تطرقت الحلقة للقاءات في عدن ومحطات عديدة
مقبل نصر غالب في حلقته الـ16 يتحدث عن إدارة القربي وقباطي والشعيبي لوزارة التربية ومعارضة عبدالسلام كرمان لحرب 94
- تعز - خاص الخميس, 23 يونيو, 2022 - 02:40 صباحاً
مقبل نصر غالب في حلقته الـ16 يتحدث عن إدارة القربي وقباطي والشعيبي لوزارة التربية ومعارضة عبدالسلام كرمان لحرب 94

[ تطرقت الحلقة الـ16 لمذكرات مقبل نصر لعدة قضايا - الموقع بوست ]

صدر لي قرار "مستشار مادة أصول التربية وعلم النفس التربوي"، وهي درجة مالية في قانون المعلم، كتعويض عن منصب مدير عام.

 

ويبدو أن وكيل قطاع التوجيه والمناهج، في وزارة التربية، شعر أن القرار قد يحولني من القطاع، فرفع مذكرة إلى الوزير، لمنحي درجة مدير عام ماليا، أي نقلي من المجموعة الأولى "ج"، مع بقائي مديرا لإدارة التدريب.

 

وقد وافق الوزير، والذي حرر مذكرة إلى رئاسة الوزراء، لكن في الوقت الضائع، فقد كان التنافس على الانتخابات البرلمانية بين الأحزاب في أشده مع تجميد الترقيات.

 

وأفرزت الانتخابات البرلمانية فوز ثلاثة أحزاب "المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني"، وتلاشت الأحزاب القومية والأسرية والفردية والطائفية.

 

أبوبكر القربي وزيرا للتربية

 

تعين الدكتور أبو بكر القربي وزيرا للتربية والتعليم، وقد عرفته من قبل، في مناقشة بعض البحوث التربوية، وهو نائب رئيس جامعة صنعاء، سلمت عليه، فقال لي "قد عندي توصيات بشأنك اطمئن"، فقلت: الحمد لله.

 

دعانا القربي، إلى اجتماعات لمناقشة سؤال: هل نحن بحاجة إلى هوية ثقافية؟ وكل واحد أدلى بدلوه، وجاء دوري لأقول لسنا دولة متعددة الأعراق والديانات واللغات والقوميات، هويتنا واحدة هي الثوابت الوطنية والدستورية، والأخوة الذين تشربوا ثقافات خارجية، وفشلت أيدولوجياتهم في أوطانها وأوطانهم لا يمثلون 5% من المجتمع اليمني، والدليل نتائج الانتخابات.

 

أبوبكر القربي

 

كانت الخلافات والشكوك قد برزت إلى السطح، واعتراض علي سالم البيض، على نتائج الانتخابات العددية، ورفضه أداء اليمين الدستورية، والجميع على أعصابهم، واستبشرنا خيرا بتوقيع وثيقة العهد والاتفاق في عمان الأردن، منتصف يناير 1994.

 

وفي مارس، انعقدت ندوة تربوية حول تطوير لائحة الامتحانات، بورقة أعدها مكتب التربية في عدن، ودعانا لمناقشتها وإقرارها، واستضاف التربويين من الوزارة ومكاتب التربية.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب يتذكر سنوات العودة إلى صنعاء والانقلاب الناصري الفاشل وتعيين الأصبحي وزيرا للتربية

 

توجهنا إلى عدن مع الوزير والوكلاء ومساعديهم، وحضرنا جلسات اليوم الأول، وكان لي دور في نقض الوثيقة أنها لائحة انفصالية تجعل فرع عدن يقوم بدور الوزارة كاملا في المحافظات الجنوبية.

 

وأنا مع توسيع الصلاحيات لكل المحافظات، وليس فرع عدن فقط، إضافة إلى ضعف وضبابية بعض البنود، فاللائحة تدعو إلى عمل لوائح فيما بعد، وتشكلت لجنة لمراجعتها، وانتهت الجلسات، وتوجهنا إلى مكان الإقامة.

 

إطلاق الرصاص في البريقة

 

الواصلون من صنعاء، تم تسكينهم في شاليهات البريقة على ساحل الغدير، والذين وصلوا من تعز وإب تم تسكينهم في أماكن أخرى، وشاليهات البريقة بعيدة عن المدينة، وليلها موحش، وليس فيها خدمات الساكنين، لا بوفية ولا مطعم ولا ماء، وربما حركة مقصودة.

