إقالات بالجملة ودعم للمليشيا وتفريط بالسيادة وتعطيل المؤسسات الرسمية
راجح باكريت.. عامان من تمكين السعودية في المهرة وإنشاء محافظة بنمط خاص (2-2)
- عامر الدميني الجمعة, 22 مارس, 2019 - 09:30 صباحاً
راجح باكريت.. عامان من تمكين السعودية في المهرة وإنشاء محافظة بنمط خاص (2-2)

[ باكريت يلتقي مشايخ من المهرة يحملون الجنسية السعودية ]

بعد أداءه اليمين الدستورية في الرياض بتاريخ 28 نوفمبر 2017م ظل راجح باكري هناك لمدة شهر، أجرى خلالها عدة لقاءات مع مسؤولين حكوميين، كان أبرزهم معين عبدالملك الذي كان يعمل وقتذاك وزيرا للأشغال العامة، ورافق السفير السعودي لليمن محمد آل جابر في مختلف زياراته للمحافظات المحررة في اليمن، بمبرر تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار.

 

ومن تلك الشخصيات أيضا لقاءه برئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر، وسفراء أجانب، ومسؤولين يمنيين، بمبرر عرض المشاريع والألوويات التي تحتاجها محافظة المهرة.

 

وفي الأول من يناير 2018م، وصل راجح باكريت محافظة المهرة بطائرة سعودية إلى مطارالغيضة الذي ظل مغلقا أمام الطيران المدني من قبل القوات السعودية المتواجدة في المطار، وكان وصوله للمهرة إيذانا ببدء مرحلة جديدة عاشتها المهرة لأول مرة في تاريخها، وانتقلت من خانة المحافظات اليمنية التي ظلت بعيدة عن الحروب، إلى محافظة تعيش وضعا أمنيا مضطربا، وخللا وظيفيا، وانقساما اجتماعيا، وحضورا واسعا للقوات الأجنبية، وانتشارا مكثفا للمليشيا التي جاءت من خارج أراضيها.

 

لقراءة الحلقة الأولى من هذه المادة: راجح باكريت.. من مطلوب لدى السعودية إلى رجلها الأول في المهرة

 

كانت أولى لقاءاته بعد عودته لممارسة مهامه مع الاعلاميين  في المحافظة، والمسؤولين في جهاز الأمن القومي، وإدارة الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وعدة جهات حكومية، وكان ذلك علامة جعلت الناس تعرب عن تفائلها في عودة مؤسسات الدولة، وحدوث نهضة تنموية في المحافظة، ولكن بعد مرورة عدة أشهر أهمل باكريت كل تلك الأجهزة الحكومية، وتمسك بالجهاز الإعلامي، والذي توج مؤخرا باطلاق قناة المهرة التي تعد الوسيلة الإعلامية الأولى للترويج للمحافظ، وتحسين صورة القوات السعودية في المهرة، وتشويه صورة المناوين للسعودية.

 

يقول أحد المسؤولين المحليين في تصريحه للمحرر "عندما تم تعيين راجح بقرار جمهوري رحب الناس في المهرة بالقرار، وتفاؤلوا خيرا، وبعد مرور ستة أشهر من التعيين بدأت الناس تدرك أن هناك سلوك غير سليم وغير قانوني يجري في المهرة وينفذه المحافظ، وهو ما أدى إلى انطلاق الحراك الشعبي الرافض لتلك السلوكيات".

 

تشكيل المليشيا

 

بعد أيام من ممارسته لعمله كمحافظ للمهرة اتخذ باكريت العديد من الخطوات والقرارات التي كانت تمهد لتهيئة الوضع له في المحافظة، ومن خلفه القوات السعودية، التي حولته إلى واجهة لتمرير مشاريعها وأجندتها في المهرة.

 

كانت أولى تلك الخطوات تشكيل العديد من المليشيا بالتنسيق مع الجانب السعودي، ومن ذلك إنشاء قوة أمنية أطلق عليها بقوات الحماية الرئاسية، أو قوات التدخل السريع، وهي قوة تتبع المحافظ باكريت بشكل مباشر، وتعرف محليا داخل المهرة بـ"المقنعين" بسبب ارتدائهم أقنعة على وجوههم أثناء خروجهم إلى الشوارع، ولا تخضع لإي إشراف رسمي من وزارة الدفاع أو الداخلية بالحكومة اليمنية الشرعية.

