معركة كسر العظم بين الحكومة وأدوات الإمارات في جنوب اليمن.. ما السيناريوهات المتوقعة؟
- خاص الإثنين, 02 سبتمبر, 2019 - 08:16 مساءً
معركة كسر العظم بين الحكومة وأدوات الإمارات في جنوب اليمن.. ما السيناريوهات المتوقعة؟

[ تصعيد الانتقالي الجنوبي في عدن وشبوة ]

تمكنت دولة الإمارات العربية المتحدة من كسر تقدم قوات الجيش الوطني واستعادتها السيطرة على العاصمة الموقتة عدن بعد أن كانت قاب قوسين أو أدنى، وباتت على مداخل مدينة عدن وتوغلت في بعض مديرياتها، وسط حالة انهيار تام لمليشيات المجلس الانتقالي المتمردة المدعومة من أبو ظبي.

 

15 غارة جوية -بحسب وزير النقل اليمني صالح الجبواني- نفذها طيران دولة الإمارات، كانت قاصمة لظهر القوات الحكومية واضطرتها للانسحاب إلى محافظة شبوة بعد سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في صفوفها، والتي جاءت بعد أن قررت أبوظبي التدخل لإنقاذ المليشيات الانقلابية التابعة لها، فتغيرت المعادلة العسكرية واستعادت مليشيات الانتقالي السيطرة على مدينة عدن ومحافظتي لحج وأبين.

 

وفي الوقت الراهن تثار التساؤلات: ما خيارات الحكومة اليمنية إزاء ما حصل؟ وما السيناريوهات المتوقعة؟

 

عودة الشرعية

 

من الواضح أن الجيش الوطني لم يهزم بمواجهة عسكرية مع قوات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، رغم فارق التسليح الذي تمتلكه الأخيرة وبدعم من الإمارات. ففي محافظتي شبوة وأبين، لم تستطع مليشيات الانتقالي الصمود أمام قوات الجيش الوطني بضع ساعات برغم الترسانة العسكرية الضخمة التي تمتلكها والدعم الغير محدود الذي تتلقاه من أبو ظبي، وكانت قوات الجيش الوطني على أبواب مدينة عدن، وبدأت التوغل في مديرياتها وسط انهيار تام لقوات الانتقالي، غير أن ضربات الطيران الإماراتي اضطرتها للانسحاب إلى منطقة العلم (مدخل مدينة عدن)، وهو ما أكده الرئيس عبد ربه منصور هادي في بيان له بوقت سابق.

 

وبناء على المواجهات السابقة وموازين القوة العسكرية، فإن الحسم العسكري سيكون من نصيب الجيش الوطني في حال تم تحييد الطيران الإماراتي.

 

أقاليم

 

يشير توقف التدخل الإماراتي عن استهداف قوات الجيش الوطني في شبوة إلى احتمالية أن يكون الهدف من كل ما جرى تنفيذ مخرجات الحوار اليمني القاضي بكون محافظات جنوب اليمن إقليمين.

 

وبرغم معارضة المجلس الانتقالي والحكومة اليمنية لهذا المشروع، باعتبار المجلس الانتقالي يرى في كل المحافظات الجنوبية أرضا واحدة ويسعى لبسط سيطرته على معظم أجزائها بحسب البيانات الصادرة عنه، وباعتبار الحكومة والرئاسة اليمنية ترى فيما حدث انقلابا واضحا عليها ولا بد من استعادة وبسط سلطتها على المحافظات الواقعة تحت سلطة المجلس الانتقالي.

 

سيطرة الانتقالي

 

من جانبه يمتلك المجلس الانتقالي قوة عسكرية أيضا لا يستهان بها، لكن ما هو مؤكد أن المجلس الانتقالي سيستمر في بسط سيطرته العسكرية على المحافظات الجنوبية في حال استمرار دعم أبو ظبي لانقلاب المجلس الانتقالي على الحكومة اليمنية واستمرار التدخل لصالحها عبر استهداف قوات الجيش الوطني بالغارات الجوية.

 

وبالتالي ستكون الحكومة اليمنية والتحالف العربي لدعم الشرعية في وضع صعب، فالانقلاب على السلطات الشرعية يفقد التحالف العربي مشروعية تدخله العسكري في اليمن.

 

تحالف دولي

 

تشير بعض الأحداث والمواقف إلى احتمالية وقوع سيناريو مغاير لكل ما سبق، وهو سيناريو القضاء على شرعية الرئيس هادي ومشروعية تدخل التحالف العربي العسكري وإنشاء تحالف دولي تحت مبرر ولافتة محاربة الإرهاب.

