"2021" عام ساخن في تعز .. تردٍ للخدمات وتظاهرات ضد فساد السلطة وتجاوزات التحالف (تقرير)
- تعز - وئام الصوفي الأحد, 02 يناير, 2022 - 04:19 مساءً

[ حصاد تعز وتظاهرات تطالب بإقالة رئيس الحكومة معين ]

انقضى عامها السابع، وبدأت البلاد تستعد لاستقبال الربيع الثامن من عمر الأزمة، لتحصي معه مدينة تعز ما أفرزته المرحلة من تطورات ميدانية وسياسية خلال العام 2021، لاسيما وأنها الواقعة تحت حصار جماعة الحوثيين منذ ستة أعوام.

 

فعلى المستوى العام، كان لمدينة تعز نصيبها من الأزمات السياسية والاقتصادية التي شملت المناطق المسيطر عليها من قبل الحكومة الشرعية، في مرحلة تغييب فيه السلطات الحكومية عن المشهد، لتترك المواطن أمام مواجهة مباشرة مع الفشل الإداري للسلطات، وهو ما ظهر جليًا أثناء انتشار وباء كورونا على سبيل المثال.

 

وخلال العام 2021، حظيت مدينة تعز بالكثير من الأحداث والتطورات السياسية والميدانية وحتى الشعبية، مرورًا بالمتغيرات العسكرية في جبهاتها مع جماعة الحوثيين، ووصولًا الى اندلاع مظاهرات ما عرف بثورة الجياع، وهي الفترة التي تشكل من خلالها امتداد العام السادس من عمر الأزمة السياسية في عموم البلاد.

 

زيارة الساحل

 

وفي خضم التطورات السياسية التي شهدتها محافظة تعز، تأتي زيارة نبيل شمسان محافظ المحافظة برفقة وفد من السلطة المحلية، للساحل الغربي، وعلى وجه الخصوص لما يعرف بالقوات المشتركة، والمقاومة الوطنية حراس الجمهورية بقيادة العميد طارق صالح، والتي وصفها محللون بالمريبة.

 

وفي السياق، افادت مصادر، إن زيارة شمسان للمخا، ولقائه بما يسمى بقائد المقاومة الوطنية (مليشيات مدعومة إماراتيا بقيادة طارق صالح) كان سببه تكليفه بمهمة عسكرية تتعلق بفتح المجال للتمدد نحو المخا بذريعة مواجهة جماعة الحوثي.

 

وقال المصدر "إن شمسان طلب من طارق صالح، الوساطة لدى قوات العمالقة للسماح لقوات محور تعز بفتح طريق لهم من منطقة الحنايا جنوب غرب تعز بذريعة الالتفاف على مواقع تمركز الحوثيين".

 

فيما كشف وكيل محافظة تعز، عارف جامل، أهداف زيارة قيادة السلطة المحلية والعسكرية لمديرية المخا، في تصريح لوسائل اعلامية، قائلًا "إن هذه الزيارة تكسر كل الحواجز والشكوك بين قيادة تعز والقوات المشتركة، واصفاً الزيارة بالتاريخية وأن توقيتها خلال العشر الأواخر من رمضان يعزز مدى أهميتها".

 

وأكد جامل وهو أحد اعضاء وفد الزيارة، إن توجه الجميع نحو ترسيخ الدولة ومؤسساتها ليس فقط على مستوى تعز بل على مستوى الوطن ككل.

 

وعن موقف سلطات تعز من قوات طارق صالح في المخا، قال جامل "إن هذه الزيارة تؤكد أننا والعميد طارق أخوة وهدفنا واحد ومتمثل باستعادة الدولة والنظام الجمهوري وعدونا واحد وهو عصابه الحوثي الكهنوتي".

 

وأشار إلى أن القواسم المشتركة ونقاط التقارب والتوافق والعمل المشترك الذي يجمع قيادات تعز العسكرية والمدنية مع قيادات الساحل بقيادة العميد طارق كبيرة".

 

وأضاف "أن هذه الزيارة التي تأتي برئاسة المحافظ وقيادات تعز العسكرية والمدنية سيكون لها ما بعدها من أعمال تؤكد وحدة الصف والهدف"

 

وشدد جامل على ضرورة الابتعاد عن كل ما يزرع الشقاق والفرقة، والتركيز على ما يوحد الصفوف ضد العدو الوحيد المتمثل بمليشيا الحوثي.

 

وكان محافظ تعز نبيل شمسان وعدداً من قيادات المحافظة المدنية والعسكرية قد زاروا مديرية المخا الساحلية، منتصف العام 2021.

