تصريحات العليمي بشأن القضية الجنوبية.. لماذا أثارت حفيظة الانتقالي وهل تقود لانقلاب جديد في عدن؟ (تقرير)
- فارس محمد الثلاثاء, 28 فبراير, 2023 - 07:45 مساءً
تصريحات العليمي بشأن القضية الجنوبية.. لماذا أثارت حفيظة الانتقالي وهل تقود لانقلاب جديد في عدن؟ (تقرير)

[ توترات بين المجلس الانتقالي ورشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي ]

ما إن أكمل رئيس مجلس القيادة الرئاسي تصريحاته  لصحيفة "الشرق الاوسط" حول القضية الجنوبية، حتى بدأ المجلس الانتقالي الجنوبي تصعيداته الميدانية وأبدت قياداته استيائها ضد قيادة المجلس الرئاسي، فيما اسمته في بيان لها أنها "تصريحات غير دقيقة ولا تشير إلى جدّية الشراكة والتوافقات التي انبثقت عن مشاورات مجلس التعاون الخليجي".

 

وكان العليمي قد تحدث الخميس في تصريحه عن القضية الجنوبية، فقال إنها "قضية عادلة، لكن الحديث عنها في هذه اللحظة أو نقاش حلها في هذا الوقت قد يكون غير مناسب"، مضيفا: "عندما نستعيد الدولة(من الحوثيين) سنضع كل شيء على طاولة الحوار والنقاش، ونضع المعالجات بالحوار وليس بالعنف أو بالرفض ".

 

وفي وقت مبكر من صباح الأحد، منعت عناصر تابعة للانتقالي المطالب بالانفصال، دخول الموظفين إلى قصر معاشيق عدن لمزاولة اعمالهم، وقامت بنصب أعلام الجنوب فوق مواقع عدة بقصر معاشيق، والمناطق المحيطة به، وفي محيط البوابات الرئيسية، والواصلة إلى داخل قصر معاشيق وفي أنحاء متفرقة؛ ردا على  تصريحات رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، ومستقبل القضية الجنوبية.

 

ويأتي تصعيد الانتقالي بعدن في الوقت الذي يتحدث عن تدهور كبير في العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والسعودية، وذلك بسبب عدد من الملفات السياسية والأمنية والعسكرية المتراكمة منذ أغسطس الماضي.

 

مؤشر خطير

 

توالت ردود فعل اليمنيين حول تصعيد الانتقالي ضد رئيس المجلس الرئاسي، ويرون أن ذلك مؤشرا خطيرا يهدد بنسف التوافقات السياسية وكل التفاهمات السابقة التي اكسبت المجلس الانتقالي الشرعية والشراكة في الحكومة والرئاسة.

 

الخبير العسكري علي الذهب وصف ما يحدث من تصرف من قبل الانتقالي بانه يمهد لانقلاب جديد يقوده في عدن على الشرعية اليمنية الممثلة بالمجلس الرئاسي الذي يشارك فيه الانتقالي.

 

 في حديث لـ "الموقع بوست" يقول الذهب "بوادر انقلاب جديد في عدن، والمجلس الانتقالي المدعوم من التحالف ينفذ ما يملى عليه فقط، ونتوقع أن يكون هنالك تحضيرا لإعادة تشكيل مجلس القيادة الرئاسي".

 

الدكتور والباحث والمتخصص في علم الاجتماع السياسي لدى ‏مركز الدراسات والبحوث اليمنية عبد الكريم غانم بدوره وصف تصرفات الانتقالي بأنها محاولة للانقلاب على مخرجات مشاورات الرياض، والاتفاقيات التي تم عقدها مع المجلس الرئاسي والحكومة.

 

 في حديث لـ "الموقع بوست" يقول غانم إن "قوى الانتقالي التي تحاول الانقلاب على الترتيبات التي استحدثتها الرياض خلال الأسابيع الماضية، خطوة ستضعها أمام السعودية وجهًا لوجه، إن هي أصرت على المضي في التصعيد".

 

ويرى الذهب أن "من المعطيات والتوقعات المستجدة من وردود فعل الانتقالي الإعلامية والميدانية، من تصريحات وأعمال ميدانية عسكرية التي بدت عدائية وتحريضية أكثر من اللازم، وأن هناك مجموعة قرارات وضعها الانتقالي على طاولة رئيس مجلس القيادة العليمي بحيث ينفذ لهم مجموعة من القرارات مقابل التخفيف من التصعيد العسكري والامني اللذين  يقف خلفهما المجلس الانتقالي في عدن في سبيل الضغط لتمرير بعض الأوراق".

 

وعن مستقبل ذلك التصعيد الانتقالي يضيف الذهب "قد يكون هناك تخفيف من حدة التوتر مقابل ما يضعه المجلس الانتقالي من إملاءات بقصد تمرير بعض القرارات على نحو مماثل لما كانت تسلكه جماعة الحوثي في صنعاء مع الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي".

 

أحلام مبددة  

 

المحلل السياسي ياسين التميمي، يقول إن "ما يحدث هو محصلة لما يمكن وصفه بـ"تبدد أحلام الانفصال"، والذي يبدو أن التطورات الأخيرة ساهمت فيه وفي مقدمتها منع انتقالي وثقله الجهوي من فرض السيطرة العسكرية على محافظتي حضرموت والمهرة، وهو مخطط كانت الإمارات تدعمه بقوة".