 

تلك القوات يراسها شخص إسمه وضاح الكلدي، وينتمي لمنطقة يافع بمحافظة لحج، ووصلت المهرة في اليوم التالي لوصول باكريت المحافظة قادما من الرياض، وجرى تخصيص أحد الأماكن في مطار الغيضة مقرا لها، وتعد ذراع المحافظ الأولى في التعامل مع من يعتبرهم خصومه داخل المهرة، وتولت تلك القوات تنفيذ العديد من العمليات الأمنية لصالح المحافظ، كما جرى في حادثة الأنفاق الشهيرة، وفي حوادث أخرى مماثلة داخل مدينة الغيضة، وسيتم التطرق لها في مواد خاصة، في وقت لاحق.

 

يصف مسؤول أمني في تصريحه لمحرر الموقع بوست تلك القوات بأنها مجرد عصابة تابعة للمحافظ، وهو من جندهم بغطاء الشرعية، وبلباس التحالف، وأغلب المنتسبين لها ليسوا جنود رسميين، بل بعضهم أصحاب سوابق جنائية، وبعضهم التحق طمعا في الراتب الذي سيحصل عليه، كما يقول هذا المسؤول الذي أضاف بالقول: "نحن نعتبر توليهم مهام أمنية في المحافظة خارج عن الشرعية، ولا صفة لهم ولاشرعية لتشكيلهم".

 

كان مزاولة راجح لعمله كمحافظ للمهرة هي البداية للتعامل والتنسيق الرسمي بينه كمسؤول أول للسلطة المحلية، وبين القوات السعودية، في إنشاء واستحداث المعسكرات والمواقع العسكرية والتي وصل عددها في البداية إلى ثمانية معسكرات، بتسهيل من اللجنة الأمنية في المحافظة، التي تحاول قدر الإمكان مقاومة الرغبة السعودية في التوسع العسكري، لكن الضغوط السعودية عليها تبدو أكبر، خاصة مع التسهيلات التي يقدمها المحافظ.

 

وخلال فترة عمله كمحافظ للمهرة تعزز بقاء القوات السعودية في مطار الغيضة، وتحول لثكنة عسكرية، وسجنا لاحتجاز المناوئين، ومقرا لإدارة العمليات العسكرية في المهرة من قبل القوات السعودية، وهو ما كشفه تقرير مكتب حقوق الإنسان، واضطرت السعودية عقب ذلك لارسال مسؤولين حكوميين بهدف طمس الصورة التي كشفها التقرير، ومن تلك الزيارات التي تزامنت مع وجود المحرر في المهرة، زيارة لوكيل وزارة الأوقاف والإرشاد محمد عيظة شبيبة، وأخرى لوزير النقل صلاح الجبواني، الذي تفقد مطار الغيضة ومنافذ المهرة (صرفيت وشحن) وميناء نشطون، وبشر بعودة الرحلات المدنية للمطار، والتي عادت لاحقا، لكن في ظل إدارة القوات السعودية، التي تتحكم في هوية المسافرين من وإلى المهرة.

 

يقول أحد المسؤولين الأمنيين إن المحافظ باكريت همش المؤسسة الأمنية، وأوجد قوات مليشاوية تتبعه كبديل لتلك المؤسسة، وهمش السلطة المحلية، وعمل لوحده، وخلال الستة الأشهر الأولى بعد وصوله للمهرة، لم يعقد أي اجتماع مع اللجنة الأمنية.

 

اقالات بالجملة

 

أزاح باكريت العديد من القيادات في المحافظة، واستخدم بالتنسيق مع السعودية اسلوبين في هذا الأمر، هما الترغيب والترهيب، وكان الترغيب بالعطاءات والهدايا والسيارات، والثاني هو اسكات الصوت الحر من أبناء المحافظة، ومن يعتقد أنهم سيواجهوه أو ينتقدوا نهجه وسياسته من خلال اقصائهم من مناصبهم.

