هادي يخذل قادته.. لماذا باتت "الإقالة" مصير كل من يقف في وجه الإمارات داخل اليمن؟ (تقرير)
- عبدالجبار الجريري الإثنين, 27 ديسمبر, 2021 - 04:56 مساءً
هادي يخذل قادته.. لماذا باتت

[ الرئيس هادي واقالة رجالاته بضغوط إماراتية ]

بدأ جلياً في القرار الذي اتخذه الرئيس عبدربه منصور هادي بإقالة محافظ محافظة شبوة محمد صالح بن عديو أن دولة الإمارات هي من تحدد أولويات المرحلة على الساحة اليمنية، وأنها قادرة على إبعاد أي مسؤول يمني مهما كانت شعبيته وبصرف النظر عن نجاحه في مسؤوليته.

 

ضغطت السعودية والإمارات على هادي من أجل إزاحة محافظ شبوة من المشهد السياسي والإداري بعد مطالبته بخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف، ورغم الرفض الشعبي لتلك الضغوط، نفذ هادي رغبة الرياض وأبوظبي التي تتعارض مع رغبة الجماهير اليمنية الرافضة لقرار إقالة بن عديو.

 

إقالة هادي لمسؤول يمني دافع عن الشرعية ورفض الوصايا، وطالب بخروج القوات الإماراتية من الموانئ والمطارات والجزر ليست الأولى، حيث أقال الرئيس هادي من قبل، رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر بعد أن طالب بخروج القوات الإماراتية من سقطرى، ثم وزير الداخلية نائب رئيس الوزراء أحمد الميسري، ثم وزير النقل صالح الجبواني بعد رفضهما للانقلاب الذي قاده المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في عدن وأدى لسقوط المدينة.

 

خضوع الرئيس هادي للضغوط السعودية الإماراتية أغضب اليمنيين بشكل كبير، حيث غرد الألاف عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مستنكرين إقالة الشخصيات التي قالوا أنها تمثل آخر ما تبقى من الشرعية في البلاد.

 

هادي شريك في المؤامرة

 

ويرى الكاتب والسياسي اليمني الدكتور عادل الشجاع أن هناك ضغوط تُمارس على الرئيس هادي لكنها في المقابل لم تجد أية ممانعة ومقاومة منه، مما يجعل الرئيس متماهي مع تدمير اليمن، وخطف قرار الشرعية.

 

ويقول لـ "الموقع بوست " الرئيس هادي جزء من هذا المخطط التدميري، وسيظل منفذاً  للرغبة السعودية مادام في مركز القرار وفي موقع المسؤولية".

 

ويؤكد الشجاع أن اليمن ستشهد ظهور كتلة موحدة يجتمع فيها كل الوطنيين الذين تمت إقالتهم، وتنطلق من داخل المشروع الوطني بصرف النظر عن التوجهات السياسية أو الحزبية.

 

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي اليمني نبيل البكيري مع ما ذهب إليه الشجاع، ويقول "لا أعتقد أن الضغوط هي المسألة الحاسمة في هذا الموضوع بقدر ما هي قابلية هادي ومن حوله لتنفيذ أي شيء يوكّل لهم.

 

وأضاف البكيري في حديث لـ "الموقع بوست " لا يستطيع أحد أن يفرض عليك سياسات أنت غير قابل بها أصلاً، وخاصة وأن هذه الضغوط تستهدف شرعيتك ووطنك وبلادك، التعلل بالضغوط مجرد هروب ومبرر تتخفى تحته قابلية هادي لتنفيذ كل ما يطلب منه شرط بقائه رئيساً صورياً.

 

ويشير إلى أن "اليمن اليوم ينزف أفضل أبطاله ومسؤوليه وكأن هناك مسارًا واضحًا لاستمرار هذا الوضع، من لم نفقده بالحرب شهيدًا نفقده بالإقالة والتهميش والعزل".

 

ضغوط قوية

 

في حين يرى عضو مجلس الشورى اليمني الشيخ علي حسين البجيري أن الرئيس هادي تعرض لضغوط كبيرة جداً دفعته لاتخاذ القرار، وليس عن تواطؤ منه أو تماهي.

 

ويقول البجيري لـ "الموقع بوست" هناك ضغوطات خارجية  ومؤامرات داخلية من قيادات بازرة في الشرعية على الرئيس هادي، وهناك وزراء باتوا يعملون للخارج".

 

وأوضح أن " السعودية لا تريد أي مسؤول يمني يتحدث عن كرامة وسيادة بلاده، وتسعى لأن تظل اليمن رهينة بأيديهم".

