[ سميرة فتاة يمنية فقدت والدها وعائلتها تعاني الحرمان ]
تجلس أم سميرة عند ركن بيتها، في حي النهضة شمال صنعاء كل صباح تفكر وقتا طويلا إلى أين ستكون وجهتها ذلك اليوم، من أجل توفير لقمة العيش لابنتها اليتيمة وشقيقاتها اليتيمات وأمها المسنة التي تعاني من أمراض عديدة.
أم سميرة امرأة يمنية كغيرها من آلاف النساء في اليمن، قسى عليها الزمن، بعد أن توفى زوجها قبل ست سنوات، ولحق به والدها بعد فترة زمنية قصيرة، عندما سقط من فوق منزل كان يعمل فيه بنّاءً، وأصبحت وحيدة بين طفلات ينتظرن دعم ورعاية، وأم تحتاج للعلاج من حين لآخر.
التقينا أم سميرة فجأة وبجوارها طفلتها التي تبلغ من العمر 10 سنوات، وهي جالسة في الشارع ودموعها تتساقط، فقررنا الاقتراب منها لمعرفة سبب بكائها الغزير، وما إذا كنا نستطيع مساعدتها، فأخبرتنا أنها خلال ست سنوات مضت كانت تكافح من أجل ابنتها وشقيقاتها اليتيمات من خلال العمل في المنازل، واستطاعت خلال كل تلك السنوات أن تزرع الابتسامة في وجوههن وأمها المريضة.
وخلال حديثها لنا أكدت أم سميرة أن الحرب ضاعفت معاناتها، وانغلقت الكثير من المصادر التي تعتمد عليها في وجهها، وكانت إحدى المؤسسات الخيرية تقدم لها مساعدات غذائية كل 3 أشهر، وبعد اندلاع الحرب لم تقدم تلك المؤسسة أو غيرها أي مساعدات غذائية كانت أو صحية.
تساقطت دموعها خلال حديثها معنا، عندما بدأت تتكلم عن أمراض أمها، وكيف أنها في معظم الأحيان تقف عاجزة عن توفير الدواء لها، فهي تعاني من السكر والضغط والقولون وتحتاج إلى أدوية بشكل مستمر.
وجدنا فيها المرأة الصابرة المثابرة التي أوكلت أمرها لربها، عندما قالت لنا "إن الله لن يضيعنا، ونتمنى من أهل الخير أن يقدموا لنا ولو القليل، لكي نستطيع مواصلة الحياة، رغم أننا لم نعد نخاف من الموت، فهو أهون لنا، وعندما نموت سنغادر إلى صاحب الملكوت، وهناك سيجازينا على صبرنا وجوعنا ويتمنا"، وفق تعبيرها.
أم سميرة وطفلتها وشقيقاتها اليتيمات نموذجا لآلاف الأسر التي تيتمت بسبب وفاة عائلها أو بسبب الحرب التي خلفت 79199 تسعة وسبعون ألف ومائة وتسعة وتسعون يتيما، بحسب تقرير إحصائي ومسح ميداني أعدته المنظمة اليمنية العالمية للإغاثة والتنمية.
أيتام اليمن بعد وقبل الحرب
ويقول التقرير الإحصائي الذي حصل "الموقع بوست" على نسخة منه ويحمل عنوان "أيتام اليمن قبل وبعد الحرب" إن أسباب اليتم في اليمن كثيرة، من أهمها الوفاة، ومستوى الدخل، والأمراض المستعصية، والأوبئة، والإرث الكبير من المشاكل الاجتماعية، والثارات، وحتى الأحداث المرورية.
وأشار إلى أن الحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عامين، هي الأخرى أجهزت على ما تبقى من وضع جيد في المعيشية لدى عدد غير محدود من الأسر، لتصبح في وضع متدهور، أما الأسر الفقيرة قبل الحرب، فقد أصبحت في وضع مأساوي لا تحسد عليه.
وأكد التقرير الإحصائي أن إجمالي عدد الأيتام قبل الحرب كان 1.052.227 مليون واثنان وخمسون ألف ومائتان وسبعة وعشرون يتيما.
وأضاف أن عدد الأيتام بسبب الحرب التي تدور في البلاد منذ أواخر العام 2014 بلغ 79199 تسعة وسبعون ألف ومائة وتسعة وتسعون يتيما.
معاناة الأيتام تضاعفت
يقول الدكتور نبيل ضبعان نائب الأمين العام المساعد في مؤسسة اليتيم التنموية، إن شريحة الأيتام تضاعفت معاناتها منذ بداية الحرب، وخلفت الحرب عشرات الآلاف من الأيتام.
وأكد ضبعان في تصريح لـ"الموقع بوست" أن مؤسسة اليتيم تأثرت بشكل كبير من الرياح التي تعصف بالبلاد، كونها جزء من الكيان الموجود داخلها.
وأشار إلى أن الدعم الذي كانت تتلقاه مؤسسة اليتيم من الدولة توقف الآن، بسبب عدم وجود السيولة المالية، بالإضافة إلى فقدان الداعمين الداخليين، بسبب الظروف المالية التي يمر بها التجار، مشيرا إلى أن المعضلة هي معضلة مالية.
ودعا ضبعان المنظمات المحلية والخارجية الإنسانية والإغاثية إلى الاهتمام بشريحة الأيتام، كونها تمثل شريحة كبيرة في المجتمع اليمني، من خلال تقديم الدعم والمساندة لمؤسسة اليتيم والمؤسسات الخيرية التي تهتم بشريحة الأيتام.