 

وهذا السيناريو كان بيان دولة الإمارات العربية المتحدة الأخير دعا إليه بوضوح، فقد دعا المجتمع الدولي لضرورة التحرك في اليمن لمكافحة الإرهاب.

 

ويلاحظ في هذا السياق التركيز الكبير لوسائل الإعلام التابعة لأبو ظبي على هذا الجانب وتوجيه اتهامات مباشرة للحكومة اليمنية بدعم الإرهاب وتشجيعه، وإظهار المليشيات التابعة لها في دور المحارب والمكافح للإرهاب، خصوصا بعد التصعيد المتواصل للرئاسة والحكومة اليمنية ضد تدخلات دولة الإمارات وطلب طردها من التحالف العربي لدعم الشرعية.

 

ويعتقد أن أبو ظبي أيقنت بقرب طردها من التحالف العربي فلجأت إلى ورقة الإرهاب كمبرر ولافتة تتمكن من خلالها بالاستمرار في التدخل العسكري في اليمن وتنفيذ أجندتها ومشاريعها عبر أدواتها المحلية.

 

تهيئة لإقليمين

 

الصحفي اليمني إبراهيم علي ناجي، يرى أن تدخل الطيران الإماراتي وتراجع الجيش الوطني إلى العرقوب، ووصول قوات الحزام إلى زنجبار أبين بنفس الطريقة التي أوصلت الجيش لمشارف عدن خلال اليومين الماضيين يؤكد تهيئة الجنوب لأن يكون إقليمين.

 

وأكد ناجي -في منشور له على فيسبوك- أن الحرب القائمة ما هي إلا مخاض عسير للوصول للهدف المرسوم سلفا، وبالتالي التعايش والقبول به كأمر واقع.

 

اقتتال داخلي

 

الباحث والمحلل السياسي اليمني نبيل البكيري من جانبه قال إن الجنوب اليمني المحرر دخل مرحلة تعقيدات كبيرة محلية وإقليمية.

 

وأوضح البكيري في حديثه لـ"الموقع بوست" أن أبرز تلك السيناريوهات هي الحرب الداخلية بين فصائل الجنوب أولا، مؤكدا أن ذلك سيفتح الباب واسعا أمام مرحلة سياسية أكثر قتامة.

 

ستنتصر الشرعية

 

الكاتب والصحفي اليمني عبد الرقيب الهدياني اعتبر أن الواقع والمنطق والمصلحة الدولية وأمن اليمن يقول "إنه لا بد أن يكون هناك دولة على كامل التراب اليمني، وهي شرعية وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والتي لا يزال يعترف بها العالم ويتخاطب معها".

 

وقال "لا يوجد مع شرعية الرئيس هادي أي صدام مع أحد، فكل ما يصدر عن كل دول العالم لا يزال يؤكد على شرعية هذه الدولة، رغم ضعفها الآني والظروف التي تمر بها فهي المظلة التي لا يمكن تجاوزها".

 

وأجاب الهدياني عن تساؤل مهم في هذا السياق: ما الذي يرجح استمرارية شرعية الرئيس هادي والحكومة اليمنية؟، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب أولها أنه لا وجود لمشروعية غيرها، وتمتعها بحاضنة شعبية.

 

وأكد الهدياني أن الأطراف الأخرى التي تنازعها لا تمتلك مشروع لليمن ومشروع للاستقرار، فمعظم الذين ينازعونها -حسب الهدياني- لديهم مشاكل في ذاتهم، مشيرا إلى كون الحوثيين ليسوا إلا جماعة عنصرية مذهبية متطرفة، ومليشيا لا يمكن أن يقبلها اليمنيون.

 

وتابع الهدياني بالقول "جماعة الحوثي ليست إلا 15% من اليمنيين، أما المجلس الانتقالي فهو لا يمتلك الحاضنة والقبول فهو يمثل 5 % من جغرافيا وسكان الجنوب"، مبينا أن "عمقه الجغرافي هي لحج فقط".

 

واستدل الهدياني على صحة ذلك بالإشارة إلى أن أحداث أغسطس أكدت أن الانتقالي مرفوض في شبوة وعدن التي قال إنه سقط فيها شعبيا قبل أن يدخل الجيش عدن، وكذلك الحال في سقطرى وحضرموت والمهرة.


التعليقات