عادل الشجاع

عادل الشجاع

عضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام عضو مؤتمر الحوار الوطني الشامل

كل الكتابات
إقالة المقالح وتداعياتها في السياق السياسي الراهن: هل بدأ فصل إعادة ترتيب الشرعية؟
الاربعاء, 10 سبتمبر, 2025 - 06:49 مساءً

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها الساحة اليمنية، تبرز تحركات رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ونائب رئيس المجلس اللواء سلطان العرادة إلى عدن، كمؤشرات لا يمكن قراءتها بمعزل عن سياقات إقليمية وضغوط سعودية متصاعدة، خاصة في ظل الحديث عن استقالة أو إقالة مدير مكتب العليمي، صالح المقالح، على خلفية تسريبات تفيد بتواصله مع جماعة الحوثي..
 
العودة إلى عدن: تحرك عابر أم تموضع سياسي؟
 
يمثل وصول العليمي والعرادة إلى عدن معا سابقة منذ تشكيل المجلس الرئاسي في أبريل 2022، ما يعطي الانطباع بأن هذه العودة ليست مجرد زيارة روتينية، بل جزء من مشروع إعادة تموضع سياسي داخل المجلس، اختيار عدن – العاصمة المؤقتة – كمسرح لهذه العودة يرسل رسالة واضحة إلى الأطراف الإقليمية والمحلية، أن الشرعية تحاول استعادة السيطرة من الداخل، لا من المنافي..
 
وإذا نظرنا إلى علاقة السعودية بالمجلس الرئاسي، يمكن القول إن الرياض تمارس دورا مباشرا أكثر من أي وقت مضى، في محاولة لإعادة ضبط بوصلة الشرعية قبل أي تسوية محتملة مع الحوثيين..
 
المقالح: “الخنجر في خاصرة الشرعية”؟
 
الضربة الأكثر إثارة في المشهد جاءت من حيث لا يتوقع كثيرون: إقالة أو استقالة صالح المقالح، مدير مكتب العليمي، التسريبات التي تحدثت عن ارتباطه الاستخباري بجماعة الحوثي – إن صحت – تضع مؤسسة الرئاسة نفسها في مرمى الاتهام، وتكشف عن هشاشة في البنية الأمنية والسياسية للشرعية..
 
هذا التطور لا يمكن فصله عن التحركات السعودية الأخيرة، إذ تشير مصادر مطلعة إلى أن المقالح أُقيل بضغط مباشر من الرياض، بعد أن أصبح “شبه مؤكد” تورطه في تسريب معلومات حساسة..
 
فماذا يعني هذا؟ ببساطة، أن الثقة السعودية في بعض رموز الشرعية قد تآكلت، وأن المرحلة القادمة ستشهد ما يمكن وصفه بـ”تطهير ناعم” لمحيط العليمي، واستبداله بشخصيات محسوبة على الدوائر الموثوقة إقليميا..
 
العرادة.. أكثر من مجرد عودة
 
عودة سلطان العرادة إلى عدن، وهو الرجل القوي في مأرب، تمثل رسالة مزدوجة:
 
 •أولا، أنه بات طرفا رئيسيا في ترتيبات الجنوب، لا مجرد ممثل لمحور مأرب،
 
 •ثانيًا، أن هناك محاولة لإعادة صياغة التحالفات داخل المجلس الرئاسي، بما يعيد التوازن أمام نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي، ويحضر لمعادلة أكثر استقرارا داخل العاصمة المؤقتة..
 
من غير المستبعد أن تكون هذه العودة ضمن خطة أوسع لإعادة توزيع السلطة داخل المجلس، وربما التحضير لتعديلات أوسع تشمل إعادة تشكيل الحكومة أو حتى توسيع المجلس نفسه..
 
تسوية تقترب.. لكن بشروط سعودية
 
في ضوء هذه التحركات، يبدو أن السعودية تحضءر لتسوية نهائية أو جزئية مع الحوثيين، لكنها تدرك أن هذه التسوية لا يمكن أن تبنى على أساس هش أو مخترق من الداخل. وبالتالي:
 •إعادة العليمي إلى الداخل.
 •استدعاء العرادة إلى عدن.
 •إقالة المقالح.
كلها خطوات في مشروع “ترميم الشرعية” قبيل الجلوس إلى طاولة التسوية، بحيث لا تكون الرياض مضطرة للرهان على مؤسسة مترهلة أو مخترقة من قبل العدو نفسه..
 
خاتمة: مرحلة ما قبل الحسم
 
ما نشهده اليوم ليس مجرد حراك روتيني، بل بداية فصل جديد في إدارة الملف اليمني، تعيد فيه السعودية رسم ملامح “الشرعية المقبولة”، وتبدأ بتفكيك الدوائر المشبوهة داخلها، استعدادًا للمرحلة القادمة..
 
ما إذا كانت هذه الترتيبات ستقود إلى استقرار دائم أو انفجار صراعات داخل المجلس نفسه، سؤال ستجيب عليه الأسابيع المقبلة..
 

التعليقات