تقدير أولي لسيناريوهات الرد الحوثي على هجمات إسرائيل الأخيرة ومدى نجاحها؟!
الجمعة, 05 سبتمبر, 2025 - 12:39 صباحاً

شكلت  الهجمات الإسرائيلية التي نُفذت يوم الخميس الماضي على الحوثيين واستهدفت اجتماع الحكومة في صنعاء مفاجأة صادمة للجماعةورغم محاولة الحوثيين إظهار التماسك في خطابهم العلني، إلا أن القراءة المتأنية تكشف أن الضربة كان لها تأثير معنوي عالٍ وقوي، سواء داخل صفوفهم أو في نظر المتابعين.


في التقدير الأولي، تعكس العملية تصميمًا إسرائيليًا واضحًا على استهداف العمق التنظيمي للجماعة والاقتراب من دوائر قيادية عليا، وهو ما يفرض على القيادة الحوثية التفكير جديًا في طبيعة الحماية أولا والرد ثانيا .


الحوثيون أمام معادلة صعبة لسببين: 


الأول استعادة الصورة المعنوية أمام جمهورهم الداخلي والخارجي، والتأكيد أن قدرتهم لم تتأثر رغم حجم الخسارة؛ 
والثاني إيصال رسالة مباشرة لإسرائيل بأن الجماعة ما زالت قادرة على الرد وأن الضربة لم تشل قوتها، حتى لو حاولوا حصر الخسائر في “مدنيين” فقط مع أن الواقع يقول إن هناك افرادا مهمين سقطوا في العملية؟


لكن مع ذلك، تبدو خيارات الرد الحوثي محدودة نسبيًا. فالجماعة جربت معظم أدواتها في السابق الطائرات المسيّرة، الصواريخ الباليستية، وضرب الممرات البحرية. 
ومع ذلك، لا تمتلك الجماعة ثِقلًا عسكريًا نوعيًا بحجم ما تمتلكه إيران، التي أظهرت قدرتها مؤخرًا في هجماتها المباشرة على إسرائيل. 


لهذا قد تضطر الجماعة إلى التفكير “خارج الصندوق” في طبيعة ردها القادم، موازنةً بين حاجتها إلى استعادة الردع المعنوي وبين ضعف إمكانياتها مقارنة بمحور طهران.


من بين السيناريوهات الممكنة أن يحاول الحوثيون استهداف أهداف بعيدة داخل إسرائيل عبر الطائرات المسيّرة أو الصواريخ الباليستيةغير أن هذا الخيار قد لا يحقق نجاحًا كبيرًا في ظل منظومات الدفاع الإسرائيلية المتطورة، إلا إذا تمكنوا من الوصول إلى هدف نوعي مثل منزل شخصية سياسية أو عسكرية أو مقر استخباراتي بارز، وهو أمر يحتاج إلى معلومات دقيقة واختراق استخباراتي عميق وقد لايكون هذا ممكنا.


خيار آخر يتمثل في إعادة تنشيط هجمات البحر الأحمر، عبر استهداف ناقلات أو سفن مرتبطة بإسرائيل أو مصالحها او هدف بحري مهم  


وربما يذهب الحوثيون أبعد من ذلك لاستهداف ميناء أومطار أو شركة مهمةبشكل مباشر في وقت الذروة لتعطيله نهائيا.
مثل هذا المسار قد يوجّه رسالة مؤلمة ويعيد الحوثيين إلى دائرة الاهتمام الدولي، لكنه يتطلب وقتًا للتخطيط واختيار هدف يحمل رمزية كبيرة.


كذلك قد يفكر الحوثيون في استخدام الصواريخ الانشطارية التي تنقسم إلى أكثر من مقذوف عند الاقتراب من الهدف، لتجاوز القدرات الاعتراضية الإسرائيلية غير أن هذا الخيار يتطلب خبرة وتجارب متكررة لتقليص نسبة الفشل، كما أن منظومة الدفاع الإسرائيلية قادرة على مواجهة جزء كبير منه.


في النهاية، الحوثيون ليسوا إيران، ولا يمتلكون دولة بوزنها ولا قواعد اشتباكها. لكنهم من جهة أخرى ليسوا جماعة مترددة؛ فأي وسيلة متاحة يمكن أن تُلحق أذى بإسرائيل قد يلجأون إليها، حتى لو كان الثمن باهظًا. بالنسبة للجماعة، إثبات القدرة على الرد أهم من أي حسابات أخرى.


وهنا يفتح المشهد سؤالًا آخر: إذا كان الحوثيون سيبحثون عن ردٍ مؤلم بأي وسيلة، فماذا عن محور إيران ككل الذي تلقى ضربات قاسية من إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة؟ 

هل نحن بصدد دخول مرحلة جديدة وأوسع من الحرب، عنوانها ليس من سيفوز، بل من سيتحمّل الخسارة أكثر.

التعليقات