المضمون التقدمي للقضية الجنوبية العادلة
الإثنين, 27 مارس, 2023 - 10:42 مساءً

القضية الجنوبية لا تعني التنكر لقيم الثورة اليمنية، والإساءة إلى قادة وأبطال الثورة، ولا تعني إشعال فتيل الكراهيَة بين اليمنيين. والقضية الجنوبية لا تعني دروشة المجاذيب، واسترجاع قيم الماضي المظلم، ونشر الخزعبلات، والتسلح بالجهل والتخلي عن العقل. والقضية الجنوبية لا تعني العنصرية ولا تعني النكوص عن قيم التضامن والتسامح بين اليمنيين.
 
والقضية الجنوبية لا تعني اختلاق تاريخ جديد ملتبس للجنوب اليمني، وتلفيق الهُويَّات التي تفضي بالناس إلى مشارف الهاويات.  والقضية الجنوبية لا تعني التوجه النَزِق لرهط من المغامرين والحاقدين والمشوشين، من ذوي الميول القبلية والجهوية، الذين يسعون، بخفة، للهروب من هيمنة القُوَى المتخلفة هناك لكي يفرضوا هيمنتهم المتخلفة هنا.  والقضية الجنوبية لا يحدد مضمونها أولئك الذين يفتقرون إلى الأفق الوطني وإلى الوعي التاريخي، أو أولئك الذين ترعرعوا وتكونوا ودُبغوا في مطابخ الاستخبارات السُّعُودية والإماراتية والاستعمارية.
 
والقضية الجنوبية لا تعني العودة إلى دولة الجَنُوب العربي الشائنة، وتمكين السلاطين والأمراء وأدوات الاستعمار من استعادة سلطاتهم البائدة، وبعث القُوَى القديمة من المقابر، ودفعها لصعود المنابر، وفرض هيمنتها على الفقراء من العمال والفلاحين والمثقفين والوطنين النبلاء والأكابر. كما أنَّ القضية الجنوبية لا تعني تمزيق الوطن اليمني إلى شظايا متناثرة ومتنافرة ومتخاصمة لِيَسْهل، فيما بعد للأعداء، اجتذاب زعماء تلك الشظايا المتصارعة  وافتراسها ثم توظيفها في خدمة  القُوَى  الرجعية والصهيونية. إنَّ القسمات الكئيبة التي أشرت إليها ليست قضية وإنما مؤامرة، وليست جنوبية، ولكنها جنونية ممولة من الخارج، وليست عادلة، ولكنها ظالمة تم صياغتها في غرف مظلمة للفتك بالوطن.
 
 القضية الجنوبية العادلة، هي قضية وطنية كبرى وليست قضية قبلية أو جهوية، إنَّها الجوهر المكثف لقضية الثورة اليمنية وصيرورتها الإنسانية التقدمية، وهي بذلك تعني  استلهام  الأهداف التحررية لثورة 26 سبتمبر العظيمة، وتعني التمسك بالمضمون السياسي  والاقتصادي والاجتماعي والطبقي  لثورة 14 أكتوبر المجيدة، وتوجهات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية التقدمية،  و تعني التحرر من التبعية للمحور الرَجعي في الخارج وأدواته المحلية في الداخل. كما أنَّها تعني العمل بدأب من أجل إسقاط قُوَى الكهنوت والدفاع عن الثورة اليمنية، و السعي لنيل الاستقلال، بشقيه، السياسي والاقتصادي، وصيانة السيادة اليمنية، وتحقيق الاستقرار، وفرض تطبيق القانون، وتعميم السلام ومحاسبة المجرمين بحق الشعب اليمني في الجَنُوب والشمال والشرق والغرب، في إطار التطبيق العقلاني للعدالة الانتقالية وليس في إطار التطبيق الجنوني المحكوم بالنزعات  الثأرية والانتقامية.
 
 وفي الأخير فأنَّ القضية الجنوبية العادلة تعني تجاوز العصبيات القبلية والطائفية والجهوية، وتطبيع العلاقات الإنسانية، وتعزيز الاندماج الاجتماعي بين اليمنيين، وبناء دولة مدنية حديثة، وصيانة الكيان الوطني الموحد والانفتاح على الإنسانية ومنجزات العصر، والأخذ بأسباب القوة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية والتقدم.
صيامًا مقبولاً وإفطارًا شهيا.
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

التعليقات