توقعات بشأن ملف السلام والجانب السياسي في اليمن
2020.. هل سيكون بداية النهاية للحرب ومعاناة اليمنيين؟ (تقرير)
- خاص الاربعاء, 01 يناير, 2020 - 05:27 مساءً
2020.. هل سيكون بداية النهاية للحرب ومعاناة اليمنيين؟ (تقرير)

[ توقعات بشأن ملف السلام والجانب السياسي في اليمن ]

شهدت اليمن منذ بدء الحرب في مارس/آذار 2015 متغيرات كثيرة وأفرز الواقع معطيات أكثر، جعلت  قراءة المشهد في البلاد غاية في الصعوبة، فيما كان الثابت هو تفاقم معاناة المواطنين يوما بعد آخر بمختلف الأشكال، خاصة مع التوجه نحو تقسيم البلاد إلى كانتونات صغيرة.

 

تم إجراء الكثير من جولات المشاورات بين الحوثيين والحكومة، آخرها في سويسرا قبل أكثر من عام والتي تم الخروج منها باتفاق ستوكهولم الذي لم يرَ النور بعد واقتصر على الحديدة، وكان هناك كذلك محادثات سرية بين الحوثيين والسعودية، ومؤخرا اتفاق تم التوقيع عليه بين الشرعية وما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي".

 

تغير مسار كثير من تلك الاتفاقيات والمشاورات برغم التوقيع عليها، وظلت مجرد حبر على ورق، ولم يتم تنفيذ شيء منها على أرض الواقع، وعليه استمرت الحرب وأصبحت أكثر تعقيدا.

 

أدى غموض المشهد وحدوث متغيرات كثيرة إلى صعوبة التنبؤ بما يمكن أن يحدث، وشكل النهاية التي يمكن أن تكون لملف اليمن، فأي فرضية يمكن أن تنتهي بسهولة بسبب الأحداث التي تقع فجأة وظهور أطراف صراع جديدة بشكل دائم.

 

فرضيات

 

يحاول المحلل السياسي محمد الغابري وضع فرضيات للحالة اليمنية خلال 2020، فهو يتوقع أن يتم تجميد الأزمة في وضعها الراهن، سلطة قانونية مشلولة، وتحت الإقامة الجبرية في الرياض، وسيطرة مليشيات الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن، بقوة غير قانونية، وليس لها سلطة سياسية، إضافة إلى بقاء صنعاء والمحافظات الشمالية في قبضة الحوثيين بدون أي قانون.

 

والسبب في ذلك كما يقول لـ"الموقع بوست" أن واشنطن ولندن والرياض لم يصلن إلى النظام الذي يرضيهن، كما كان نظام صالح والمؤتمر الشعبي العام، والذي كانت في ظله تعيش اليمن استقرارا هشا، مع قبول خارجي إقليمي دولي به.

 

أما الفرضية الثانية فيذكر الغابري أن يتم تنفيذ اتفاق الرياض ببطء، مع محاولات إيجاد حكومتين في حكومة، وجيشين وأمنين يتبعان وزارتي الدفاع والداخلية نظريا، لكن تبقى شبه مستقلة عمليا، وتبعية مليشيات الانتقالي  للمجلس.

 

على صعيد السعودية والحوثيين، فالغرض -وفق الغابري- هو إبقاء الحالة على ماهي عليه، وكف الحوثيين ومن ورائهم إيران عن استهداف المملكة إلا في حدود ضيقة.

 

 أي أن التواصل السعودي الحوثي متفق عليه ضمنا، أن تكف المملكة عن استهداف الحوثيين في العاصمة ومناطق أُخرى، ويتوقف الحوثيون عن تبني هجمات نوعية كهجوم 14 سبتمبر/أيلول الماضي على منشآت أرامكو، على حد قوله، متوقعا كذلك أن يظل اتفاق ستوكهولم مجمدا.

 

انعدام النوايا

 

أما المحلل السياسي ياسين التميمي فتبدو توقعاته متشائمة بشأن المسار السياسي للأزمة والحرب وآفاق تحقيق السلام خلال العام  2020، وذلك لانعدام النوايا لدى جميع الأطراف المعنية بإنهاء الصراع في هذا البلد.

 

وأفاد لـ"الموقع بوست" بأن المسار شديد الوضوح، فهناك قرارات صادرة عن مجلس الأمن، وهناك مرجعيات، وهناك أفق محدد للسلام يتمثل في إنهاء مسببات الحرب وفي المقدمة منها الانقلابات، مستدركا "لكن من الواضح أن التحالف السعودي الإماراتي تعمد عدم المضي في مسار إنهاء الانقلابات، وأضاف انقلاباً جديداً في عدن تم تأطيره باتفاق الرياض الذي سيستغرق اهتمام معظم أطراف الحرب خلال العام 2020.

 

ويدلل على ذلك بإشارته لاتفاق الحديدة الذي قال إنه يؤكد إمكانية المراوحة عند النقطة الأولى في مسار تنفيذ الاتفاقات المبرمة، وإغراق المشهد السياسي بتفاصيل المفاوضات العبثية على ما سبق وإن اتفقت على تنفيذه أطراف الصراع.

