ما مستقبل قرار تصنيف الحوثيين "منظمة ارهابية" في ظل التعاطي الدولي المتواضع؟ (تقرير)
- فارس محمد الاربعاء, 02 نوفمبر, 2022 - 08:50 مساءً
ما مستقبل قرار تصنيف الحوثيين

[ مصير تصنيف الحوثيين جماعة ارهابية ]

في 22 أكتوبر الماضي، صدر قرار تصنيف الحوثي منظمة إرهابية، من قبل مجلس الدفاع الوطني (المشكل من قبل مجلس القيادة الرئاسي)، ووجه القرار (رقم 1 لسنة 2022) الجهات ذات العلاقة، باستكمال الإجراءات اللازمة للتنفيذ، وتوعد مجلس الدفاع الذي يترأسه رشاد العليمي، باتخاذ إجراءات صارمة تجاه الكيانات والأفراد الذين يقدمون للحوثي الدعم والمساندة.

 

عقب صدور قرار التصنيف، دعا المجلس دول الاقليم والمجتمع الدولي والعالم الى انتهاج نفس الخطوة،  بتصنيف الحوثيين منظمة ارهابية، والتعامل معها بنفس النهج.   

 

جاء هذا القرار بعد ثمان سنوات من المفاوضات وجولات الحوار مع جماعة الحوثي، صاحبها العديد من الاتفاقيات وسلسلة من التنازلات من قبل الحكومة الشرعية، سعيا منها أن تكون  الجماعة شريكا في تحقيق السلام، وبناء الدولة، لكن كما يبدو ان تلك الجهود انتهت الى طريق مسدود، وان تلك الآمال كانت عبارة عن وهم عاشته سلطة الشرعية.

 

الحوثيون بموجب تصنيف مجلس الدفاع الوطني كيان ارهابي، تسري عليه كل احكام وقواعد التعامل مع المنظمات الارهابية في العالم، شريطة ان يعتمد المجتمع الدولي هذا التصنيف اليمني رسميا من قبل المؤسسات الدولية المعنية بمكافحة الارهاب، وهو الامر الذي يدفعنا الى التساؤل عن مدى اعتماد المجتمع الدولي لهذا التصنيف اليمني من عدمه.

 

ردود مخيبة 

 

منذ  اليوم الاول للقرار، تحاول الحكومة الشرعية حشد أكبر قدر من الدعم الدولي لقرارها، وبدأت بالفعل في إجراء خطوات دبلوماسية  للمطالبة بتنفيذ توصية مجلس الدفاع الوطني  لجماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، لإقناع المجتمع الدولي، أن قرار التصنيف لن يكون له تداعيات إنسانية سلبية على المواطنين الواقعين تحت سلطة مليشيا الحوثي، وان الحكومة ملتزمة بتامين الحد من التأثيرات السلبية للتصنيف، وبدأت تلك الجهود عن طريق  وزير الخارجية "عوض بن مبارك" حيث اجرى مباحثات مع كلا من المبعوث الاممي إلى اليمن ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية وغيرها من  القيادات والمسؤولين العرب والغربيين. 

 

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة اليمنية لإقناع الاطراف الدولية، تأتي الردود سواء الاقليمية أو الدولية، في مسار مختلف لما هو مراد له، حيث لا تزال  تلك الاطراف تعتبر الحوثي طرف في معادلة الازمة، وينبغي التعاطي معه بالحلول السياسية، وان ايقاف الحرب في البلاد يأتي عبر اتفاقية سلام  شاملة.

 

فالسعودية قائدة التحالف في اليمن، أكدت في بيان لها، دعمها لجهود احياء الهدنة وجهود السلام والتهدئة والتفاوض مع الحوثيين كطريق لبناء حل سياسي  شامل للحرب اليمنية،  جاء ذلك في  تصريحات صادرة عن أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور" نايف الحجرف"، الأمر الذي استنكره رئيس مجلس النواب اليمني "سلطان البركاني" حيث قال : "أن دول الخليج تتصدق على اليمن بحل سياسي وهي تعلم أن الحوثي أبعد ما يكون عن الحل".

 

وقبل قصف المسيرات الحوثية لميناء الضبة بيومين، كان مجلس الوزراء السعودي الذي انعقد برئاسة الملك سلمان، قد دعا دول العالم والمجتمع الدولي الى تصنيف مليشيا الحوثي جماعة ارهابية، ومقاطعتها وتجفيف منابع تمويلها .

 

الحكومة اليمنية بدورها رحبت ببيان مجلس الامن الدولي، الذي ادان الهجوم الحوثي على ميناء الضبة بحضرموت، ووصفه بـ "العمل الارهابي" واشارت الحكومة في بيان لها، أن تلك الممارسات تستلزم دعم قرارها - بتصنيف الحوثيين منظمة ارهابية وادراجه ضمن القوائم الدولية  للكيانات الارهابية - واصفة ذلك بأنه الطريق الامثل  الذي يضمن تخلي  الحوثيين عن العنف، والعودة الى العملية السياسية .

