[ أكثر من ثمانين قتيلا وجريحا أغلبهم من الأطفال ضحايا القصف الحوثي خلال الأيام الأخيرة ]
صعدت مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية وبشكل لافت، استهدافها للمدنيين ومحاولة التقدم في بعض الجبهات بتعز، وهو الأمر الذي لم تنجح فيه.
أكثر من ثمانين قتيلا وجريحا أغلبهم من الأطفال، كانوا ضحايا القصف الهستيري الذي شهدته تعز طوال الثلاث الأيام الأخيرة.
تزامن هذا التصعيد الذي قام به الانقلابيون مع التحركات المكثفة التي يقوم بها المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، من أجل استئناف مشاورات السلام، والأخرى التي تتم في ألمانيا برعاية الأمم المتحدة ودول أوروبية.
وباستخدام الحوثيين للعنف واستهدافهم للمدنيين، يقطعون بذلك الطريق أمام فرص حل الأزمة اليمنية بطريقة سليمة، خاصة أنه كان من المتوقع أن يتم الإعلان عن هدنة لاستكمال طريق المشاورات غير المفروش بالورود حتى اللحظة.
كما جاء كذلك عقب المبادرات التي قدمتها قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح)، لتعكس بذلك المليشيا -كما يقول متابعون- عدم رغبتها في السلام مع استمرارها باستهداف المدنيين في تعز.
إعاقة تحرير الحديدة
ويعتبر المحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني، تصعيد مليشيا الحوثي وصالح الجديد في تعز، بأنه استمرار لجرائم الانقلابيين بحق المحافظة وأبنائها الرافضين لهم، والذين تستهدفهم آلة القتل والتدمير التابعة للحوثيين منذ أكثر من عامين.
وحول دلالة توقيت ذلك العنف -أفاد الهدياني لـ"الموقع بوست"- أنه يشير إلى سعي الانقلابيين لفتح بؤرة في تعز، وإحراز نصر قد يمنع الشرعية والتحالف العربي المساند لها، من المضي باتجاه تحرير الحديدة واستعادة مينائها الحيوي الخاضع لسيطرة الحوثيين.
لكن الواقع على أرض المعركة في تعز يقول إن القوات الشرعية تحقق انتصارات ملحوظة، بينما تقوم المليشيا الانقلابية بالانتقام من المدنيين، كما يؤكد الهدياني.
وتطرق المحلل السياسي اليمني إلى التضحيات التي تقدمها تعز من بداية الحرب، واستمرار صمودها في وجه الانقلاب، وتسطيرها والجيش الوطني في الجبهات ملاحم بطولية رغم شحة الدعم المقدم للمحافظة.
وتمكنت القوات الشرعية خلال الثلاث أيام الماضية، من التقدم في عدة مناطق في الجبهة الشرقية والغربية من المدينة.
تصعيد عبثي
ويصف المحلل السياسي محمد الغابري تصعيد مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية في تعز خلال الأيام الأخيرة بالعبثي.
لكنه أشار -في حديثه مع "الموقع بوست"- إلى تزامن ذلك مع وجود ولد الشيخ، وهو ما يعني سعيهم لتحسين مركزهم إن حدثت مشاورات.
لكن الغابري في الوقت ذاته لفت إلى عملية تحرير عدن قبل أكثر من عامين، قائلا وبلهجة ساخرة "لو كان لدى الحوثيين منطقا، لكانت الأزمة قد انتهت عقب فقدانهم لتلك المحافظة ومحيطها".
ضوء أخضر دولي
ومع استمرار استهداف الانقلابيين للمدنيين بتعز، توالت الدعوات لإنقاذ تعز، إذ طالب نشطاء وكتاب وسياسيون التحالف العربي والشرعية بتخليص تعز التي تعيش في ظل الحصار، والقصف العشوائي الذي يستهدف المدنيين.
ويعتقد الباحث والكاتب ثابت الأحمدي أن الحرب على تعز لن تتوقف، وهو جزء من المسلسل الدموي، الذي يخف تارة ويعود أخرى.
وتعز -كما يؤكد الأحمدي لـ"الموقع بوست"- هي المستهدفة بدرجة رئيسية من قِبل مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية وبضوء أخضر دولي.
وحول سبب التواطؤ الدولي، يبيَّن الأحمدي أن تعز تمثل حاضنة سنية واسعة، مثلها مثل الموصل بالعراق أو حلب في سوريا، المدينتان السنيتان الواسعتان اللتين تم استهدافهما بعنف.
ويهدف الانقلابيون من خلال تصعيدهم في تعز إلى إثبات وجودهم، وليقولوا للعالم "نحن هنا، ولا زلنا أقوياء"، على حد قول الأحمدي.
المحافظة ذات الثقل
ويقوم الانقلابيون -كما يؤكد المحلل السياسي عبدالغني الماوري- باستهداف تعز في كل الأوقات، وكلما سنحت لهم الفرصة يقومون بايذائها.
وعن أهمية تعز -ذكر لـ"الموقع بوست"- أن السيطرة على تعز مهمة للغاية، كونها المحافظة الأكثر سكانا وتأثيرا من النواحي الثقافية والسياسية والاقتصادية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعز تمثل الجزء الأكثر صلابة في مواجهة الانقلاب، وكسر هذه المحافظة يعني أن الحوثيين أنجزوا خطوة مهمة لإعادة الإمساك بزمام الأمور، كما يضيف الماوري.
وتعيش تعز منذ مارس/آذار 2014 في ظل حصار فرضته المليشيا الانقلابية، ومعارك وقصف عشوائي مستمرين، ذهب ضحيتهما آلاف المدنيين الأبرياء.