 

تطورات متسارعة

 

ولأن ما يجري في اليمن يتأثر بشكل كبير جداً بتطورات الأحداث في المنطقة، فإن المحلل السياسي التميمي يتوقع أن يشهد الصراع في اليمن تطوراً دراماتيكياً، قد يكون إحدى آفاقه إنهاء الحرب من خلال الإقرار بالمكاسب السياسية والعسكرية لأطراف هذه الحرب، وتضييق الخناق على القوى السياسية والعسكرية التي يدور نضالها حول المشروع الوطني الجامع والتمسك بالدولة الاتحادية.

 

وإن حدث ذلك فإنه ليس من حق أي طرف الادعاء بأن اليمن يقترب من السلام أو أنه يتجه إلى السلام، لأن طريق السلام ينبغي أن تمر عبر محطات ضرورية أبرزها إنهاء الانقلابات والإقرار بسيادة الدولة اليمنية ووحدة أراضيها وتأسيس سلطة انتقالية على مبدأ الشراكة، وصولاً إلى عملية سياسية شاملة تتأسس على أنقاض المليشيات والمشاريع ما دون الوطنية وتتحرر من الاستقطابات الإقليمية، وفق التميمي.

 

الكفة في صالح من؟

 

يبدو الملف السياسي اليمني، مع نهاية العام 2019، أكثر تعقيدا من أي وقتٍ مضى، بالنسبة للصحفي كمال السلامي، الذي يرى أن الكفة في صالح المليشيات والكيانات المناوئة لسلطة الدولة، شمالا وجنوبا.

 

وأفاد لـ"الموقع بوست" بأن أجندة التحالف العربي أصبحت أكثر وضوحا من ذي قبل، ليس لديه نية للحسم، ربما لحسابات تتعلق بمخاوف الدولتين الفاعلتين في التحالف، وهما السعودية والإمارات.

 

وبحسب السلامي هناك تخبط وضعف في الشرعية، يقابله امتلاك الحوثيين مقومات قوة أكثر من ذي قبل، كالأسلحة والخبرات التقنية، وإحكام سيطرتهم على أجهزة الدولة في مناطق سيطرتهم، فضلا عن التواطؤ الأممي، إذ يبدو أن الدول الفاعلة في المنظمة الأممية، تريد إبقاء اليمن بؤرة صراع، والهدف الإبقاء على سوق السلاح مفتوحا، فضلا عن استغلال مخاوف دول النفط، لابتزازها ونهب مقدراتها، تحت مبرر حمايتها.

 

واستبعد أن يكون العام 2020، عام حسم لصالح الدولة في اليمن، لكنه يرى أن احتمالات توقف الحرب كبيرة، لكن لصالح صيغة تمنح الانقلابيين شمالا وجنوبا، وجودا قويا على حساب الشرعية، والقوى الوطنية السياسية التي ساندت الدولة والتحالف.

 

مؤشرات إنهاء الحرب

 

يذكر الصحفي السلامي كذلك أن هناك مؤشرات رضوخ التحالف ونيته إنهاء الحرب والتي تزايدت مؤخرا، ويبدو أنها تتجه لإنهاء الصراع والدخول في هدنة خلال العام القادم، وهذا بالتأكيد سيصب في مصلحة الحوثيين، بينما ستكون الشرعية عاجزة في مناطق سيطرتها، كحالها خلال الفترة الماضية والحالية، وستنشغل أكثر في ملف الجنوب، والخلاف مع حلفاء الإمارات.

 

وتوقع أن تحاول السعودية التقرب من الحوثي، وشراء ابتعادهم عن إيران، بمنحهم الضوء الأخضر للحكم أو للهيمنة عليه، حتى وإن كان هناك شراكة فستكون صورية حتما. أما في الجنوب فقال إن الإمارات زرعت قوى وكيانات مسلحة، ولديها هدف واضح هو الانفصال، والموانئ ليست في يد الشرعية، والمنافذ معطلة، والوضع الاقتصادي في وضع الإنعاش.

 

وبالتالي، ليس هناك ما يبشر، كل المعطيات، تقول إن العام 2020، سيكون عاما آخر مليئا بالمعاناة، وانعدام الأمل لدى الباحثين عن الدولة والعدالة، والدور الأممي سيستمر على نفس المنوال، العمل بشكل حثيث لجلب الأطراف إلى طاولة الحوار، والضغط على الشرعية والتحالف لتقديم تنازلات، وسنظل في هذه الدوامة، مؤكدا أن السعودية والتحالف هما من يملكان قرار إيقاف المعركة، أو استمرارها، وفي ظل المعطيات الحالية، فإن الرياض تتجه حاليا نحو المصالحة مع الحوثي، على حد قول السلامي.

 

واختتم حديثه بإيجاز المشهد بالقول: "عام 2020، سيكون عام شرعنة الانقلابات، وفي أفضل الأحوال، اقتسام كعكة الدولة بين الكيانات المتصارعة من شرعية وانقلابيين".

 

ويعيش اليمنيون منذ خمس سنوات في ظل الحرب وما خلقته من عدم استقرار، وتدهور في مختلف مناحي الحياة بينها الاقتصادية والصحية والتي جعلت الكثير منهم يموتون إما بسبب الصراع أو الجوع أو الأمراض الفتاكة.


التعليقات