 

ونددت معظم العواصم العربية والغربية بهذا الهجوم،  لكنها في الوقت نفسه، تؤكد على ضرورة  التفاوض مع الحوثي، للاتفاق على تسوية سياسية شاملة تنهي الحرب في البلاد .

 

ومع أن كل الممارسات والشروط الموضوعية والإجرائية، التي تسمح بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، متوفرة، إلا أن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة اليمنية لإدراج الحوثي ضمن القائمة؛ الدولية و الأمريكية أو الأوربية، للمنظمات الإرهابية، توصف بالمخيبة والمخذولة ولم تكن في المستوى المطلوب.

 

سياسة التدليل

 

 ويرى محللون أن ذلك لا يعود  إلى عدم وجود قناعة لدى الفاعلين الإقليمين أو الدوليين، بأن الحوثي لا تنطبق عليه المعايير الدولية لوضعه ضمن الجماعات الإرهابية، بل على العكس من ذلك، فجماعة الحوثي تتسم بكل تلك المعايير، إلا أن الأمر له علاقة بعدم جدية الفاعلين في الشأن اليمني، المتمثل في الحكومة اليمنية والتحالف في التعاطي مع تبعات القرار.

 

الكاتب والمحلل السياسي  محمد العامري  يرى الموقف الدولي تجاه التصنيف ليس مشجعا ولا يمكن التعويل علية مالم يكن للحكومة اليمنية نية صادقة، تستطع من خلالها إجبار الأطراف الدولية، بالتعامل مع هذا القرار كونه شأن داخلي بالمقام الاول.

 

وفي تصريح لـ "الموقع بوست" يقول العامري: ليس متوقعا أن يستجيب المجتمع الدولي لقرار السلطة اليمنية، - تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية- لأن قبل هذه الخطوة، تحتاج إرادة من قبل الحكومة أولا ،وإلى إلتزام من قبل السلطة ذاتها بالقيام بمتطلبات هذا التصنيف وتبعاته

 

وتابع العامري: من المتطلبات بعد هذا التصنيف للحكومة دبلوماسيا: إرسال مذكرة إلى مجلس الآمن الدولي، ورسالة رسمية إلى الحكومات المختلفة بذلك ، وهذا يحتاج مصداقية ويحتاج لوقت ـ حسب وصفه.

 

وعن موقف المجتمع الدولي يقول العامري يدرك المجتمع الدولي أن التسوية مع الحوثيين بعيدة المنال، ولم يقرر بعد فرض تسوية.

 

الكاتب والناشط الحقوقي محمد الاحمدي يرى أن "غياب أو ضعف التأييد الإقليمي والدولي لدعوة الحكومة اليمنية، لتصنيف مليشيا الحوثي، يعود لأسباب عديدة؛ بعضها مرتبط بطبيعة الحالة اليمنية نفسها، والنظر إلى السلطة المعترف بها كشرعية بديلة عن الشرعية اليمنية، التي تعبر عن إرادة الجماهير في انتخابات حرة مباشرة".

 

في حديثه لـ "الموقع بوست"  يقول الأحمدي إن الأمر الآخر إن كان يفترض على الحكومة اليمنية أن تستبق إعلان قرار تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، بحملة دبلوماسية وقانونية واسعة، لإقناع المجتمع الدولي بأهمية خطوة كهذه، ناهيك عن أسباب أبعد من ذلك، تتعلق بحسابات فاعلين إقليميين ودوليين، يرون في مليشيا الحوثي جزءاً من المعادلة السياسية في اليمن، في سياق توازنات تخدم أجندة هؤلاء الفاعلين، ويحاولون ترويض هذه المليشيا طوال سنوات الانقلاب، وعدوانها على الشعب اليمني".

 

وهذا -حسب الأحمدي- ربما يفسر جزئيا، سياسة التدليل والمراضاة التي تحظى بها مليشيا الحوثي، لدرجة تجسد ازدواجية المعايير، ومنح المليشيا الحوثية، ترخيصا مفتوحا بالإرهاب بكل أشكاله.

 

 الحكومة والتحالف السبب

 

الباحث والصحفي عبده سالم وصف الموقف الدولي تجاه الحوثيين بالمتراجع، وأرجع سبب ذلك  إلى استمرار الحرب، واداء الشرعية، والتحالف في هذه الحرب، والواقع المتأرجح لهما، الذي كان أقل من مستوى الموقف الدولي وقراراته، حسب وصفه.

