القاوق .. ساحة ثورية جديدة لليمنيين ضد العنصرية والتخلف
- بلقيس الابارة الثلاثاء, 22 مارس, 2016 - 03:00 صباحاً
القاوق .. ساحة ثورية جديدة لليمنيين ضد العنصرية والتخلف

أثار موضوع "القاوق"، معظم النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي واعتبروه تقليدا يؤسس لمزيد من العنصرية بين أبناء الشعب اليمني، وأكدوا على أهمية إنتهاج المقاومة الفكرية ضد "القاوق" لأنه لا يرمز للتخلف فقط؛ بل يرمز إلى ما هو أخطر من التخلف والتطرف والفساد، يرمز إلى التمييز العنصري والانتقاص من المواطنة اليمنية والاستعلاء.
 
ويطلق اسم "القاوق" على الأساس الذي يلبس تحت العمامة ليكن قاعدتها، والعمامة لم تكن رمزا للتخلف أو التقدم أو التمييز بأية حال من الأحوال، وكان معظم اليمنيون يرتدونها فقيرهم وغنيهم قبل أن تعطى للملابس خصوصا (القاوق) دلالات اجتماعية وسياسية واعتباره حكراً على الأئمة الزيدية الهادوية -الذين حكموا اليمن قرابة القرن وتغليفه بطابع السلالية كرمز يميزهم عن غيرهم ممن لا ينتمون لنفس السلالة.
 
وعند قيام ثورة سبتمبر المجيدة أصبح من المعلوم أنها قامت ضد العمائم واحتكار السادة للسلطة ودعت إلى إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات ومثلت تحولا جذريا في حياة اليمنيين.
 
تمايز طبقي إجتماعي
 
وفي سياق الحملة الرافضة لثقافة العنف والتمييز الامامية التي تنتهجها مليشيات الحوثيين، علقت الناشطة أسوان شاهر في صفحتها على "الفيسبوك" على الموضوع بقولها: " الحديث عن الدلالة الرمزية لملابس معينة ارتبطت ذهنيا بتمايز طبقي اجتماعي وسياسي ومن يحاول ان يخلط الأمور أو ينكر أن "القاوق" لم يكن مجرد عمامة فهذه مشكلته".
 
وتابعت: "أما اليمنيين فقد اكتووا بنار العنصرية والسلالية والامامية والطائفية وكل مظاهرها ومن حقهم أن يؤسسوا لمواطنة متساوية بدء بالملابس وصولا إلى الحكم"، متسائلةً بسخرية: "هل السلتة والشرشف حكرا على فئة معينة من الناس كما هو الحال مع القاوق".
 
نسل مقدس
 
الناشط اليمني موسى النمراني أعتبر من يعتقد أنه من نسل مقدس، وأن له مزية على الناس بسبب إسم جدته، من يرى أن له على المجتمع حق السمع والطاعة والخمس، من يعاني من هذا المرض هو اللغم بعينه، سواء كانت هذه العمامة على رأسه، أو كانت الكرفته تحت ذقنه.
 
وأضاف: " كم سرقت هذه العمامة من أموال، واستعبدت من أحرار، وزورت من حقائق، وحسنت قبيحا وقبحت حسنا، وأزهقت أرواحا، وكذبت على الله ورسوله، وضلت وأضلت. تسترت كثيرا وحان وقت انكشافها".
 
ليست مجرد عمامة
 
وأعتبر نشطاء ان الجماعة التي لها باع في إزهاق الأرواح والقتل والتشريد لن تتوارى في استخدام أي سلاح لتدمير النسيج الاجتماعي.
 
يقول الكاتب والباحث عصام القيسي:" ليست مجرد عمامة وليس مجرد زي كما يتوهم السذج، إنه حديث طويل في العنصرية، وقائمة من المطالب والاستحقاقات تقولها العمامة بلسان فصيح دون حاجة إلى أن تكلف صاحبها عناء الكلام".
 
ويضيف القيسي: " وهذا كله لا يصح إلا في مجتمع ممزق الأوصال، نخرته العنصرية كما ينخر السوس الخشب. حيث يتم تقسيم المجتمع إلى شرائح يستعبد بعضها بعضا في سلم العبودية الشهير. إنه ليس مجرد "قاوق"، بل ثقافة شيطانية تناهض قيم الدين والعقل والعلم معا".
 
مخرجات الحرب
 
وعدت الناشطة أروى عثمان ذلك من إفرازات الحرب القذرة التي جعلت الشعب حد قولها يعيش حروب هويات متقاتلة تعمل على تسييس الملبس والمأكل والمشرب والجغرافيا والأنفاس حتى تطييف كل شيء بعد ان فرغت تلك الجماعة من قتل الإنسان وتدمير المدن.
 
وتذمرت من الجهل الذي يسكن البعض مضيفة: "لم يبق سوى الخرق والشماطيط نتقاتل بها (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم...)".
 
 
لغم في الجمجمة
 
من جهته، يشبه الكاتب والباحث السياسي محمد ناصر المقبلي "القاوق"، الإمامي باللغم الذي اعتادت مليشيات الحوثيين على زرعه في أرجاء اليمن، مشيرا إلى أن "القاوق الذي يعنيه ليس هو الموروث الشعبي وإنما العمامة التي يتوسطها خيط ابيض ويرتديها الهاشميون كرمز للتمييز العنصري، تخفي تحتها ثقافة عنصرية"، معتبرا القاوق بهذا الشكل بمثابة لغم في الجمجمة.
 


التعليقات