 

ووفقا لشخصيات عديدة التقاها المحرر فقد قام المحافظ باكريت باقصاء مجموعة من القيادات الحكومية التي تعمل في عدة مجالات بشكل تدريجي، وجاء بشخصيات لم تمارس أي مهام وظيفية في السابق، ولا تتناسب مع المواقع الرسمية التي أسندت لهم وتفتقر للخبرة، وجرى تعيينها بدلا عن تلك القيادات الحكومية التي أقالها.

 

تلك الاقالات كانت هدفها تقديم نفسه للمجتمع في المهرة عقب تعيينه، وفرض هيبته وتهيئة بيئة جديدة تناسب مع توجهاته وأجندة السعوية.

 

وأعلن المحافظ في صفحته على يسبوك بتاريخ 31 يناير 2018 أي بعد وصوله المحافظة بشهر عقب قرار تعيينه عن ما وصفها بسلسلة من التغييرات القادمة ضمن خطة التدوير الوظيفي لرفد مؤسسات الدولة بدماء جديدة شابة ومؤهلة، وترشيح الكوادر السابقة لمناصب عليا تكريماً لخدمتهم الطويلة وفق حديثه.

 

 

فيما ألغى قرارات المستشارين والمجلس الاستشاري .. محافظ المهرة يصدر قرارات بشأن تكليف مدراء عموم ونواب لمدراء العموم...

Posted by ‎الشيخ راجح سعيد باكريت‎ on Wednesday, January 31, 2018

 

وبنفس اليوم أصدر قرارات تكليف لخمسة عشر شخصا كمدراء عموم ونواب لمدراء العموم ومدراء مكاتب وتدوير وظيفي في بعض المرافق الخدمية بالمحافظة.

 

وحصل المحرر على كشف بأسماء الشخصيات الحكومية التي أقالها باكريت، وأسماء البدلاء الذين عينهم خلفا لهم، وتشير المعلومات التي تم التقصي عنها أن تلك الإقالات استهدفت مسؤولين أيدوا الاعتصامات التي نفذها أبناء المحافظة، ورفضوا الوجود السعودي، كما استهدفت شراء الولاءات من شخصيات أخرى خصوصا تلك العاملة في المجلس العام لأبناء المهرة وسقطرى الذي يترأسه السلطان بن عفرار المتزعم للرفض الشعبي للسعودية، ومنهم صالح عليان العضو في الهيئة الإدارية للمجلس العام، والذي عين لاحقا كوكيل للمحافظة، وكذلك مدير الأمن بالمحافظة العقيد مفتي سهيل نهيان صموده الذي عين مديرا للأمن، وكان يعمل عضوا في الأمانة العامة للمجلس العام.

 

 

وأغلب من تمت اقالتهم من مدراء مديريات ومدراء دوائر حكومية كان باكريت قد التقى بهم فور وصوله من الرياض، وناقش معهم العوائق في مهامهم والخطط التي يعملون عليها، ثم استبدلهم لاحقا بآخرين.

 

ومن خلال تلك الاقالات صعد راجح العديد من أقاربه لشغل وظائف في عدة مواقع حكومية خاصة تلك المهمة، ومن ذلك تعيين أحمد سالم باكريت مدير جمرك صرفيت مطلع مارس من العام 2018م، وخديجة محمد باكريت التي عينها وكيل مساعد لشؤون المرأة.

 

كما عمل على تعيين أصدقاء سابقين له في مواقع حكومية عديدة، ومن ذلك تعيين محسن علي محمد بلحاف مديرا لفرع شركة النفط بالمحافظة، والذي ارتبط معه من قبل بعلاقات تجارية لازال يكتنفها الغموض حتى اللحظة.

 

 

وبعض تلك القرارات تم من خلالها تصعيد شخصيات تحمل الجنسية السعودية وتعمل لصالح القوات السعودية المتواجدة في المحافظة، ومن أبرزها صالح عليان ويحمل الجنسية السعودية وهو عضو في الهيئة الإدارية للمجلس العام، وعين وكيلا للمحافظة.

 

وفقا لمسؤولين محليين استطلع المحرر أراؤهم فأغلب من تم تكليفهم لايحملون مؤهلات تؤهلهم لشغل الوظيفة المكلفين بها، ولم يتم العودة للجهات الحكومية التي يتبعونها أو وفقا للمفاضلة في عملية التعيين، كما أنها جاءت بعد قرار رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر في منع التوظيف.

