علي عشال

علي عشال

عضو مجلس النواب اليمني

كل الكتابات
حاجتنا لنداء أكتوبر
الثلاثاء, 14 أكتوبر, 2025 - 04:59 مساءً

لم تقتصر أهميةُ ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة على كونها شرارةَ التحرر من نير الاستعمار البريطاني ومخلفاته السياسية والاجتماعية فحسب، بل تجاوزت ذلك لتشكّل منعطفًا تاريخيًا فارقًا في مسار النضال الوطني اليمني، إذ كانت الأساس الذي قامت عليه الدولة اليمنية الحديثة في جنوب الوطن.
 
لقد كانت هذه الثورة امتدادًا طبيعيًا لنضالات الشعب اليمني في الشمال والجنوب معًا ضدّ كلّ أشكال التبعية والتجزئة، ومثّلت الإرادةَ الجماعية التي أذابت الفوارق المناطقية والقبلية، فجمعت الكلمة، ووحّدت الهدف، ورسّخت مفهوم الهوية الوطنية الواحدة.
 
إنّ القيمة التاريخية الكبرى لثورة أكتوبر تتمثل في قدرتها على إنتاج كيان سياسي جامع استطاع أن يوحّد تلك السلطنات والمشيخات المتفرقة في إطار دولةٍ واحدةٍ ذات سيادةٍ وطنية، تتحدث باسم كلّ اليمنيين في دون تمييز أو إقصاء. ومن خلال هذا التحوّل البنيوي، تأسست ملامح الدولة المؤسسية الحديثة، القائمة على النظام والقانون والمواطنة المتساوية، بعد أن كان الحكم يعتمد على الولاءات الضيقة والانقسامات الموروثة.
 
وكم نحنُ بحاجةٍ اليوم إلى أن نُصغي من جديد إلى نداء أكتوبر، إلى ذلك الصوت الذي دوّى في جبال ردفان ووديان الجنوب، ليوقظ فينا جذوةَ الانتماء، وليُعيد إلى الذاكرة معنى أن يكون للوطن كيانٌ واحدٌ لا يتجزأ، ورايةٌ واحدة لا تُنكس.
 
نعم، نحن بحاجةٍ إلى أن نتذكّر أهداف ثورة الرابع عشر من أكتوبر ومنطلقاتها السياسية والوطنية، لا كمجرد صفحاتٍ في كتاب التاريخ، بل كمنهجٍ حيٍّ لإصلاح واقعٍ تاهت فيه البوصلة، وتكاثرت فيه الأصوات التي تُنادي بمشاريع صغيرة تُهدّد وحدة الوطن وتُضعف لُحمته.
 
فلنستدعِ اليوم روح أكتوبر لتكون نبراسًا للتصحيح والوعي، ولنعِ أن كل انحرافٍ عن مبادئها إنما هو انحرافٌ عن معنى الكرامة ذاتها. فالوطن الذي وُلد من رحم الثورة لن تقبل تربته بذور التقسيم، لأن جذوره ممتدة في عمق الأرض، وسُقياه من دماء الأحرار الذين آمنوا أن الحرية لا تُجزَّأ، وأن اليمن الكبير هو البدء والخاتمة
*من صفحة الكاتب على فيسبوك

التعليقات