علي عشال

علي عشال

عضو مجلس النواب اليمني

كل الكتابات
افتهان المشهري واغتيال روح مدينة تعز وإنسانيتها
الجمعة, 19 سبتمبر, 2025 - 06:39 مساءً

ليست حادثةً عابرة، ولا جريمةً فرديةً تُسجَّل ضد مجهول؛ إن اغتيال الأستاذة إفتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، هو اغتيال لروح المدينة بأكملها، وطعنة غادرة في خاصرة إنسانيتها المتعبة. فتعز لن يكسرها الإرهاب والعبث، لكن الذي سيكسرها هو تَخاذُل المسؤولين فيها، وتقصير الأجهزة الأمنية عن القيام بواجبها، وإهمال سلطات الدولة في تقديم الدعم اللازم لها.

الأستاذة إفتهان محمد المشهري عُرفت بإخلاصها وتفانيها في عملها، لم تكن تملك سوى راية النظافة ترفعها  وإرادة الحياة والتغيير ، تنظّف الشوارع بروحها قبل أن تنظفها بجهد عمّالها، وتحاول أن تزرع في وجه المدينة المرهق شيئًا من البهاء والنظام. لم تحمل سلاحًا، ولم تُشعل فتنة، بل حملت همّ الناس ورسالة الجمال في مدينة أرهقها الحصار والخراب.

فأيُّ يدٍ هذه التي امتدّت لتُطفئ شعلة الأمل؟ وأيُّ قلبٍ ذاك الذي تجرد من كل إنسانية ليُطلق النار على امرأة لم تملك إلا الإخلاص لمدينتها؟ إنها ليست جريمةَ قتلٍ لامرأةٍ فحسب، بل جريمةُ اغتيالٍ للقيم، للضمير، ولما تبقّى من شرف المسؤولية في واقعٍ ينهشه الفساد والفوضى.

إن هذه الجريمة يجب ألا تُترك للزمن ليطويها، ولا للبيانات الرسمية الباردة لتخدّرها، بل يجب أن تتحوّل إلى محاكمة مفتوحة للعبث وللعابثين، ومحاكمةٍ للمسؤولين الذين قصّروا في واجبهم ولم يؤدّوا مهامهم.

إن دماء إفتهان لا ينبغي أن يطويها النسيان، بل يجب أن تكون علامةً فارقة تقول لنا: إن تعز تحتاج إلى صحوة، إلى موقفٍ جادٍّ من كل صاحب ضمير من أبنائها، إلى وقفة شرفٍ لا تقلّ عن شرف تلك المرأة التي اختارت أن تكون خادمةً لمدينتها، فاختارها الغدر شهيدةً لها.

رحم الله إفتهان المشهري، وأسكنها فسيح جناته، وتقبّلها مع الشهداء والصالحين.

والخزي والعار لقاتليها المجرمين الأنذال

خالص العزاء لوالدها العزيز أستاذنا الفاضل محمد المشهري، ولكل أفراد أسرتها الكريمة، وجميع أصدقائها ومحبيها .
 
 

التعليقات