 

تلك الاقالات التي أجراها تسببت لاحقا بتوسع دائرة المناوئين له في المحافظة، وكشف طبيعة التوجهات التي يعمل عليها والتي تصب لصالح السعودية، وقابلها اهماله التام للأجهزة الأمنية كالأمن العام والسياسي والقومي في مقابل رعايته لمليشيا خاصة تقوم على خدمته وحراسته وتنفيذ أوامره.

 

 

ومن تلك القرارات التي أصدرها باكريت بعد تعيينه إلغاء القرارات السابقة الصادرة بتعيين مستشارين للمحافظ، ووقف كافة امتيازاتهم وحقوقهم، ورغم استبشار البعض بمثل هكذا قرار، لكن المحافظ، أصدر سلسلة قرارات أخرى، تخدم بقائه ودائرته، بعيدا عن الإعتبارات القانونية.

 

أدت تلك القرارات أيضا إلى خلق حالة من الفوضى لم تعهدها المهرة من قبل، وخلال فترة عمل باكريت التي لاتتعدى العامين جرى اقصاء العديد من المسؤولين المحليين خصوصا وكلاء المحافظة ورجال الأمن والموظفين، والذين اقيلوا جميعا خدمة للجانب السعودي ومن أبرز هؤلاء إقالة العميد علي سالم الحريزي من موقعه كوكيل لمحافظة المهرة لشؤون الصحراء، والعقيد قحطان مدير الأمن السابق، بقرارات جمهورية صدرت في الـ14 من يوليو، بعد ضغوط سعودية، بعد رفض الحريزي الممارسات التي تمارسها القوات السعودية، رغم أن قحطان تم تكليفه رسميا من رئاسة الجمهورية بحل الإشكالية بين المعتصمين والجانب السعودي.

 

 

ومن أبرز الشخصيات المقالة وكيل المحافظة سعيد سعدان الذي تزعم المظاهرات الرافضة للسلفيين في مديرية قشن، وطالب بمنع فتح مركز ديني لهم بالمديرية، بعد استقدامهم للمهرة بتسهيلات من المحافظ باكريت، والقوات السعودية، وكان موقفه ذاك سببا من أسباب استقالته، واستبداله بآخر يحمل الجنسية السعودية.

 

ومن قرارات الإقالة إقالة مدير مكتب حقوق الإنسان علي عفرار، بعد التقرير الذي أصدره وكشف فيه ممارسات القوات السعودية في المهرة، كما جرى لاحقا لاحقا التضييق على وكيل المحافظة بدر كلشات، وإعلان المحافظ باكريت توقيفه عن العمل، وإحالته للتحقيق.

 

 

ومن أبرز تداعيات تعيين باكريت في قيادة المحافظة اهماله لمنتسبي الأجهزة الأمنية بما فيهم الامن السياسي والأمن القومي، وتعطيل دورهما، وعدم الرجوع لهما في القرارات التي تصدر عنه، أو عند التحركات الأمنية التي تمارسها المليشيا التابعة له.

 

كما توارى دور المجلس المحلي كسلطة تنفيذية ورقابية، وأفرغت المجالس من مهمتها، وبات الحضور الأكثر لشخصية المحافظ، ثم لوكيل المحافظة للشؤون الفنية سالم العبوي، الذي يتردد اسمه بكثرة في أنشطة المحافظ المعلنة في صفحته الرسمية، أو عبر المركز الإعلامي التابع للمحافظة.

 

الفساد المالي

 

عندما تستمع في المهرة لوجهات النظر المختلفة حول أداء المحافظ باكريت، فإن الشيء الوحيد الذي ستراه ثابتا لدى المختلفين مع أداء المحافظ أو المعارضين له هو الإنفاق المالي الذي يمارسه المحافظ، من خلال العطاءات والهبات والمنح التي يوجه بها ويصرفها للكثير من الشخصيات، بغية شراء ولاء بعضها، أو اسكات بعضها الآخر.

 

يتحدث الناس هناك عن أموال يجري توزيعها بآلاف الريالات السعودية التي يذهب أغلبها لشراء سيارات ومساعدات مالية، في عملية استنزاف واضحة لموارد المحافظة، واحتياطها النقدي، وحصل المحرر على كشوفات مالية تظهر شراء سيارات عبر تجار محليين، وتتضمن المبالغ التي قد تم صرفها للتجار، والمبالغ التي سيتم تسديدها لاحقا.

