ماذا ننتظر من الرئيس؟
الجمعة, 05 مايو, 2023 - 03:56 مساءً

لا نستطيع معرفة ما يدور في ذهن الرئيس رشاد العليمي لكن يمكننا التفكير في ماذا يمكنه ان يفعل وماذا يريد اليمن منه في هذه المرحلة.

‏وعلينا قبل هذا الحديث عنه قليلاً والحديث عن يمن هذه اللحظة.

‏دون الخوض في سيرته المهنية او العلمية بالتفصيل، يمكن بإيجاز الحديث عن ‏مسؤول تدرج في مناصبه في المؤسسة الامنية؛ اي كان على الدوام على احتكاك بالقضايا اليمنية واتصال عملي بالمجتمع في معمل اجتماعي حقيقي.

‏لذا يفترض به اكتساب معرفة عملية بالمجتمع اليمني وتقدير لشخصية هذا الشعب.

‏ومعرفته هذه يكملها الوجه الآخر الأكاديمي في تخصص خطير، علم الاجتماع. وعبر سيرته المهنية شهد نضوج الحلم الوحدوي وعاش مخاضات وعثرات بناء اليمن.
‏وهو اجتماعياً ينحدر من محافظة تقتضي مصالح أبنائها ان يكون هناك فضاء وطني اوسع وقوانين مساواتية ضامنة.

‏بمعنى ان عصبيته هي الجدارة المهنية ودولة القانون. وشاءت الاقدار ان يوضع في منصب كهذا في ظروف استثنائية.

‏وقبل هذا، يرأس سلطة مشتتة بين بارونات مصدر قوة اغلبهم السلاح والدعم الاقليمي يقابلهم طرف متعطش للسلطة تقوده اوهام التمكين الالهي وقدرته على اختطاف السلام المحلي والاقليمي. 

‏اما يمن اللحظة فهو يمن لم يولد بعد من عملية مخاض طالت. يمن تتخاطفه كل المشاريع المتناقضة؛
‏مشروع عقلاني يستفيد من دروس الماضي يرى ان الحل في اللامركزية وتبني الفيدرالية، ومشاريع عجولة تريد قطف ثمرة نزقها وعجز المجتمع عن الدفاع عن احلامه وسيادته باقتطاع جغرافيا وسكان دون تصور سياسي عاقل.
‏يمن مقطعة اوصاله ينزف اقتصاده وتتراكم اعباءه الاجتماعية وتعطلت حياته السياسية. 

‏الصيغة التي ولد فيها مجلس القيادة تحمل بذور نجاحها وفشلها في آن. نجاحها يكمن في استيعاب التحديات التي تواجهها اليمن وتحمل المسؤولية دون أنانية. 
‏هذا شروط معنوية بامتياز. بل ان المجلس لا يستطيع ان يعمل الا بشكل جماعي بعد ان تناثرت سلطة رئيس الجمهورية الدستورية نحو قرار جماعي ‏يصعب التوصل اليه بالنظر الى مكونات المجلس.
‏وحدها الصلاحيات الامنية والعسكرية والتمثيل الخارجي تخص رئيس المجلس الا انها بلا معنى في ظل غياب مؤسسات موحدة.
‏وعليه، اولويات المجلس توحيد المؤسسات الامنية والعسكرية حتى تستطيع عجلته التقدم. 
‏لا معنى لاتخاذ قرار ما دون القدرة على تنفيذه. هذا السلوك بقدر ما فيه من رمزية الا انه استهلاك مميت لمفهوم الدولة.

‏ويبدو ان الرعاة الاقليميون لا يأخذون بعين الاعتبار الفراغ الذي يقف عليه مجلس القيادة. او انهم تخاذلوا في استكمال البناء المؤسسي فوضعوا الجميع امام فخ التفكك ورهنوا استقرار المنطقة الى الرعونة. 

‏يظهر ان الرئيس يريد تفادي بعض الاخطاء الرمزية والعملية لفترة هادي.
‏فهو يتخذ قرارات اقل ويحول دون ان يتمدد جهاز الدولة ويتراخى بتعيينات مفرطة مع حرصه على البقاء في العاصمة الموقتة.

‏لكن الامور تمشي ببطء خانق لا يجاري سرعة الاحداث. كل يوم يقدم معه شروط جديدة على عمل المجلس. 

‏المجتمع الدولي يحضّر لمرحلة ما بعد ابريل 2022 بينما خطوات انجاز تشغيل المجلس لم تتم.
‏اننا نذهب الى مرحلة السلام مع الحوثي دون بنية فوقية قادرة على الالتزام بشروط السلام.
‏وفق نوايا وخطوات الحوثي، هذا السلام يعني انتحار الشرعية. لا يريد الحوثي شيء اخر غير كسب صفة شرعي ليتخلص من خصومه بسهولة وموافقة دولية.

‏عودة الى بدء. يريد اليمن قيادة تسمح له بمواجهات تحديات اللحظة؛ تقسيم اليمن في كانتونات، عموم الفوضى والارهاب، فرض نظام ثيوقراطي متطرف في صنعاء، تفجير السلم الاجتماعي والاستقرار النسبي في الجنوب بفرض هيمنة طرف، انهيار الاقتصاد ومجاعة مفتوحة،
‏تبديد ثروات البلاد وانتهاك سيادتها. 

‏يريد اليمن قيادة تفتح افق استئناف المرحلة الانتقالية وعودة الحياة السياسية.

‏ويستطيع الرئيس حشد طاقات المجلس الرئاسي لمواجهة هذه التحديات، العمل بما ورثه من سلطة رمزية للجمهورية اليمنية وباسم الجمهورية اليمنية، حشد المجتمع الاقليمي لإنجاز استحقاقات بناء المجلس القيادي وتعضيد الحكومة الشرعية، حث المانحين على الالتزامات بواجبهم الاخلاقي والقانوني تجاه اليمن اقتصاديا ومالياً.

‏يستطيع لملمة الجهاز الاداري للجمهورية اليمنية في مناطق الشرعية.

لكن القوى المحيطة به ليست سياسية اي انها ليست مدنية.
‏لذا يلزمه تحفيز المناخ السياسي لخلق توازن بين القوى المسلحة والقوى المدنية.
‏توازن مركب؛ جنوبي - جنوبي وجنوبي - شمالي، وشمالي - شمالي.

‏اداة بناء هذا التوازن هي الاحزاب والكتل المدنية والهياكل الادارية الدولة؛ المجالس المحلية، النواب، الشورى.

‏على الكيانات السياسية ان تودي واجبها في هذه اللحظة وان تعود الى المشهد السياسي انطلاقا من مسؤوليتها الوطنية ووفاء لتاريخي النضالي.

‏مخزٍ ان تنخرط الاحزاب في مشاريع التمزيق بحجة ان هذا أفضل ما يمكن او نكاية بالماضي او انانية وافتقار للخيال السياسي.

‏حالة الانتظار هذه تعني الاستسلام للمشاريع الجريئة وان كانت بسقف غير وطني او ذات نزعة معادية للديمقراطية.

‏لا معنى لحوار وطني او جزئي ما لم تستوف شروط انجاز الحوار وهي: عدم الاحتكام للسلاح وعدم اقصاء اي طرف، 
‏الم نستفيد من تجربة تحضير الحوار الوطني؟

التعليقات