 

وافتتح المحافظ مبنى المجمع الحكومي في المخا كما عقد اجتماعاً بمدراء مديريات المخا وذباب وموزع والوازعية وقيادات المكاتب التنفيذية بالمديريات.

 

وتعهد محافظ تعز بتشغيل ميناء المخا خلال نقاشه مع مدير الميناء عبدالملك الشرعبي إجراءات إعادة تشغيل الميناء الاستراتيجي خلال الايام القادمة.

 

وأكد شمسان انه سيعمل على تصحيح الوضع القانوني لإعادة إيرادات ميناء المخا إلى خزينة محافظة تعز وكذلك تسهيل مهام قيادة الميناء وتدريب الكادر والتنسيق بين جميع المكاتب التنفيذية لفتح فروع لها في الميناء مشيراً إلى ان السلطة المحلية ستبذل جهودها لإعادة تشغيل الميناء خلال الايام القليلة القادمة.

 

على صفيح ساخن

 

حرب وحصار، تردٍ في الوضع المعيشي وانهيار في الجانب الخدمي مع تعطل مؤسسات السلطة المحلية التي اتهمها المواطن بالفساد، واعتبرها آخرون بغير الجديرة بإدارة الأزمة في البلاد، انحسر الأمن الغذائي لدى المواطنين مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية وغاب مشروع الدولة الفاضلة.

 

كلها أسباب كانت كافية ليكسر المواطن التعزي حاجز الصمت ويخرج الى شارع منددًا بالفساد، وهو تحرك شعبي أربك المشهد السياسي وأطاح بشخصيات مثلت جزءًا من هرم السلطة في المحافظة.

 

ومع حلول الـ24 من سبتمبر/أيلول 2021 تجسد الحراك الشعبي ليخرج مئات المتظاهرين احتجاجا على تفشي الفساد وتدهور الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات في المحافظة، مدفوعين بغضب الحرب وفساد السلطات.

 

أحرق المتظاهرون إطارات السيارات أمام مقر السلطة المحلية في تعز، مرددين هتافات تطالب بـ"إقالة المسؤولين الفاسدين".

 

تواصلت الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد لستة أسابيع وما تزال حتى اليوم تعيد تأكيد تواجدها في كل يوم جمعة، رغم قرار سابق للمحافظ نبيل شمسان، بإقالة مديري النقل والكهرباء والصناعة والتجارة بالمحافظة من مناصبهم.

 

فيما شهدت محافظة تعز، احتجاجات واسعة منذ منتصف شهر مايو/ أيار 2021، لمواطنين غاضبين من تردي الأوضاع المعيشية وعدم توفر العديد من الخدمات، منها الكهرباء.

 

انضمت بذلك محافظة تعز، إلى العديد من المحافظات الجنوبية التي شهدت منذ بداية العام الماضي احتجاجات واشعة على تردي الظروف المعيشية، مثل عدن التي تتخذ منها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة وحضرموت ولحج.

 

لا يكاد يلبث الشارع التعزي حتى يطفح بالاحتجاجات الشعبية من جديد، وهو سيناريو اعتادت عليه شوارع تعز وأزقتها خلال الفترة الماضية، فمن المظاهرات الداعمة للجيش الوطني في مختلف الجبهات، الى التنديد بالفساد، ثم الى الجوع وتردي الاقتصاد.

 

حيث شهدت مدينة تعز خلال الأشهر الأخيرة الماضية من العام 2021، تظاهرات واحتجاجات شعبية واسعة، تنديدًا بتراجع قيمة سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية، وهو ما ترد أثره على معيشة المواطنين.

 

وفي سياق متصل، استمرت تظاهرات أهالي مدينة تعز احتجاجا على تدهور العملة المحلية وارتفاع الأسعار وما وصفوه بالفساد في السلطة المحلية بالمحافظة، وسط تأكيد أممي على ضرورة مواصلة الضغط من أجل المساءلة عن جرائم الحرب في اليمن.

 

وطالب المحتجون الذين تظاهروا في ساحة الحرية وأمام مبنى السلطة المحلية بتعز عقب صلاة أيام الجمعة، بوقف تدهور العملة المحلية والحد من ارتفاع الأسعار وتحسين الأوضاع المعيشية.

 

كما طالبوا أيضا برحيل المحافظ نبيل شمسان ومحاكمة من وصفوهم بالفاسدين في قيادة المحافظة. وهتف المتظاهرون ضد جماعة الحوثي وتأييدا للجيش الوطني، مطالبين باستعادة السيطرة على كل مناطق المحافظة.

