انتهاء عقد من مشاريع التخريب الإرهابية للإمارات في اليمن
الاربعاء, 31 ديسمبر, 2025 - 12:06 صباحاً

يمثّل القرار الجريء والتاريخي الذي أعلنه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الدكتور رشاد محمد العليمي، محطة مفصلية في مسار الدولة اليمنية، إذ يضع حدًا لسنوات من الشراكة المعقدة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي شراكة شابتها اختلالات سياسية وأمنية عميقة. ويتزامن هذا القرار مع إعلان أبوظبي سحب ما تبقى من قواتها من اليمن، في خطوة تعكس نهاية مرحلة طويلة من تدخلات لم تنسجم في كثير من جوانبها مع أهداف الدولة اليمنية ومؤسساتها الشرعية.
 
خلال السنوات الماضية، تعرّضت الدولة اليمنية لتحديات جسيمة نتيجة دعم دوله الإمارات لتشكيلات مسلحة خارج إطار المؤسسات الرسمية، وما رافق ذلك من إضعاف لسلطة الدولة وتقويض لوحدتها، تحت عناوين متعددة، من بينها مواجهة جماعة الحوثي. غير أن الواقع الميداني والسياسي أظهر أن هذه السياسات أسهمت في تعقيد الصراع، وأعاقت مسار استعادة الدولة، وأنتجت مراكز قوى متنازعة أضرت باليمن شمالًا وجنوبًا وصارت تشكل تهديدا خطيرا على اليمن وأمن المنطقة ودول الجوار.
إن المرحلة الراهنة تفرض على اليمنيين مسؤولية وطنية مضاعفة، تتمثل في الالتفاف حول مؤسسات الدولة الشرعية، وتعزيز سيادة القانون، ومواجهة أي جماعات مسلحة تعمل خارج إطار الدولة، ورفض كل أشكال الارتباط أو الولاء الخارجي التي تتعارض مع المصلحة الوطنية العليا وسيادة القرار اليمني.
 
وفي هذا السياق، تبرز أهمية اتخاذ إجراءات قانونية واضحة وحازمة تجاه أي قيادات أو كيانات يثبت خروجها عن التوافق الوطني، أو تورطها في ممارسات تتنافى مع مهامها ومسؤولياتها الدستورية، بما يضمن وحدة القرار السيادي وحماية مؤسسات الدولة من التفكك أو الاستقطاب. على الرئيس اليوم ان يصدر قرارات واضحة لتسميه قيادات المليشيات المتمردة التي تعمل ضد مؤسسات الدولة ونزع الصفة الشرعية من هذه القيادات التي ارتهنت للمشروع الإماراتي الصهيوني على حساب مصلحه اليمنين.
 
كما يتوجب على أبناء اليمن دعم الخطوات القانونية التي أعلنها رئيس مجلس القيادة الرئاسي لمعالجة مظاهر التمرد والانفلات الأمني في عدد من المحافظات، وفي مقدمتها حضرموت والمهرة، وإنهاء وجود التشكيلات المسلحة التي تفرض نفسها كأمر واقع خارج سلطة الدولة، وتدّعي تمثيل مكونات اجتماعية أو مناطقية وتدعي تمثيل الجنوب دون تفويض وطني جامع.
 
لقد حرص الرئيس العليمي، وبالتنسيق مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، على تبني نهج الشراكة الوطنية، وإشراك مختلف الأطراف في مؤسسات الدولة التنفيذية بما فهيم المجلس الانتقالي والجنوبيين، حقنًا للدماء، وإيمانًا بإمكانية الوصول إلى تسوية وطنية شاملة. غير أن إصرار بعض القوى الانتهازية على انتهاج سياسات أحادية، ومحاوله فرض مشاريع قرويه مناطقية ورفضها العمل ضمن مؤسسات الدولة، أسهم في تعقيد المشهد السياسي، وعرقلة أي أفق حقيقي للاستقرار، لا سيما في المحافظات الجنوبية.
 
إن ما شهدته حضرموت مؤخرًا من حشود وتوترات عسكرية يعبّر عن خطورة الانزلاق نحو مشاريع صدامية لا تخدم تطلعات المواطنين في بناء دولة مستقرة، بل تعمّق الانقسامات وتبدّد ما تبقى من فرص قيام دولة حديثة قائمة على الأمن والشراكة والتنمية.
 
ولا تزال التحديات التي تواجه اليمن كبيرة، في ظل ممارسات أحادية تعيد البلاد إلى مربع الأزمات، وتضع المصالح الوطنية في دائرة الصراعات الإقليمية. ومع ذلك، يبقى الحفاظ على مؤسسات الدولة، وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني، الخيار الوحيد الممكن لضمان مستقبل اليمن، مهما كانت كلفة هذا الخيار.
 
إن المرحلة القادمة ستكون مرحلة اختبار صعب، تتطلب حسمًا وطنيًا لاستعادة هيبة الدولة، وإنهاء ظاهرة المليشيات والجماعات المسلحة، خصوصًا في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية. وهي معركة لا غنى عنها لحماية سيادة اليمن، وتأمين ممراته الحيوية، وترسيخ سلطة الدولة ومؤسساتها الشرعية.
 
لقد أثبتت التطورات الأخيرة موقف المملكة العربية السعودية الداعم لليمن، ولمشروع الدولة اليمنية، في مواجهة الفوضى والتفكك، وهو موقف سيظل حاضرًا في الذاكرة الوطنية اليمنية بوصفه موقف الجار والسند في لحظة تاريخية فارقة. ان موقف المملكة اليوم الاخوي أنهى عقد من مشاريع الارهاب التخريبية التي مولتها الإمارات لسنوات.
 
وفي هذا الإطار، تبرز حضرموت اليوم نموذجًا للتكاتف الوطني، حيث تقف مختلف مكوناتها الاجتماعية صفًا واحدًا خلف الدولة وقيادتها الشرعية، مطالبةً بمزيد من الإجراءات القانونية التي تكفل حماية الأمن والاستقرار، ومنع أي عبث أمني أو عسكري يهدد السلم الاجتماعي ووحدة المحافظة.
 

التعليقات