 

شغلنا السواقين يحضرون لنا حاجاتنا من المدينة، وبعد منتصف الليل سمعنا إطلاق رصاص فسكتنا ونمنا، وفي الصباح شفنا الخبط على السيارات، وتكسير زجاج السيارات والأبواب، سرقة بعض الأدوات، واحد انسرق عليه بدل السفر، وآخر انسرق عليه كاميرا فيديو، وملابس.

 

وأنا أبحث عن شنطتي قد طارت من السيارة إلى الساحل، والبطاقة العائلية بين الرمال، شميز بين الماء وبنطلون بين الوحل.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر في الحلقة الـ13 يكتب عن: رحلة التدريب التربوي في كندا ولندن ونيويورك والسودان وتجربة التقارير السرية في شؤون الموظفين

 

تحركنا إلى مكان الندوة، لم يصدقنا أحد، لا وكلاء ولا مدراء عموم، قالوا: "أنتم في عدن وليس في صنعاء، عيب الدعايات الكاذبة، وأنتم بعيدين عن المدينة لن يصل إليكم "سكارى" وجنبكم معسكر "أشيد" لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه، يمكن أنكم فعلتم هذا بأنفسكم كي تعملوها حجة علينا، يمكن سكرتم ومش متعودين".

 

علمت أن نائب الرئيس سوف يأتي يلقي علينا خطابا، فجهزت قصيدة، وقلت لهم اكتبوا اسمي في البرنامج، سوف ألقي قصيدة:

 

الظلم وافي نصابه

لا تركنوا للخطابة

فالرعد عند السياسي

من غير هطل السحابة

والوعد عند المعارض

إصلاح شأن العصابة

الأمن يطلب أمنا

قد ضاع حتى كلابه

وأغانيه في البريقة

أشيد يشكو عذابه

نهبت ليلا ثيابي

فأنت مثلي مصابة

هنا نشأت صغيرا

والحب يعلو عبابه

الآن أعود وصوتي

يهز عرش العصابة

لابد للشعب يوما

فيه يصفي حسابه

 

الوكلاء قالوا لا داعي لها، فالجماعة مشحونين، الله يعلم أيش حصل، وأنا أصريت والوزير يراجعني، قلت سألقيها بدون وجود البيض، وجاء البيض، وألقى خطبة الوداع، وسمعها الجميع.

 

خبر البيض المفزع

 

عملوا لنا مأدبة غداء في معهد التدريب، وغاب عنها الماء، ومش عارف هل كان هذا بقصد، أم لا، وكاد الدكتور القربي، أن يختنق، وكان بجانبي فدكمته في ظهره، وراح الاختناق، ويبدو أن الدكمة كانت قوية، فرد مازحا "طارت ترقيتك"، وأنا مازحته بهذه الأبيات:

 

أيها القربي تقرب

وأملأ القربة اشرب

كلما حاولت شربا

خزقت والماء تسرب

 

وانتقلنا للمقيل في منزل وكيل فرع عدن الأستاذ على الوريث، وأثناء المقيل جاءنا خبر بأن عدنان البيض مدير عام المباحث الجنائية، ألقى القبض على الذين اعتدوا على سيارتكم، وسيعيد لكم كل حاجاتكم الليلة.

 

اقرأ أيضا: مقبل نصر في حلقته الـ11 يكتب عن مناظرات الزنداني والتبشير للمسيحية في صنعاء ووعود الإخوان بتعليم صالح

 

والجماعة خافوا وقاموا مباشرة، وقالوا نكمل المقيل في "الحسيني" ونعود، ومن الحسيني فحطنا إلى تعز، وفي منزل عبدالفتاح جمال، تواصلنا مع صنعاء، فقالوا إن الأمور اعتصدت في محافظة عمران، فعرفنا سبب الوجوه المكفهرة.

 

ومن العجائب أن الأستاذ عبده علي قباطي، ترك سيارته في صنعاء، حفاظا عليها، وتواصل يومها مع بيته فقيل له إن ابنه عمل حادث بالسيارة، وتضررت السيارة، فضحكنا على هذه المصادفة.

