أُرجّح أن جماعة الحوثي لن تعود إلى مهاجمة السفن أو إسرائيل فالحرب في غزة توقفت، ومعها تلاشت المبررات التي استندت إليها الجماعة لتبرير هجماتها باسم “نصرة غزة”. ثم إن الحوثيين لم يعودوا في وضع يسمح لهم بخوض مواجهة جديدة مع إسرائيل أو أمريكا.
فالضربات التي تلقتها الجماعة خلال العامين الماضيين لم تمرّ دون أثر.
مقتل الحكومة بكامل أعضائها، والإعلان عن مصرع رئيس الأركان محمد عبد الكريم الغمّاري مؤخرا لم يكونا حدثين معزولين، بل جزءًا من سلسلة طويلة من الخسائر داخل جسد الجماعة العسكري. حتى بياناتها الأخيرة بما فيها خطاب عبدالملك الحوثي اعترفت بمقتل عدد من قياداتها الميدانية في القوات البرية والبحرية والجوية، وهو اعتراف غير مألوف ولذلك جاء متأخرا.
أمام هذه الوقائع، يبدو أن الحوثيين يدخلون مرحلة إعادة تقييم شاملة:
• لترميم هياكل القيادة.
وللابتعاد عن التصعيد الخارجي، والاكتفاء بتثبيت مناطق السيطرة داخل اليمن.
• وللاستفادة من الهدوء الإقليمي الذي فرضه وقف النار في غزة، لبناء حضور سياسي وإعلامي أكثر تماسكًا.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن:
هل يعني ذلك أن الطرف الآخر — إسرائيل والولايات المتحدة — سيطوي الصفحة بدوره؟
أم أن ما بدأ كضربات ردع، سيتحوّل في المرحلة المقبلة إلى عقاب ممنهج يهدف إلى إضعاف الحوثيين أكثر، وشل قدرتهم على استعادة توازنهم العسكري؟
الإجابة، على الأرجح، ستتوقف على سلوك الحوثيين خلال الأشهر القادمة، وعلى ما إذا كانت إسرائيل وأمريكا تميلان إلى تهدئة دائمة أم إلى سياسة استنزاف طويلة تُبقي الجماعة تحت الضغط دون السماح لها بإعادة بناء قوتها.
ومع هذا كله، يبرز سؤال آخر لا يقل أهمية:
في ظل تصاعد الهجوم الإعلامي الحوثي على السعودية والإمارات، هل يعكس هذا الخطاب شعورًا بالخطر من ترتيبات تُحاك في الخفاء؟ أم أنه مجرد استعراضٍ محسوب للقول نحن هنا ومحاولة لرفع سقف المكاسب في أي تسوية قادمة؟
ما يمكن الجزم به أن الحوثيين في مرحلة مراجعة صامتة، يدركون فيها أن المغامرة مجددًا قد تكون نهاية اللعبة لا استمرارها.