الشوارع.. ملاذ الأطفال في اليمن لتوفير احتياجات أسرهم في رمضان (تقرير)
- محمد حفيظ الإثنين, 21 مارس, 2022 - 05:42 مساءً
الشوارع.. ملاذ الأطفال في اليمن لتوفير احتياجات أسرهم في رمضان (تقرير)

[ الطفل بشار نازح يعمل في بيع مياه الشرب وسط شوراع مدينة مأرب لإعالة أسرهم ]

يسابق شروق الشمس كل يوم وأحيانا تسبقه إلى المكان الذي يقف عليه ساعات طويلة لبيع "مياه الشرب" على المارة في وسط الطريق، ليس عبثا بل لمساعدة أسرته في توفير لقمة العيش التي باتت صعبة المنال في ظل حرب تشهدها البلاد منذ سبع سنوات.

 

دمرت الحرب اقتصاد البلد وارتفاع أسعار السلع وتوقف الأعمال والرواتب وانعدام الدخل كل ذلك دفع غالبية الأسر بأطفالها وكبارها للعمل على توفير لقمة العيش وأبسط احتياجات شهر رمضان الذي يطرق الأبواب ليحل ضيفا ثقيلا بهموم توفير متطلباته.

 

الطفل بشار محمد (12 عام) يجلس على صناديق علب المياه التي يبيعها يقول "منذ طلوع الشمس وأنا في هذا المكان وسأبقى حتى الظهيرة ثم أغادر لشراء مصاريف وحاجات المنزل وأعود إلى البيت".

 

 بشار، ليس وحيدا من اتخذ أحد مطبات الطريق الرئيسي وبالقرب من سوق الشبواني الشعبي مكانا لبيع علب "مياه الشرب" على المارة، بل إلى جواره أحمد وعبد الله وعلياء وأنس الحرازي، جميعهم لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشر وكلهم يعملون لكسب لقمة عيش أسرهم.

 

المعاناة والمأساة هي من وحدت تلك الأطفال الخمسة في سبب عملهم وسط الشارع وتحت أشعة الشمس، كما يتفق الأطفال في سبب اجتماعهم في مأرب كنازحين بسبب الحرب، تختلف مناطق ومحافظات انتمائهم، فقدم أحدهم من حجة وآخر من تعز وهذا من ريمة وذمار والحديدة، جمعتهم المعانة والفقر على المطب الذي يعد شريان حياة لهم ولأسرهم.

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول بشار ذو البشرة السمراء المنحدر من محافظة تعز "نجتمع الأربعة كل يوم في هذا الشارع وعلى هذا "المطب" منذ أكثر من عام ويتخذ كل واحد منا زاويته المحددة لبيع علب الماء وأوراق المنديل دون شجار أو اختلاف".

 

يتغيب بشار كما يقول عن رفاقه أثناء الدوام الدراسي فهو يلتحق بالمدرسة صباحا ويعود إلى الشارع نهارا، فهو ملزم بتوفير جزء من احتياجات أسرته الصغيرة التي تسكن على أطراف مخيم المطار شرق مدينة مأرب.

 

يوجد في مأرب أكثر من مليوني نازح موزعين على 195 مخيم وتجمع، بحسب تقرير حديث لإدارة مخيمات النازحين بمأرب وجميعهم يشبهون حياة وأوضاع بشار ورفاقه ولا يختلفون بأساليب العيش كثيرا.

 

فالحرب التي انطلقت شراراتها مطلع العام 2014 لم تهدأ بعد حتى اليوم وأثّرت على الاقتصاد الوطني للبلد وطحنت المواطن وزادت من أوجاعه وفقره وليس فقط الشتات والنزوح والتشرد الذي يتجرعه اليمني اليوم، كما يرى العالم الخارجي .

 

ارتفعت أسعار السلع الغذائية إلى 5 أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب، لكن انقطاع المرتبات وتوقف العمل في الكثير من القطاعات الخاصة والحكومية وإفلاس الكثير من التجار والمشاريع وانقسام المصرف المركزي للبلاد بين عدن وصنعاء كل ذلك فاقم من معاناة المواطن في بلد يعيش أسواء أزمة إنسانية في العالم، بحسب تقارير الأمم المتحدة.

 

المهاجر ملكيسا

 

وعلى بعد كيلو متر فقط من بشار ورفاقه أتخذ المهاجر الاثيوبي ملكيسا إبراهيم (12 عام) من أحد المطبات في شارع صنعاء وسط مدينة مأرب لبيع علب الماء للمارة رغم انه بالكاد ينطق العربية جيدا كونه حديث الوصول إلى اليمن إلا انه يعمل جيدا أفضل من البقاء دون عمل لتوفير الطعام، كما يقول.

 

ليس النازحين وحدهم من احتوتهم مأرب بل إن عدد المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي بلغ عددهم 350 ألف فرد بمأرب، حسب إحصاءات رسمية صادرة عن مكتب الإحصاء ومكتب التخطيط ومكتب الوحدة التنفيذية بالمحافظة للعام 2021 يعيشون ظروف صعبة وقاسية ليس ببعيد عن ما يعانيه اليمني النازح في مأرب.

 

ومع دخول شهر رمضان المبارك الذي بات على الأبواب ضيفا ثقيلا بحاجاته ومتطلباته الكثيرة في البيوت اليمنية عادة زادت من الأعباء والأوجاع على الأسر النازحة والمعدمة.

 

ويأتي موسم رمضان هذا العام في ظل ظروف صعبة للغاية يعيشها المواطن مع انخفاض لقيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وحرب روسيا وأوكرانيا كل ذلك أدى إلى ارتفاع أكبر لأسعار السلع الغذائية في الأسواق خصوصا القمح، الأمر الذي زاد الوضع تعقيدا لدى المواطن.

 

كل ذلك الكم من المعاناة دفعت الأسر النازحة بكل من يستطيع العمل في أوساطها ذكورا أو إناثا إلى الشارع للبحث عن عمل بما يناسبه ومن ذلك التسول وبيع الزينة والروائح (إكسسوارات الخاصة بالمركبات) وعود الأراك وغيره الكثير.

 

وباتت الجولات والمطبات وتقاطعات الطرق القريبة من مخيمات النزوح تزدحم منذ ساعات الصباح الأولى بالنساء والأطفال الباعة والمتسولين لكنه زاد إنتشار الأطفال الباعة قبيل شهر رمضان في مختلف الأماكن وزوايا الشوارع لا لشيئ غير مساعدة الأسر في توفير لقمة عيش كريمة.


التعليقات