 

زيارة أممية

 

منذ بداية الأزمة اليمنية، تعاقبت الرحلات الأممية من والى اليمن كثيرًا، الا أن محافظة تعز المحاصرة بقيت مستثناة من السجلات الأممية، فلم يحدث أن حظيت بزيارة لمبعوث أممي من قبل، كما لو أنها مغيبة عن المشهد اليمني.

 

حصار خانق ووضع إنساني صعب تعيشه المحافظة منذ سنوات.. قصف واستهداف للأحياء السكنية وضحايا من المدنيين أطفالًا ونساء وكبار في السن. الا أنها لم تكن كافية بالنسبة للأمم المتحدة لتفتح ملفها وتمنحها زيارة لقراءة الحياة السياسية والإنسانية المهددة بمخاطر الموت الحوثي في تعز.

 

وفي لحظة فارقة تزامنت مع التصعيد الحوثي المرتفع على محافظة مأرب الغنية بالنفط وآخر معاقل الحكومة الشرعية، جاءت الزيارة الأولى للمبعوث الأممي لمحافظة تعز، وهي التي استغرقت يوم واحد أجرى فيها مؤتمره الصحفي الذي تحدث فيه عن معركة السلام وضرورة إيجاد فرصة لكسر حلقة الصراع -حد تعبيره- ثم عاد أدراجه.

 

قطع المبعوث الأممي لليمن أكثر من 180 كيلومترا عبر طرق جبلية وعرة للوصول لتعز التي تحاصرها مليشيا الحوثي، وذلك للمرة الأولى منذ 7 أعوام

 

ووصل مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن هانس غروندبرغ، في الـ8من سبتمبر/ايلول 2021 إلى مدينة تعز قادما من العاصمة اليمنية المؤقتة عدن في زيارة منسقة مع الحكومة المعترف بها دوليا، وذلك للمعاينة عن قرب للتداعيات الإنسانية لحصار مليشيات الحوثي.

 

انسحاب المشتركة

 

في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نفَّذت تشكيلات مسلحة من القوات المشتركة، المدعومة من دولة الإمارات، انسحابًا مفاجئًا من مناطق انتشارها في الساحل الغربي (التِّهامي) بالبلاد، حيث تقهقرت بعمق يتجاوز 100 كلم، لتتمركز، بعد ذلك، في مديريتي الخوخة والمخا جنوبًا.

 

على إثر ذلك قامت جماعة الحوثي بالسيطرة على هذه المناطق، محاولةً التوسع جنوبًا. وبعد بضعة أيام، نفَّذت القوات المنسحبة عملية تعرُّضية في خطوط تقدم جديدة، بعيدًا عن الشريط الساحلي، محققةً تقدمًا ملحوظًا في جبهات مختلفة من محافظتي تَعِز والحُديِّدة.

 

كانت القوات المنسحبة تتمركز في الأطراف الجنوبية لمدينة (ميناء) الحديدة، وفي مديرية الدُّرَيهمي المتاخمة لها، ومدينة الصالح، ومنطقة كيلو 16، التي تُعد المدخل الشرقي والرئيس لمدينة الحديدة، ومديرية التُّحَيتا، ومناطق الفازة، والجبلية، والطُّور، والجاح. وقد تمركزت القوات المنسحبة في مديرية الخوخة، أما اللواء الأول عمالقة، الذي يقوده العميد رائد الحَبَهي، فقد استقر في منطقة بئر أحمد، بعدن.

 

بعد خمسة أيام من الانسحاب، أطلق التحالف العربي عملية عسكرية وُصِفت بأنها عملية تعرُّضية، وهي، في الواقع، عملية هجومية، تجري بالهجوم المباشر، أو بالهجمات المعاكسة، أو بالدوريات النشطة في عمق العدو، وتشمل كافة الإجراءات الكفيلة لتحقيق عُنصري المبادرة، وحرية الحركة، ولما من شأنه تدمير العدو، وتحقيق النصر عليه.

 

وقد مثَّلت مناطق من مديرية مَقْبَنة غربي محافظة تعز، وجبل راس جنوب شرقي الحديدة، مسرحًا للعملية التي نفذتها وحدات من القوات المشتركة المنسحبة وغيرها، فيما أخذت وحدات فرعية من هذه القوات في تأمين خطوط الدفاع الجديدة جنوبي الحديَّدة، خصوصًا في الخوخة، والتُّحيتا، وميناء الحَيْمة الإقليمي.


التعليقات