 

من جانبه قال الصحفي والمذيع اليمني بشير الحارثي للموقع بوست" ‏بالتأكيد هناك ضغوطات تمارس على الرئيس هادي لتنفيذ هذه القرارات، ولكن هذا لايعني أن الرئيس هادي يتخلى عن كل الشخصيات الوطنية ويعرض الدولة اليمنية للإنهيار والضعف وباستطاعته مواجهة هذه الضغوطات حتى لو كلفه الأمر مغادرة السعودية".

 

ولا يستبعد الحارثي أن تؤدي هذه السياسة للرئيس هادي لمنح المليشيات القوة للسيطرة والتمدد على حساب  الدولة اليمنية على المدى البعيد، وهذا ما بدأ ملاحظ خلال سبع سنوت من الحرب كما يقول.

 

تأمين تنفيذ المشاريع التدميرية

 

ويعتقد كثير من اليمنيين أن السبب الحقيقي وراء إقالة الشخصيات الوطنية الرافضة لتجاوزات التحالف في اليمن، هو رغبة التحالف بتمهيد الطريق أمام مشاريعه التدميرية في اليمن.

 

وفي هذا السياق يقول نبيل البكيري " إقالة بن عديو تأتي في إطار التخلص من كل رجال الشرعية الأقوياء، وبقاء الشرعية مجرد مظلة لتنفيذ سياسات التحالف وتمرير أهدافه غير المعلنة في اليمن".

 

وتابع " هدف التحالف تصفية المشهد من كل الشرفاء والوطنيين، وهذه سياسية متبعة من التحالف الذي يسعي لتمرير مخططاته وعلى حساب كرامة اليمنيين ومصلحة بلادهم".

 

أما عادل الشجاع فقال إن لدى التحالف مشاريع تدميرية ينوي القيام بها في اليمن، ومن أجل تنفيذ تلك المشاريع لابد من ضرب وإزاحة كل من لم يلتحق بركب المشروع التدميري.

 

ويلفت إلى أن" محمد صالح بن عديو وقبله أحمد عبيد بن دغر يجب إقصاؤهم كونهم يعطلون مشروع التدمير، فجريمة بن دغر أنه وقف في وجه الإمارات في احتلالها لسقطرى، وبن عديو طالب برحيل الإماراتيين من منشأة بلحاف والرئيس أداة مطيعة بيد القرار السعودي الموجه إماراتياً".

 

بينما أكد علي حسين البجيري أن السعودية رأت في محمد صالح بن عديو شخصية وطنية من الطراز الأول، لذلك قامت بالتخلص منه كما سبق وأن تخلصت من العديد من الشخصيات الوطنية في البلاد.

 

في المقابل يرى بشير الحارثي أن ‏" إقالة بن عديو تأتي في إطار سياسة التحالف في تجريف الشخصيات اليمنية الوطنية وإخراجها من المشهد وتمكين الفاسدين الذين يدينون بالولاء لهم وتنفيذ أجندتهم وأهدافهم  في اليمن".

 

مضيفاً " تعرض كل الأصوات المعارضة للإمارات للإقالة يأتي ضمن تماهي السعودية مع هذه الرغبة لضمان استمرارية الإمارات كشريك معها بالحرب وتحمل تبعاتها حتى لو كان ذلك صورياً أمام العالم، وحتى لو كان ذلك يضر بالسعودية وأمنها القومي لصالح المشروع الإيراني بالمنطقة وهذا ما يحدث فعلا وتنتهجه الإمارات".

 

تقليص دور الشرعية

 

ويرى مراقبون أن الشرعية ستكون في موقف ضعيف للغاية إن هي استمرت بالتواجد داخل الأراضي السعودية ولم تفعل أوراقها التي يمكن من خلالها الضغط من أجل إخراج الإمارات من اليمن.

 

كما يتوقعون أن تكون الضغوط السعودية الإماراتية لإقالة الشخصيات الوطنية تهدف بشكل أساسي لتقليص دور الشرعية وتحجيم تواجدها داخل البلاد.

 

وفي هذا الاتجاه يقول الناشط السياسي والقيادي السابق في المقاومة الجنوبية عادل الحسني للموقع بوست " السعودية والإمارات متفقتين على تدجين الدولة اليمنية

وإخراج كل الأحرار منها".

 

وعن موقف الرئيس هادي أوضح الحسني أن عبدربه اختار المنصب والرئاسة الوهمية على مصلحة شعبه ووطنه ولم يعد يبالي بما يقوله الناس عنه.

 

ويعتقد بشير الحارثي أن "اليمن هي الخاسر الأكبر من تبديد الشخصيات الوطنية والشرفاء، ويدفع الشعب اليمني تبعات ذلك كثيراً من حريته وكرامته وسيادته، لأن الشعوب تفقد هويتها ومكانتها عندما يترأسها الفاسدين وتجار الأزمات لتحقيق مصالحهم الشخصية ولو كان ذلك من قوت ودماء شعبهم".


التعليقات