 

تم عرض تلك الكشوفات على أحد التجار الموردين للسيارات ممن وردت أسمائهم في الكشف، وأكد صحتها، مشيرا إلى أنها ليست سوى شيء قليل من جملة ما تم صرفه بتوجيهات من المحافظ منذ توليه العمل في المحافظة.

 

حاولنا الوصول إلى شخصيات رسمية في المحافظة للتحري أكثر عن الأمر، وكانت النتيجة أن المحافظ قام بنقل صلاحيات صرف المبالغ المالية التي يوجه بها من مكتب المالية بالمحافظة كجهة مسؤولة، إلى شركة النفط بالمحافظة، والتي يرأسها أحد الشخصيات التي عينها المحافظ، ويرتبط معها بصلة مصاهرة، وكانت أحد شركاؤه السابقين تجاريا، وباتت تتولى عملية صرف المبالغ بعد استحداث حساب خاص باسم المحافظة في فرع البنك المركزي اليمني بالمهرة، تحت إشراف شركة النفط.

 

وتذهب مصادر مالية في تصريحها للمحرر إلى القول بأن المبالغ التي يجري انفاقها بهذا الشكل من قبل المحافظ هي من عائدات المحافظة القادمة من المنافذ والموانئ، ولا علاقة لها بما تنفقه السعودية أيضا على الموالين لها في المحافظة، والتي تجري وفق آليات أخرى مختلفة، ويقوم الجانب السعودي على صرفها بشكل مباشر.

 

مظاهر الانفاق المالي الباذخ تكشفه ايضا تصريحات المحافظ في وسائل الإعلام التابعة له محليا، وهي مظاهر لا تتصل بصميم عمله ولا مسؤولياته، فقد قال في الـ 17 من يوليو 2018 أن إجمالي ماتم صرفه للطلبة  المهريين الدارسين في التعليم الجامعي خارج المهرة خلال فترة (يناير - يونيو) بلغ (174.452.464) مليون ريال يتضمن أجارات شقق سكنية(34)شقة لطلاب المهره في جامعتي عدن و حضرموت.

 

 

وتحدث قبلها في الـ 13 من أبريل 2018 بأنه وجه برفع إعانة إعاشة الطلاب في الداخل والخارج بحيث يتم صرف  1500 دولار فصليا لكل طالب وطالبة من أبناء المهرة الدارسين في أروبا والصين وامريكا، و750 دولار للفصل لطلاب الهند وماليزيا، وكذلك صرف 500 دولار فصليا لكل طالب وطالبة من أبناء المحافظة الدراسين في الدول العربية.

 

 

 وعتماد تسكين طلاب المحافظة داخل الجمهورية، وصرف أعاشة فصلية بواقع 25000 ريال يمني لكل طالب خارج المحافظة، واعتماد مبلغ 1000 دولار لكل طالب و طالبة يتقدم لمناقشة رسالة الماجستير أو الدكتوراة.

 

 

وقبل أن يأتي السعوديين للمهرة كانت مجمل تغريدات المحافظ باكريت تتحدث عن توجيهاته بتنفيذ مشاريع تنموية وخدمية في عدة مجالات بالمحافظة، مع الكشف عن تكلفتها، وبغض النظر عن مدى تحقق ذلك من عدمه على الأرض، إلا أن مثل هذه التغريدات انتهت تماما بعد مجيئ السعوديين للمهرة، حيث تزايدت النفقات والهبات التي يمنحها المحافظ، مقابل تزعم الجانب السعودي لمشاريع التنمية التي ينفذها على نفقة برنامج الإعمار السعودي.

 

وبالحديث عن برنامج الإعمار السعودي، وبعد جمع قاعدة بيانات ضخمة للمشاريع التي أعلن المحافظ باكريت عن تنفيذها على نفقة السلطة المحلية، وتلك التي أعلنها برنامج الإعمار السعودي اتضح وجود تداخل كبير بين مشاريع الجهتين، وجرى تجيير مشاريع نفذتها السلطة المحلية أو جهات دولية أخرى لمصلحة برنامج الإعمار، وأبرز مثال على ذلك مشروع حديقة الغيضة التي نفذت على نفقة السلطة المحلية، وعند افتتاح المشروع أعلنت السلطة المحلية نفسها أن الجهة الممولة لمشروع الحديقة هي برنامج الإعمار السعودي، وسيتم الحديث عن هذا الأمر بتفاصيل أوسع في مادة منفردة.

