عادل الشجاع

عادل الشجاع

عضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل

كل الكتابات
اغتيال “أمل تعز”: من الذي قتل افتهان المشهري؟
الجمعة, 19 سبتمبر, 2025 - 04:43 مساءً

افتهان المشهري لم تكن مجرد موظفة، لم تكن سيدة مكتب أو مديرة صندوق نظافة وحسب، بل كانت امرأة اختارت أن تحمل مكنسة الأمل وتخوض بها معركة ضد ركام القذارة والإهمال والفساد، أرادت أن تنظف تعز من القمامة، لكن المدينة التي تغرق في الخراب اختارت أن تغتالها..

في يوم أسود لن تنساه تعز، سقطت افتهان برصاصة غدر، رصاصة لم تكن موجهة إلى جسدها فقط، بل إلى فكرة الحياة نفسها، إلى كل من يحلم أن يحدث فرقا، إلى كل مواطن يريد أن يرى شوارع مدينته نظيفة كما قلبه، سقطت افتهان، وسقط معها ما تبقى من وهم أن في تعز دولة..

من قتل افتهان؟ القاتل معروف، وسيمسكونه، لا شك في ذلك، لكن الجريمة أعمق من مجرد أداة، القاتل الحقيقي لا يختبئ خلف البندقية، بل يجلس على الكرسي، يوقع القرارات، ويغض الطرف، ويسمح للرصاص أن يطلق على من يحاول بناء الحياة!.

القاتل الحقيقي هو محافظ تعز الذي عجز عن فرض الأمن، هو مدير الأمن الذي لم يعد يعرف الفرق بين المجرم والمواطن، هو قائد المحور الذي انشغل بالحرب عن السلام، هي القيادات الحزبية التي قبلت بأن تتحول تعز إلى مزرعة للمليشيات والسلاح والسقوط الأخلاقي..

هذه ليست أول جريمة، لكنها الأولى من نوعها: أول اغتيال لامرأة في اليمن بسبب عملها المدني، لأنها ببساطة أرادت أن تنظف مدينة ملأتها المليشيات بالخراب، كم هو مرعب أن تصبح النظافة جريمة، وأن يصبح غرس الأمل خطرا على الحياة، وأن تصبح افتهان هدفًا فقط لأنها تجرأت أن تحلم لمدينتها بما لم يحلم به القادة!.

على وسائل التواصل أن تصرخ، وعلى الناس أن يغضبوا، وعلى الشارع أن ينتفض، لأن الصمت بعد الآن جريمة، ولأن افتهان ليست وحدها، ولأن القادم سيكون أسوأ إن لم يحاسب من سمح لهذه الرصاصة أن تنطلق..

نعم، سيحاكم القاتل، لكن التاريخ لن يغفر لقيادات تعز، إن لم يحاكم من شرع الفوضى، ومن حمى القتلة، ومن زرع الموت بدل الأمل..

افتهان المشهري لم تكن مجرد ضحية، بل كانت راية، والرايات لا تنسى..
 

التعليقات