 

كرمان معارضا للحرب

 

عدنا إلى صنعاء، ومنتديات القات بكل توجهاتها تناقش خطورة الحرب وإفرازاتها وأوزارها، وفي أحد المنتديات كان عبدالسلام خالد كرمان، معارضا للحرب تماما، وقال إن "صالح"، إذا أزاح الاشتراكي بقوة السلاح، سوف يرجع يزيح الإصلاح بالملاطيم، وعارضه البعض بالقول إن هذه فرصة ذهبية للتخلص من الشيوعيين.

 

عبدالسلام كرمان

 

اندلعت الحرب، وانتهت لصالح المؤتمر والإصلاح، وتم التحالف بينهما وتقاسم الحقائب الوزارية، وإضافة المادة الدستورية التي أرادها الإصلاح "الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية مصدر التشريعات والقوانين"، وتسلم الإصلاح حقيبة التربية والتعليم، وتم تعيين الأستاذ عبده علي قباطي وزيرا للتربية والتعليم، ونائبه الدكتور محمد سعيد السعدي.

 

اقرأ أيضا: في الحلقة الـ14 مقبل نصر يسرد ذكريات إنشاء المعاهد العليا في اليمن وإدخال الوزير الآنسي الكمبيوتر لأول مرة في وزارة التربية

 

كان التربويون يباركون لي، نظرا لعلاقتي بالقباطي، ويتوقعون أن أكون وكيل وزارة، وبعضهم يريدون مني أن أخدمهم بالتوسط عند الوزير، وأنا أقول لهم: أنا لا وكيل ولا وكيل مساعد ولا مدير عام.

 

وأنا أدرى بصاحبي، لن يعمل لي شيئا، لمعرفتي الجيدة به، فقد اشتغلنا سويا ليل نهار 13 سنة، وأعرف كيف يفكر، وكيف يشتغل، وهذا ما حدث، فقد أراد القباطي جهة ترشحني لمنصب كي يوافق ولن يرشحني هو، وقد قلت:

 

كان لي خل مخلق حل في القلب وخندق

خان هذا الخل قلبي بعد أن طار وحلق

محنتي في الحب أشقى وطوال الدهر أعشق

كلما أحببت نجما أفل النجم وأخفق

 

مع الوزير القباطي

 

القباطي رجل روتيني جدا، وليس صاحب قرار، ويقدس اللوائح، ولا يمكن أن يخالفها عكس حزب الإصلاح الذي رشحه، والذي يرى أنها لوائح وضعية يمكن مخالفتها وليست مقدسة.

 

والقباطي في كل مرحلة جديدة يبحث عن أصدقاء جدد ويترك السابقين، وقد منح قرارات مستشارين للكثير، وعين في مراكز قيادية أضعف الناس، من أحزاب مختلفة، وعمل لهم مساعدين من حزب الإصلاح، لكنهم بدون خبرة، فكانوا كما يقول المثل "عمياء تخضب مجنونة".

 

واشتغل القباطي، بعيدا عن المشاكل التربوية الحقيقية، فتارة يشكل لجانا من أكاديميين لمناقشة قضية الغش في الامتحانات، وكيفية مكافحتها، وتارة لجنة لمناقشة كيفية معالجة مشكلات ضعف الطلاب في اللغة العربية.

 

أحمد ضيف الله العواضي

 

ووصلت المهزلة إلى حد عقد ندوات، للاطلاع على تجربة أيرلندا وكندا ونيوزيلندا، في تدريس اللغة الإنجليزية، واعتبروها أقرب إلى الوضع اليمني.

 

وكانت النتائج سطحية، من قبيل اقتراح زيادة درجة اللغة العربية من 100 درجة، في امتحانات الثانوية العامة والتاسع أساسي، إلى 200 درجة، كي يهتم الطالب، ويمتحنها في يومين.

 

لكن يحسب للوزير القباطي، أنه لم يسرق الملايين من المال العام مثل غيره من المسؤولين، وقد حول لي بعشرة آلاف ريال يمني، إلى عند الأستاذ عباس المنصور مدير المطابع المدرسية، فقال لي المنصور: "ما دام وهي عشرة آلاف تعال لعندي مباشرة وأنا أجيبها لك بدون أمر الوزير".

