القبيح والشرير.. أيهما أسوأ على اليمن؟
الخميس, 20 يوليو, 2023 - 07:04 مساءً

بين حين وآخر، يطرح البعض مقارنات بين عهدي الرئيس عبد ربه منصور هادي والرئيس رشاد العليمي ضمن سياق تناولاتهم لتطورات الأوضاع السيئة في البلد.
 
لقد أوصلت هذه السياسات المدمرة الأوضاع إلى هذا الجحيم، كما سدت منافذ الأمل؛ نتيجة التلغيم الشامل لكافة مناحي الحياة.
 
الصورة واضحة: جغرافيا مقطعة الأوصال، تسرح وتمرح فيها مليشيات طائفية ومناطقية، ولا زالت سكاكين التمزيق تعمل ليل نهار.
 
ومع أنه ليس من الجيد إجراء مقارنات بين صفات القبح والشر، ولا بين ما يعد سيئا وأسوأ في مجال السياسة.
 
لكن الزعم بأن هادي كان على الأقل يعترض على سياسات تحالف السعودية والإمارات، ثم يعود إلى غيبوبته في فنادق الرياض، يعد هذا اجتزاء مخلا بالصورة الكاملة.
 
إذا كان هادي -حسب هذه المزاعم- قد قدم، خلال سنوات حكمه المخجلة، اعتراضات كثيرة على تخليه عن سيادة البلاد، يستطيع أيضا خلفه العليمي تقديم قائمة أخرى، يزعم فيها تجنيب البلد شرورا إضافية كثيرة، ويصنع بطولات عديدة لوقف مشاريع التحالف.
 
اليمن ما زالت أرضا بكرا، وفيها من الثروات والمغريات الكثير مما لم تتطلبه يد تحالف السعودية والإمارات.
 
إجمالا، يمكن القول إن هادي هو الكارثة الماحقة. هادي جاء على وضع مختلف. إجماع شعبي غير مسبوق لشرعيته. البلد كان كاملا السيادة، ويعيش لحظات توهج ثوري مطالب بمزيد من الكرامة والحماية.
 
كان اليمنيون على أهبة الاستعداد "للفزع" مع أول رئيس جنوبي من خارج دائرة الحكم المعروفة. هتفوا باسمه كثيرا. انتظروا أمام بوابة قصره في الستين من أجل الاصطفاف، ومنع سقوط الدولة.
 
أرادوا التطهر من سنوات الظلام الماضية؛ نظرا للتطورات الجديدة، والشعارات الحديثة التي أفرزتها ثورات الشعوب العربية.
 
لكنه خذل الجميع، وظل مختبئا في قصر الستين حتى طوّقته مجاميع همجية بسيطة. لاحقا استدعى تحالف السعودية والإمارات لهندسة تدمير البلد بشكل منهجي.
 
هادي، باختصار، وضع اللبنة الأولى لمشروع الخراب والدمار والتقسيم والتخلي عن السيادة بشكل كلي.
 
في أبريل قبل الماضي، جاء خلفه العليمي على وضع مدمر كليا، وبعد أن أضحت المؤامرة على اليمن بدرا مكتمل الضوء، وزادت السعودية أن وضعته على رأس إدارة 7 أعضاء من خلفيات أيديولوجية متباينة.
 
كانت مهمته، بلا شك، استكمال عمليات التقسيم وسط هذه الفوضى والتدهور المريع للوضع المعيشي والاقتصادي.
 
العليمي كرجل أمن عرف بإدارته المقتدرة لعدد من المناصب الأمنية الحيوية، ومنها وزارة الداخلية إبان حكم صالح، لكنه الآن عديم  القيمة، ولا إرادة التحالف، أو بيئة الأوضاع الداخلية، مشجعة له للعمل وفق رؤى وطنية.
 
ربما المنجز الذي قد يدعو هذا المجلس إلى التباهي يوما ما هو قدرته على التماسك وإدارة التباينات بين أعضائه.
 
كان من الواضح أن المجلس جاء من أجل استكمال مهام غير وطنية أرادها التحالف، وليس حتى بهدف التوحد في مواجهة الحوثيين، وقبِل العليمي هذه المهمّة.
 
بالمختصر: ما قيمة استدعاء متضادات الشر والقبح هذه في حياة أوضاعنا السيئة والكارثية إذا كانت محصلتها النهائية الفاجعة ما نشاهده الآن من دمار وتقسيم وانحدار إلى قاع الظلمات العميقة؟ ومن المؤكد أنه لا فضائل يمكن استخراجها من بين هذا الرُّكام.
 

التعليقات