التافهون والقضية الوطنية
السبت, 16 أبريل, 2022 - 04:02 صباحاً

ليس المقصود بالتفاهة هنا الشتيمة ، بل يقصد بها تسطيح القضايا الوطنية واقتحام مواضيع دون البحث في المراجع الصحيحة والدقيقة ، ويتم التعامل مع الأمر وكأنه عبارة عن ثرثرة فارغة ، فأذا تحدثت عن الدستور قفز لك جاهل سطحي وأصدر حكما بأن اليمن لم تحكم بالدستور ، وإذا تحدثت عن الوحدة ، قفز لك جاهل آخر يقول لك أولا روحوا حرروا الشمال قبل أن تتحدثوا عن الجنوب ، وإذا تحدثت عن احتلال سقطرى وإغلاق مطار الريان والغيضة يقول لك أولا حرروا الشمال وبعدين تكلموا عن سقطرى .
 
في الحقيقة هذه التفاهة مصنوعة صناعة ، بل إن هناك من يدفع بالتافهين ومن يروجون للتفاهة أو يصنعونها أو يحرضون عليها إلى الواجهة وخاصة واجهة العمل السياسي والإعلامي وينشئون مجموعات ومنصات للتفاهة يتقيئون جهلهم في وجوه الكتاب والمفكرين ، يحتكرون الصواب في أنفسهم دون القدرة على خوض الحوار الفكري ، لأنهم لا يتمتعون بأي قدرات فكرية ويصرون على تهميش منظومة القيم .
 
يتقمصون دور الوطنية وهم للتبعية أقرب ، يتحرشون بمن يرفض إنتهاك السيادة الوطنية ويدعمون كل خطوة يراد منها الانتصار على الحقوق الوطنية ، ينفرون من الشخصيات الوطنية ويتعاطفون مع الشخصيات التي تشبههم ، تلك التي ترتبط بمصالحها الشخصية وتسقط المصلحة العامة ، يبحثون عمن يتوافق معهم ويشبههم وينفرون من الشخصيات الوطنية ويحاولون أن يسقطوا عمالتهم عليهم .
 
نعيش فجوة كبيرة بين جيل مضى قدم لنا الكثير من القيم الوطنية النبيلة والدروس العظيمة ، وتأسس على احترام الوطن ومكاسبه ، وجيل يمتلئ بالتفاهة والانتقاص من القيم الوطنية ، جيل قدم حياته في سبيل السيادة الوطنية والوحدة وجيل يسخر من السيادة وينتقص من وحدة المصير ، يريدون منك أن تسبح في نفس المستنقع الذي يسبحون فيه .
 
هناك من يشتري هؤلاء الأغبياء في السياسة والإعلام ويمولهم لفتح مجموعات في الواتس والفيس بوك ، يستبيحون مجال التفكير العلمي المبني على معطيات ونظريات وأدوات وخبرات وتجارب ويفرضون سطحيتهم وخواء عقولهم وتحويل الأفكار إلى أدوات تافهة ، يتوقفون أمام شخص الكاتب ويتجنبون المكتوب ، يريدون للتفاهة أن تملأ رؤس العقلاء ويتجنبون القضايا الوطنية والمشترك العام لدى الشعب اليمني .
 
نحن أمام أموال تستثمر في التفاهة والتافهين ، بهدف تسطيح القضايا الجادة وتحويلها إلى حالة من التفاهة والسطحية والترويج للتبعية ، يدعون الوطنية وهم يشوهونها ، ويوصمون الأخرين بالتبعية وهم ينتصرون لها ، حديثهم ثرثرة فارغة تصدر من جاهل سطحي يحكم ويقرر ويصر على أن ما يقوله هو الحقيقة ، إذا أردت أن تخرج التافهين من جحورهم فما عليك سوى الحديث عن الشرعية الدستورية أو عن الوحدة أو عن تحرير سقطرى أو عن توحيد الشرعية في كيان واحد .
 

التعليقات