، منذ بداية الأسبوع الحالي، موجة صقيع حادة وصلت إلى ما دون الصفر المئوي. وكان مركز الأرصاد الجوي أشار إلى أن حالة الطقس "باردة إلى شديدة البرودة" أثناء الليل والصباح الباكر في محافظات ذمار وصعدة وعمران وصنعاء والبيضاء ومرتفعات الضالع ولحج وأبين وإب وغرب الجوف وجنوب مأرب، وتتراوح درجات الحرارة بين 1-4 درجات مئوية. وتوقع في ذات الوقت حدوث صقيع (ضريب) على أجزاء منها خلال الـ 24 ساعة المقبلة.

 

​وحثت نشرة أصدرها المركز "المزارعين باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مزروعاتهم ومحاصيلهم من التلف، والقادمين إلى المناطق الباردة بأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من صدمات البرد".

 

​ارتفاع أسعار القات

 

​بالنسبة لبائعي البطاطا في شوارع مدينة ذمار، ينعكس فصل الشتاء إيجابياً وينعش مشاريعهم الصغيرة، بسبب إقبال الزبائن. ويعود ارتفاع الإقبال بشكل مضاعف عن الأيام العادية إلى ارتفاع أسعار "القات" بشكل كبير، ما يضطر الكثير من المواطنين إلى تناول الوجبات الخفيفة في مقدمتها البطاطا، مع الفلفل الحار التي تمنحهم الدفء.

 

​وخلال الأيام الفائتة، خسر المئات من المزارعين في محافظة ذمار محاصيلهم الزراعية، وفي مقدمتهم مزارعو القات. نتيجة موجة الصقيع الشديدة فوالتي ما يزال تأثيرها قائماً، والتي أحدثت ضربة موجعة للمزارعين.

 

وتسببت بإتلاف مساحات واسعة من المزارع وأنهت عدداً كبيراً من المحاصيل الزراعية، بما في ذلك مناطق في مديريات الحداء وجهران وميفعة عنس وعنس، مكبدة المزارعين خسائر كبيرة، وفي مقدمتها "مزارع القات". وعجز الكثير منهم عن مواجهة موجة الصقيع بالحلول التقليدية.


التعليقات