 

وقال سالم -في مقال له على صفحته في فيسبوك-  الذي جعل الموقف الدولي يتراجع  قليلا عن مواقفه المتصلبة من الانقلاب الحوثي، هو استمرار الحرب وطول أمدها، وما صاحب ذلك من تغيير في معالم استراتيجية الحرب على الإرهاب، وهذا يعني من وجهة النظر الدولية، أن السبب في تراجع موقف المجتمع الدولي، هو أداء الشرعية والتحالف طيلة السنوات الثمان الماضية، وليس توجهات المجتمع الدولي ذاتها.

 

 وأضاف "بالنظر إلى  الاداء الاجرائي لفريق لخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي، كان في حالة متقدمة عن أداء الشرعية والتحالف، بل ان الواقع اليمني الاجرائي المناهض للحوثيين كان أقل من مستوى الموقف الدولي وقراراته؛ وبالتالي رأى المجتمع الدولي انه من غير الطبيعي ان يظل في هذه الحالة المتقدمة عن الشرعية والتحالف، اذ لا يعقل ان يقوم  المجتمع الدولي بتصنيف المليشيات الحوثية جماعة إرهابية، في حين ان واقع الحال في الشرعية والتحالف، يعترف بها مليشيات شريكة في الحوار.

 

وتابع "أمام هذا الوضع للحكومة اليمنية والتحالف، قرر المجتمع الدولي، الانتقال من الوضع المتقدم الذي كان فيه، ومن ثم السير في واقع الحال للشرعية والتحالف، وقد برر تراجعه بإطلاق مبادرة السلام، باعتبارها الحل المتاح لهذا الواقع المتأرجح للشرعية والتحالف، بما يودي إلى جمع كل عناصر المشكلة اليمنية في إطار مسار اجرائي واحد، هدفه تحقيق السلام في إطار الحفاظ على مقومات الشرعية اليمنية، والقرارات الدولية الداعمة لها".

 

مستقبل القرار

 

الاخفاقات الدبلوماسية للحكومة اليمنية - المتمثلة بإقناع المجتمع الدولي والعالم، بتصنيف الحوثيين منظمة ارهابية، عملا بتوصية بيان مجلس الدفاع اليمني- لا تعني فشل القرار، او عدم فاعليته، من وجهة نظر خبراء ومحللون .

 

الباحث الاحمدي بدوره  يقول إن "التعويل  والرهان على مستقبل القرار وفاعليته، يعود لموقف اليمنيين من جماعة الحوثي، وليس الاطراف الدولية".

 

 وفي مستهل حديثه يردف "التعويل على نجاح القرار ومستقبله،  يجب ان يكون يمنيا خالصا، كون اليمنيين هم من يعرفون  المليشيات الحوثية اكثر من اي طرف دولي ، وهم من يكتوون بإرهابها كل يوم، بل كل ساعة، وثانية".

 

وانتقد الأحمدي موقف المجتمع الدولي  تجاه ممارسات جماعه الحوثي،  ودعا الى عدم التعويل عليه كثيرا، وان التعويل يجب ان يكون على ارادة اليمنيين، حيث قال:  لا يمكن التعويل كثيرا على موقف المجتمع الدولي، الذي أخفق في إنفاذ قرارات الشرعية الدولية حول اليمن، لاسيما قرارات مجلس الأمن، ولكن الأهم هو أن خطوة التصنيف، تستجيب لإرادة الشعب اليمني، وموقفه الذي ينبذ الحوثيين، ويقاومهم بكل إصرار وعزيمة.

 

 الكاتب عبده سالم اعتبر عدم الالتفاف الدولي حول التصنيف، لا يعني بان قرار مجلس الدفاع لن يحصل على أي اسناد دولي ، بل ان المعطيات تؤكد بان هذا التصنيف سيحصل على اسناد ولكن في اطار البرنامج الدولي لمكافحة الارهاب.

 

 ونوه سالم إلى ضرورة  احتشاد كل من سلطة الشرعية ، ودول التحالف، وبرنامج المكافحة في المنطقة، وفرقة المهام الدولية المشتركة ذات الصلة، في اتجاه التعامل مع جماعة الحوثي كـ "جماعة ارهابية".

 

مع ذلك يرى عدد من المحللين أجرى "الموقع بوست" الحديث معهم أن قرار إدراج الحوثي  ضمن المنظمات الارهابية، رغم وجاهته، إلا أنه  يستدعى من الحكومة اليمنية، الشروع في اجراءات عملية، تضع المجتمع الدولي، وحتى التحالف، امام الامر الواقع، وهذا يعني صناعة لحظة شجاعة لمجلس القيادة الرئاسي، لحظة تؤمن بأن اليمنيين، هم اصحاب القرار سلما او حربا.

 


التعليقات