 

يقول مسؤول أمني في حديثه للمحرر إن المحافظ باكريت "مارس مخالفات عديدة بدء من الفساد المالي، والأموال الكبيرة التي يمنحها بالملايين، ومخالفة قانون السلطة المحلية وقانون الخدمة المدنية"، ويضيف:"نعتقد أن الحكومة الشرعية تدرك المخالفات التي يرتكبها، وإن كانت لا تعلم فتلك مصيبة أعظم، أو انها تعلم وهي صامتة، وبالتالي هي شريكة معه في التآمر على المحافظة".

 

تجنيد القبائل

 

مثل تعيين باكريت محافظا للمهرة بالتزامن مع وجود القوات السعودية بالمحافظة، فرصة لإحياء التواصل مع مشائخ القبائل في مختلف مديريات المحافظة، والتي تنقسم بين قبائل تتفاوت في ولائها للسعودية، وأخرى رافضة لتواجدها، وثالثة في دائرة الصمت.

 

كانت أولى خطوات الجانب السعودي في أوساط القبائل هي منحهم نسب من عملية التجنيد، عبر تخصيص مجموعة من درجات التجنيد لكل قبيلة بناء على ثقلها وقوتها وحضورها، وتم منح قبيلة واحدة 1500 جندي، يتلقى الواحد منهم شهريا 1500 ريال سعودي، بينما تفاوتت النسب من قبيلة لآخرى، ويتسلم مشائخ القبائل تلك المبالغ الطائلة شهريا، مقابل تنفيذ بعض المهام كحراسة المواقع العسكرية في مناطق تواجدها، وتسهيل انشاء المعسكرات والثكنات العسكرية التي ترغب السعودية بانشائها.

 

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل جرى صرف أنواع مختلفة من السلاح لتلك القبائل، والتي يحمل بعض مشائخها الجنسية السعودية، وكانوا من أبرز الأدوات التي ساعدت على وصول القوات السعودية ورحبت بها عند وصولها المهرة لأول مرة.

 

ومن خلال رصد المحرر لللقاءات التي قام بها المحافظ باكريت مع مختلف الجهات والشخصيات منذ تعيينه يتبين أن النسبة الأعلى من لقاءاته الرسمية كانت مع مشائخ القبائل في المهرة، سواء على مستوى مشائخ كل مديرية على حدة، أو على مستوى كل قبيلة على حدة.

 

وفي كل لقاء له مع مشائخ القبائل يتحدث باكريت عن السعودية والدور الذي تضطلع به داخل المهرة، وعن تنمية قادمة في المهرة ستنفذها السعودية عبر برنامج الإعمار، وعن ضرورة الاصطفاف داخل المحافظة وتأييد التحالف العربي، وتتحول تلك اللقاءات إلى فرصة للترويج للسعودية، وخلق الولاء لها، عبر اغراء أولئك المشائخ بالتجنيد وتنفيذ المشاريع التنموية المختلفة.

 

غموض التفاصيل

 

حوادث كثيرة لاتزال تلقى الغموض في تفاصيلها، وتتصل بمحافظ المهرة راجح باكريت، ومن أبرزها وفاة مرافق له داخل أحد الفنادق، بالإضافة لقيام مجهولين بالقاء أحد مرافقيه من نافذة فندق، وهي تفاصيل سعينا قدر الإمكان لتتبع خيوطها، لكن تعثرت تلك المساعي لأسباب كثيرة.

 

 

التجسس على المعارضين

 

في الثالث من فبراير 2018 نشر باكريت في صفحته على تويتر تغريدة قال فيها "إن أمن وسكينة المهرة خط أحمر، ومحاولة تشوية سمعتها بأخبار كاذبة وبيانات مزورة خلف أسماء مستعارة لن نفوتها لهؤلاء، نحن بصدد تفعيل وحدة إلكترونية لكشفهم ومحاكمتهم وفق القانون".