 

 وأكد التميمي في تصريح لـ "الموقع بوست" أن ذهاب السعودية نحو انشاء وحدات عسكرية ضاربة باسم "قوات درع الوطن"، فسر من جانب انصار المشروع الانفصالي بأنه تعزيز لمركز الرئيس وللدولة اليمنية التي لطالما نظروا اليها على أنها مرحلة انتقالية ستنتهي بمجرد أن يستكمل المشروع الانفصالي أدواته ويفرض سطوته على الجنوب بإمكانيات الدولة اليمنية نفسها.

 

وطبقا للتميمي فإن تصريحات الرئيس العليمي تعني بوضوح أن الانتقالي لم تعد أمامه مساحة للتحرك أو المناورة إلا التصادم مع الرئيس وهو بالضرورة تصادم مع السعودية.

 

ضغط خشن

   

ووصف التميمي تحركات وتصرفات الانتقالي الأخيرة تجاه تصريحات العليمي بأنها شكل من أشكال الضغط  الذي يرمي لابتزاز السعودية لمواقفها الأخيرة خصوصا في حضرموت، والمهرة، حيث قال "يمكن النظر إلى تحركات الانتقالي بأنها شكل من أشكال "الضغط الخشن" الذي يرمي إلى ابتزاز السعودية؛ لحملها على ابقاء ضماناتها للمشروع الانفصالي، وهو امر يمكن ان يلحظ فيه المراقب دفعاً إماراتياً واضحاً".

 

وفي الشأن ذاته يقول غانم إن "قيادات الانتقالي اتخذت من تصريحات العليمي "فرصةً ينبغي استغلالها وتوظيفها، للضغط  في سبيل تحقيق مكاسب تسهم في إخراج المجلس الانفصالي من أزمته وتعيده إلى دائرة الضوء من جديد".

 

 ويرى غانم أن مواقف وتصرفات وانتقادات الانتقالي الحادة تمثل انعكاسا للاحتقان الذي تعيشه الجماعة، حيث تنفست الصعداء الذي كانت تخفيه قيادات المجلس، خصوصا جراء الاحداث الأخيرة في حضرموت، والمهرة وما تلاها من تشكيل ما سمي بـ "قوات درع الوطن" بتمويل سعودي الذي انتقد الانتقالي تشكيلها.

 

خلاف سعودي إماراتي

 

 يمضي الباحث غانم حديثه بالقول "أدى التوتر السعودي الإماراتي المتصاعد حول النفوذ في محافظة حضرموت إلى تراجع الدعم المالي لقوات الانتقالي وتسبب في انكماش نفوذه السياسي والعسكري بشكلٍ دراماتيكي، وعلى إثر هذه الأزمة بات الانتقالي عاجزًا عن دفع رواتب مقاتليه، وانخفض سقف مطالبه، وتراجعت حدة خطابه ـ حسب تعبيره.

 

وتابع "الرياض التي لم تتردد في التضحية بحلفائها المحليين في المحافظات الجنوبية، ولم تبالي في تقديمهم قرابين لكسب ود أبوظبي، خلال الفترات الماضية، يبدو أنها رأت أن الوقت قد حان لتقليص نفوذ أبوظبي، و تحجيم حليف الأخيرة بما يسمح بإعادة تشكيل خارطة النفوذ الجيوستراتيجي من جهة، وإعادة توزيع النفوذ السياسي من جهة أخرى، الأمر الذي ترتب عليه تحسن موقع السلطة الشرعية، عقب تأسيس رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي لقوات درع الوطن، تحت قيادته المباشرة، وتقديم السعودية الدعم للحكومة اليمنية في عدن.

 

وأوضح: تواصلت المباحثات السعودية الحوثية، التي بدت فيها الرياض مستعدة لتقدم تنازلات واسعة للحوثيين دون اكتراث بالحلفاء المحليين، لاسيما الانتقالي الذي وجد نفسه مستبعدًا، بعد أن ظل يُمنّي نفسه، بالوصول إلى المفاوضات النهاية، التي كان يعتقد أنها ستكون جنوبية شمالية، وتحديدًا بين سلطتي الأمر الواقع في صنعاء وعدن، إلا إنه لم يأخذ في الحسبان أن نجاحاته في السيطرة على عدن وبعض المحافظات الجنوبية، وإن كانت تحت لافتة القضية الجنوبية، وبتنسيق إماراتي، إلا إنها بتمويل سعودي، الأمر الذي يجعل مستقبل الانتقالي أكثر ضبابية، وموقفه خجولًا أمام أنصاره الذين اعتادوا منه على رفع سقف المطالب والتوقعات

 

وختم غانم بالقول إن "ما أتوقعه ألا يَترُك قادة الانتقالي التحركات الميدانية تسير نحو المجهول، لحاجتهم للتمويل، فالتاجر الإماراتي، إن جاز الوصف، ليس لديه الاستعداد للإنفاق على مجاميع مسلحة انتهت مهمتها في تمكينه من الوصول إلى مآربه الجيوسترتيجية، في العديد من الموانئ والجزر اليمنية، كما يعتقد، لذا يظل أمل قيادات الانتقالي معقودا على كسب ود الرياض التي يبدو أنها ماضية حتى النهاية بمشروعها غير القابل للقسمة على اثنين".

 


التعليقات