أحمد الشلفي

أحمد الشلفي

كاتب وإعلامي يمني

كل الكتابات
ثلاثة وأربعون حلما
الإثنين, 12 أبريل, 2021 - 03:36 مساءً

اليوم بدأت عاما ثالثا بعد الأربعين وقد عودت نفسي مذ دلفت الأربعين على كتابة نص شعرا كان أونثرا  كلما حل هذا اليوم.
 
لعلها أوبة الشاعر إلى ذاته، أو لعله شعور بأن ما بعد الأربعين لن يكون كما قبله احتفاء بالكلمة وتأثيرها في حياتي.
 
 لدي ابنة في الصف العاشر لا تحب أعياد الميلاد وتتمنى ألا نحتفل بعيد ميلادها.
 
 هل يذكرها ذلك بشيء كما يذكرنا  أننا نكبر مع دخول كل عام جديد؟ لا أدري!
 
 أنا وهي نتشابه في كثير من الأمور ولا يلاحظ أحد غيري ذلك ومن بين هذه الأمور أنني لا أنتظر أن يحتفي أحد بعيد ميلادي أوبالأحرى لا أحب الإحتفاء ، لذلك لا أنتظر ولا أطلب.
 
هي أيضا مثلي لا تنتظر ولا تطلب بل ولا تحب الإحتفال بذكرى مولدها.
 
كبرت أنا الآن ولم اعد بانتظار من يحتفي بعيد ميلادي ولم يعودني أحد في طفولتي الشقية أن تجتمع العائلة حولي وتفاجئني كما نفعل مع أطفالنا ونحتفل بأعياد ميلادهم فنحن لانفعل ذلك في الريف ولا في المدينة.
 
هذا شيء له علاقة بطبيعة حياتنا الأولى وبيئتنا التي لم تكن تعرف هذه الطقوس بل وتستنكرها ولاشك أن كثيرين في مجتمعنا ينكرونها حتى الآن.
 
بالنسبة لي فقد عشت خارج حدود الطفولة أعارك الحياة جهدا وطموحا ومحاولات ولم تتوقف دوخة الحياة لحظة لتمنحني رفاهية الإحتفال بيوم مولدي ، أما الآن  فقد اكتشفت أنني غير مهتم بهذا الطقس بتاتا ربما لأنني لم أتعود عليه وربما لأسباب أخرى.
 
مرات قليلة احتفي بعيد مولدي لكن المرة التي لا أنساها لطرافتها في ذكرى ميلادي الأربعين عندما فاجئني الأصدقاء غمدان  وسمير وصدام وحمدي بعد الثانية عشرة فجرا في الدوحة بكيكة عيد ميلاد ظلوا يبحثون عنها ساعات بسبب تأخر الوقت وظل أحدهم واعتقد أنه حمدي يحاول أن يلهيني للإنتظار  حتى يشتري الآخرون الكيكة وأغراض الإحتفال وكان يوما جميلا والدليل أنه لازال يتراقص في ذاكرتي ، وأشكرهم على ذلك اليوم البهيج.
 
عندما يبدأ الواحد منا فتح  عينيه على التفاصيل الصغيرة التي تصنع شيئا مختلفا في حياته يرى كم أن هذه التفاصيل البسيطة قد تصنع فارقا ، ثم يشعر بالأسى لأنه لم يعرها اهتماما، يكون ذلك وقد تسرب العمر من بين أصابعه لكني أرى  أنه بالإمكان استعادة كل ذلك ولوكان في لحظة قصيرة  فمابالك لو مد الله في العمر طويلا.
 
 في الثالثة والأربعين لا أخالني اعترف بأني أسير باتجاه خريف العمر بل أخطو واثقا نحو ربيعه، ويوقظني من حلم ربيع العمر هذا أن أكبر أبنائي بنت جميلة وذكية في العشرين من عمرها وفي بداية عامها الجامعي لكن مايخفف عني أن أصغر أخوتهاوهو الخامس بين أولادي طفل يدخل شهره الخامس ، وهي مفارقة جميلة تنسيك ألم الأرقام التي تمنحك الكبر.
 
التفاصيل الصغيرة هي ملح الذاكرة وفرحها، وعام جديد آخر في حياتنا إضافة جديدة للتجربة الثرية التي منحنا الله أياها ، وفرصة أخرى للحب وللإعتذار والمراجعات الذكية، ولتفقد العواطف والمشاعر ، لكبح جموح الخصومات والعدوات والأحقاد ، وللعبور على جسور الألم والندم، ولمنح الآخرين صفحات جديدة في دفاترنا ، للتمني والطموح والتجديد ولانتظار كل شيء،  الغائبون ليعودوا، والعاتبون ليصفحوا، والغاضبون ليرحلوا، وكل شيء كتب في لوحنا الأبدي ، اللوح الذي خطته يد الغيب.
 

التعليقات