 

 

بعد هذا التاريخ بدأت عمليات اختراقات لحسابات ناشطين واعلاميين في فيسبوك وتويتر مناوئين للسعودية، ومن أبرزهم ما حصل مع الناشط الإعلامي أحمد بلحاف، وسعيد عفري عضو في لجنة الاعتصامات، نائب رئيس الدائرة الشبابية في المجلس العام، والناشط الإعلامي ياسر الجدحي، وآخرين، وكذلك ما تعرض له المحرر اثناء تواجده في محافظة المهرة، عندما تعرض حسابه في فيسبوك للتهكير أكثر من أربع مرات.

 

وينقل مقربون من المحافظ  قوله بوجود وحدة الكترونية في مطار الغيضة سترصد كل من يقاوم التحالف، وسيتخذ على ضوئها كل الاجراءات اللازمة.

 

لاحقا مصادر محلية تحدثت عن رصدها قيام القوات السعودية مطلع شهر فبراير الماضي بتركيب أجهزة خاصة مركبة على أعمدة (لم يتم التعرف على هويتها) بجوار أبراج بث الاتصالات، ومن ذلك ما حصل قرب قرية دمقوت في مديرية حوف الحدودية مع سلطنة عمان، وذلك عقب تزايد الرفض الشعبي للسعودية في المديرية بالذات.

 

وكذلك تركيب برج اتصالات في أحد سواحل مديرية سيحوت التي تتواجد بها القوات السعودية بكثافة، ولم يعرف بعد طبيعته، كما تظهر الصورة.

 

حالات التجسس والمراقبة لم تنحصر في عهد المحافظ باكريت والقوات السعودية في المهرة على هذا المضمار فقط، إذ تتحدث شخصيات من أبناء المحافظة عن وجود كاميرات حرارية لمراقبة وترصد أي شخصيات تقترب من أسوار مطار الغيضة، وأكد شهود عيان للمحرر القاء القوات الأمنية للمطار القبص على أشخاص بتهمة التصوير، رغم المسافة الفاصلة بين سور المطار ومكان تواجد القوات السعودية داخله.

 

التفريط بالسيادة

 

يقول أحد أبرز المشائخ في المهرة في حديثه لمحرر الموقع بوست إن باكريت لم يأت ليمارس مهامه المعروفة كمحافظ، بل إن مهمته تبدو أشبه بمهمة المقاول، مضيفا بالقول: "السعودية أعدت خطة في المهرة تستولي بموجبها على المطارات والمنافذ وتهمش السلطة المحلية والأمنية، وهي الملفات التي عجزت الإمارات عن تحقيقها من قبل.

 

ويضيف: تلقى باكريت من قبل السعودية وعدا بمنحه "فلتين" من طابقين في الرياض و10 مليون سعودي، إضافة لتعيينه سفيرا من قبل الحكومة اليمنية بعد الضغط عليها في أي بلد أوروبي مقابل تنفيذ تلك الخطة، ورد عليهم بالمطالبة بنقل إثنين من أبرز الشخصيات في المهرة إلى الرياض هما الشيخ علي الحريزي وكيل المحافظة السابق، واللواء قحطان، مدير الأمن السابق.

 

وأردف بالقول: باكريت مقاول لدى السعودية لتدمير مؤسسات الشرعية واستبدالها بمؤسسات استعمارية، والسعودية لا تتعامل معه كمحافظ بل كمسؤول لتنفيذ الخطة التي وضعتها السعودية في المهرة،  ولهذا نحن لا نعتبره محافظ.

 

ووفقا لهذه الشخصية القبلية فإن راجح باكريت فشل في تمرير المخطط كما طرحته السعودية عليه، وحقق جزء منه، لكنه ارتكب جرائم داخل المحافظة.

 

يقول أحد المسؤولين الأمنيين شريطة التحفظ على اسمه ومنصبه للمحرر بأن المحافظ باكريت يعمل حاليا بمثابته هو المحافظ والأمين العام والوكلاء والهيئة الإدارية واللجنة الأمنية والمخابرات، ويضيف بالقول: "ومع ذلك لا يقدم معلومات صحيحة أو موثوقة للسعوديين، فمثلا الاعتداء على الصيادين في الفيدمي من قبل القوات السعودية بحجة وجود مخدرات في الأماكن التي يخبؤون فيها عُدة الصيد وقف ورائها المحافظ باكريت، ولم تعلم اللجنة الأمنية والسلطة المحلية بتفاصيل الحادثة الا بعد ابلاغها من قبل الصيادين في اليوم التالي".