 

زيارة إلى العراق

 

في صيف 1995، تلقيت دعوة من مهرجان المربد في العراق لإلقاء قصيدة، حاولت الحصول على تذكرة سفر من الوزارة، فقالوا إن من سياسة التقشف بعد الحرب صرف تذاكر السفر عبر رئاسة الوزراء.

 

اقرا أيضا: في الحلقة الـ14 مقبل نصر يسرد ذكريات إنشاء المعاهد العليا في اليمن وإدخال الوزير الآنسي الكمبيوتر لأول مرة في وزارة التربية

 

أصدروا لي مذكرة إلى رئيس الوزراء وتوسطت بالأستاذ محمد قحطان، باعتباره صاحب البلاد، من أجل يقدمها إلى عبدالوهاب الانسي نائب رئيس الوزراء، فرجع بالمذكرة كما هي، ولم يستطيع إقناع الآنسي، بالصرف.

 

وكوني من المشاركين في تأسيس مؤسسة الإبداع للآداب والفنون، التابعة للدكتور عبدالولي الشميري، فقد طلبت منه التذكرة، والسفر باسم المؤسسة، ولا أريد بدل سفر لأن الاستضافة في العراق كاملة، فصرف لي التذكرة وفوقها مائة دولار، وكان حينها محافظ محافظة مأرب.

 

سافرت العراق عبر عمان الأردن، ومن عمان إلى بغداد، على حافلة عراقية برا أكثر من عشر ساعات، ومن قصيدتي التي ألقيتها في المهرجان:

 

أتيت أناجيك يا مريد

أنا يمن العرب والمولد

أتيت وفي مقلتي دمعة

فماذا سأهديك يا فرقد

كلانا يمر بشر الظروف

وفي كل باب لهم مرصد

وقد أحكم الذئب كل القلاع

وراياتها الحمر لا تهمد

له النفط والمال والغانيات

لنا الفقر والسوط والسيد

فماذا سأعطيك يا مهجتي

سوى الدمع والله لا أجد

خذوا دمعتي وازرعوا وردة

فدمعي إليكم أتى رافد.

 

الشعيبي وزيرا للتربية

 

استضافني اتحاد طلاب اليمن، في أمسية شعرية، ألقيت عددا من القصائد الثورية، واستغرب الطلاب أن هذه القصائد قيلت في اليمن، ونشرت أيضا في صحف محلية، فقلت لهم: "عندنا ديمقراطية قل ما تشاء وأرقد بلا عشاء".

 

يحيى الشعيبي

 

وأزعجني في هذه الرحلة تماثيل الرئيس صدام، المنتشرة في الشوارع والطرقات، وأيضا قيل لنا إن المدارس الثانوية تدرس خمس لغات أجنبية، فقلت هذه مطية الغزو الفكري والتواصل الخارجي والسقوط القومي.

 

وكان معنا الأستاذ الأديب الناقد عبدالودود سيف، والشاعر أحمد ضيف الله العواضي، فقالوا لي لا تكثر بالانتقاد أنت في العراق مش في صنعاء.

 

عدت إلى اليمن سالما، وقدمت بحثا إلى اللجنة الوطنية لليونسكو بعنوان "تنظيم الأسرة في الإسلام"، حسب طلبها، وبحثا آخر عن التدريب أثناء الخدمة، أيضا حسب طلبها، كي أحاضر بهما في عام 1996.

 

وفي صيف عام 1996، انتقلت إلى اللجنة العليا للانتخابات، في وظيفة خبير تدريب اللجان الانتخابية، فاشتغلت بها صباحا ومساء، حتى تمت انتخابات عام 1997، بالأغلبية المريحة للمؤتمر الشعبي العام، وليتها كانت أغلبية كفاءة وقدرات.

 

وتعين الدكتور يحيى الشعيبي وزيرا للتربية والتعليم، ونائبه الرائع عبدالملك المعلمي، وأول قرار كان هو إزاحة العشرات من الإصلاحيين، من قيادات الوزارة، فقلت: "بدأت الملاطيم كما قال عبدالسلام كرمان".

 

يتبع في الحلقة القادمة.

 

*خاص بالموقع بوست.


التعليقات