لماذا يسعى الحوثيون إلى السيطرة على مدينة مأرب؟
- فرنس 24 الجمعة, 22 أكتوبر, 2021 - 07:57 مساءً
لماذا يسعى الحوثيون إلى السيطرة على مدينة مأرب؟

[ مقاتلون موالون للحكومة اليمنية على خط المواجهة في محافظة مأرب - أ ف ب ]

تواصل جماعة الحوثي تشديد الخناق على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة اليمنية في شمال البلاد، فحاصروها تقريبا من كل الجهات على حساب أرواح العديد من المدنيين. ومصممون على  السيطرة عليها بالكامل، ما من شأنه تعزيز موقفهم التفاوضي في أي محادثات سلام في المستقبل القريب أو البعيد.

 

تعد مدينة مأرب، الواقعة على بعد نحو مئة كيلومترا إلى شرق صنعاء، أهم معاقل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في شمال البلاد. وهي منذ فبراير مسرح لمعارك طاحنة بين القوات النظامية المدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية وميليشيات قبلية موالية للحوثيين المدعومين من إيران.

 

ويعلن التحالف تقريبا يوميا في الفترة الأخيرة حصيلة قتلى ثقيلة في صفوف الحوثيين الذين يتعرضون لقصفه. في حين يحرز الحوثيون تقدما على الميدان.

 

ويؤكد كونتان مولر، واحد ضمن قلة قليلة من الصحافيين الذين تابعوا المعارك على جبهة القتال في مأرب، أن الحوثيين دخلوا في مطلع سبتمبر في مرحلة حاسمة من حملتهم الهجومية الشرسة بالمنطقة، وهو ما سمح لهم بإحراز تقدم في جنوب المدينة لاسيما في محافظة البيضاء.

 

وقال الصحافي إن إعلان التحالف  كمعدل يومي عن مقتل نحو 150 حوثيا جراء غاراته الجوية مؤشر واضح عن احتدام المعارك في المنطقة الغنية بالنفط.

 

مدينة شبه محاصرة

 

وكنتيجة لتقدم الحوثيين، باتت مأرب محاصرة من ثلاث جهات، شمالا وغربا وجنوبا، ولا يفك عزلتها سوى الطريق الشرقي باتجاه حضرموت والذي يحظى بمراقبة نحو أربعين نقطة تفتيش، على حد قول الصحافي المستقل.

 

ويضيف كونتان مولر قائلا أن هذه الطريق "هي المنفذ الوحيد بالنسبة إلى القوات الحكومية والمخرج الوحيد للسكان في حال سيطر الحوثيون على المدينة". وهو ما يشكل مصدر قلق بإمكانية وقوع كارثة إنسانية، علما أن مخيمات مأرب والمحافظة التي تحمل الاسم ذاته استقبلت نحو 2,2 مليون نازح (حسب الحكومة) منذ تصعيد الحوثيين لعملياتهم العسكرية بالمنطقة في فبراير.

 

وكان المبعوث الأممي الجديد لليمن، الدبلوماسي السويدي هانس غروندبرغ، قد دق ناقوس الخطر في 10 سبتمبر عندما طالب الحوثيين بوقف هجماتهم، مشيرا إلى أن المدنيين يخشون استمرار العنف فينزحون نحو مكان آخر.

 

من جهته، دعا مجلس الأمن الدولي الأربعاء في بيان حظي بإجماع أعضائه الـ 15 إلى "وقف التصعيد" في اليمن لتجنب هوس "مجاعة كبيرة"، مشددين على ضرورة "وقف التصعيد من كل الأطراف بما في ذلك وضع حد فورا لهجوم الحوثيين في مأرب". وطالب المجلس بـ"وقف لإطلاق النار فوري على المستوى الوطني"، منددا في الوقت ذاته بما سماه "تجنيد الأطفال واستخدام العنف الجنسي في النزاع".

 

"آخر رموز المقاومة"

 

على الأرض، يبدو الحوثيون غير مستعدين لوقف عملياتهم العسكرية في مأرب، خاصة أنهم أحكموا سيطرتهم على العاصمة صنعاء منذ عام 2014 كما أنهم استولوا على جزء كبير من مناطق شمال البلاد.

 

وفي حال تمكنوا من السيطرة على مأرب، فذلك "يعني أنهم قد تخلصوا من آخر معقل عسكري موحد في طريقهم"، حسب كونتان مولر الذي يؤكد أن "المدينة هي آخر رموز لمقاومة القبائل والجيش والتحالف ضد الحوثيين".

 

وليس غريبا أن يشدد الحوثيون الخناق على هذه المنطقة لما تشكله من مخزن لغالبية الموارد النفطية للبلاد ولما تحويه من معالم حضارية بارزة من إرث مملكة سبأ، ما سيسمح لهم باستغلال موقعهم في محادثات السلام المقبلة.

 

وهذا ما يؤكده الصحافي المستقل، مضيفا أن السيطرة على مأرب من شأنها أيضا أن "تستخدم كموضع قوة في حال تحتم تفكيك البلاد أمام حكومة ستجد نفسها من دون أي مقابل".

 

وأصبحت مأرب بفرض الأمر الواقع "عاصمة غير رسمية" بالنسبة للحكومة اليمنية منذ خروجها من عدن، وقد نقل إليها قسم كبير من وزارة الدفاع. وهذا دليله أن خسارة المدينة الاستراتيجية سيشكل ضربة جديدة للقوات النظامية وللسعودية على حد سواء.

 

وتشهد البلاد منذ أكثر من ست سنوات حرباً طاحنة بين القوات الحكومية بدعم من السعودية، التي تدخلت في مارس 2015 بذريعة إعادة الحكومة الشرعية، وبين مليشيات الحوثي التي انقلبت على الحكومة في سبتمبر 2014.

 

وقد أدت هذه الحرب لمقتل 233 ألف شخص، وخلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بعد أن أصبح 80 بالمئة من السكان بحاجة ماسة للمساعدات، بحسب الأمم المتحدة.


التعليقات