 

ويشخص هذا المسؤول الوضع في المهرة قائلا بأن القائد السعودي الحالي في المهرة هو من يدير كل شيء، وقبله كان ضابط سعودي آخر يدعى "أبوخالد"، وقبله ضابط سعودي يدعى أبو علي الشريف، وكل ضابط كان يمتلك كل الصلاحيات والسلطات، ويتحول المحافظ لمنفذ لتوجيهات أولئك الضباط.

 

ويواصل حديثه "حاليا لاتوجد مؤسسات تعمل داخل المهرة، ولا يوجد عمل مؤسسي بعد وصول السعوديين، وهذا الوضع المهترئ يخدمهم ويخدم بقائهم وسيطرتهم على المحافظة، أما لو عادت المؤسسات، وأخذت دورها كاملا فذلك سيقلل من فرص بقائهم، ولن يمنحهم ما يريدون، هذا يؤكد أنهم محتلون، فضرب العمل المؤسسي في دولة ما أو منطقة ما هو من أهداف المحتلين".

 

مسؤول محلي آخر قال في حديثه للمحرر طالبا اخفاء وظيفته بأن المحافظ والسلطة المحلية والقيادة الأمنية الحالية في المهرة لايستطيعون فعل شيء في المحافظة إلا بأوامر وموافقة من السعوديين الذين يديرون المحافظة، ويسيطرون على كل شيء، وأضاف ساخرا: "ما يقدروا يخرجوا حتى سجين اذا كان مجنون فما بالك بعاقل".

 

تبنؤات المستقبل

 

وفقا لما جرى الكشف عنه في هذه المادة، فقد قدم باكريت للسعودية الكثير مما سعت لتنفيذه على الأرض، لكن الاحتجاجات الشعبية المتواصلة في المهرة، أضعفت المحافظ، وحاصرت تحركاته، ولم تفلح عوامل الإغراء والترهيب في استكمال مشروع الإطباق الذي تسعى السعودية لتنفيذه في المهرة.

 

تقول مصادر خاصة للمحرر إن علاقة باكريت بالرئيس هادي اختلت بسبب ما قدمه للسعوديين في المهرة، لكنه يؤكد بأنه ليس من الوارد أن تستغني عنه السعودية إلا في حال عثرت على شخصية ترتبط بعلاقة مباشرة بها، وتؤدي ذات الدور الذي يؤديه راجح في المهرة، أو اعلنت السعودية انسحابها الكامل من المهرة، وهذا مستبعد، وفق تعبيره.

 

ومن الواضح أن القوات السعودية في المهرة إبان تولي باكريت، وجدت نفسها مرغمة على التفاهم مع المناوئين لها، بسبب عدم نجاحها في تحقيق أي اختراق لإخضاعهم، وتجسد ذلك التفاهم في محطتين، الأولى عندما وقعت تلك القوات وثيقة مع المعتصمين تضمنت بنود معينة، طالب بها المعتصمين، في محضر اتفاق وقعته السطلة المحلية أيضا، والثانية عندما زارت لجنة رئاسية أمنية للمهرة منتصف مارس الجاري، والتقت الطرفين، بحثا عن حلول شاملة لتهدئة الأوضاع في المهرة.

 

تلك اللجنة التي زارت المهرة لم يصدر عنها شيء حتى كتابة هذه المادة، لكن من المتوقع وفق قراءة عابرة أن تؤدي الزيارة إلى التضحية بالمحافظ باكريت، وإقالته من منصبه كحل وسطي يرضي الجميع.

 

ملاحظة:

 

سعينا في المادة الأولى والثانية عن أداء المحافظ باكريت للحصول على توضيحات منه، لكن تلك الجهود باءت بالفشل، ولم نستطع الوصول للمحافظ أو مكتبه للتعليق على ما ورد في المادتين قبل نشرها، ولاتزال المحاولات قائمة، وسيتم نشر الرد في حال الحصول عليه.

 


التعليقات