طريقة إنهاء الحرب سيجدد المسار المستقبلي للحركة..
دراسة عن مركز استخباراتي إسرائيلي: حركة الحوثي والحرب في اليمن.. القصة كاملة والأهمية الاستراتيجية (ترجمة خاصة)
- متابعة خاصة السبت, 18 مارس, 2023 - 07:47 مساءً
دراسة عن مركز استخباراتي إسرائيلي: حركة الحوثي والحرب في اليمن.. القصة كاملة والأهمية الاستراتيجية (ترجمة خاصة)

سلط مركز أبحاث تابع للاستخبارات الإسرائيلية الضوء على حركة الحوثيين في اليمن منذ النشأة حتى الانقلاب الذي تسبب بحرب مدمرة في البلاد منذ قرابة تسع سنوات.

 

وقال مركز المعلومات "مئير عميت"، وهو تابع لمركز التراث والتخليد التابع للاستخبارات الإسرائيلية في دراسة حديثة له ترجمها للعربية "الموقع بوست" إن الحركة التي نشأة في 1990 وصلت إلى نقطة تحول في معركتها الوحشية مع الحكومة المركزية اليمنية، والتي استمرت قرابة 20 عامًا.

 

وبحسب الدراسة فإن أحد الأهداف الأساسية للحركة عندما بدأ هذا الصراع هو ترسيخ نفسها كعامل رئيسي في مؤسسات الحكومة المستقبلية في اليمن، كلاعب إقليمي قوي، لا ينبغي تجاهله.

 

وأكدت أن القوة العسكرية المتزايدة وتحالفها مع إيران وعضويتها في محور ما سمته "المقاومة" دفع إلى توسيع حدودها الداخلية والخارجية وكذلك نفوذها الإقليمي.

 

وقالت إن الطريقة التي سينتهي بها وقف إطلاق النار الحالي سيكون مؤشراً حاسماً على المسار المستقبلي للحركة: هل ستستخدم نجاحاتها الحالية للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع السعودية والإمارات وحلفائهما في اليمن؟  أم أنها ستستأنف القتال بهدف احتلال المزيد من الأراضي في اليمن وحتى في السعودية؟

 

وفقًا لمركز المعلومات، فإن كلا طرفي الصراع اليمني منهكين بعد سنوات من المعاناة الكبيرة والوضع الإنساني والاقتصادي السيئ في اليمن، والأضرار الجسيمة للبنية التحتية والروح القتالية في السعودية والإمارات الذين سيميلون إلى الحفاظ على الهدوء.

 

وتوقع أن هناك رغبة في إقامة هدنة طويلة الأمد أو تسوية دائمة بدلاً من استئناف الأعمال العدائية، مشيرا إلى أن السعودية والحوثيين هما المشاركان الرئيسيان في المفاوضات التي ستحدد نتائجها في المقام الأول.

 

وأكد أنه في حال نجحت هذه الأطراف في التوصل إلى صفقات، فمن المحتمل أن يؤدي التأثير الكبير للسعودية إلى دفع القوى الأخرى المناهضة للحوثيين إلى جانبها بسبب اعتمادها على القوة الاقتصادية والعسكرية للمملكة.

 

ولفت إلى أنه سيتعين على الحوثيين تقديم تنازلات في المحادثات والموافقة على انقسام السلطة في المستقبل بينهم وبين المجلس الرئاسي من أجل تحقيق ذلك.

 

وأضاف "كما سيجري اختبار تقبل الحوثيين لإيران. سيكون من الواضح أن الحوثيين يعطون الأولوية لمصالحهم المحلية والإقليمية على الاستمرار في مساعدة ما سمته "محور المقاومة" إذا كانوا مستعدين لمواصلة نيرانهم على الرغم من المساعدة والدعم الإيراني".

 

وتطرقت الدراسة إلى دعمت إيران للحوثيين منذ البداية، وقدمت لهم مساعدات مالية وسياسية وعسكرية، وضمتهم إلى محور المقاومة.

 

وبحسب الدراسة فإن إيران ترى في ذلك فرصة لترسيخ وجودها في اليمن ومواجهة تهديد السعودية من الجنوب من خلال مساعدة الحوثيين.

 

وذكرت أن الجماعة تلقت أسلحة متطورة من إيران، كالصواريخ الباليستية والطائرات الدرون، والتي نشروها أيضًا لمهاجمة السعودية والإمارات.

 

كما تطرقت الدراسة إلى ترسانة الجماعة وقالت إنها "تمتلك صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للسفن صنعت في إيران، روسيا، والصين بشكل أساسي، إلى جانب الطائرات المسيرة أيضا.

 

وأكدت أن ذلك يشكل خطرًا كبيرًا على الطائرات والسفن التي يديرها التحالف والقوات الأمريكية، لافتة إلى أنه قد تم نشر هذه الصواريخ بنجاح على مدى سنوات الحرب، في حالات مثل إسقاط ثلاث طائرات مسيرة أمريكية بصواريخ مضادة للطائرات، بينما يُزعم أيضًا إسقاط عدد من الطائرات التابعة لقوات التحالف (تم نفي المزاعم). فضلا عن ذلك، وكمثال على قدرات الحوثيين البحرية، تعرضت سفينة تابعة للبحرية السعودية لهجوم من قبل ثلاث سفن انتحارية يتم التحكم فيها عن بعد في يناير 2017.

 

وفقا للتصور الإيراني، تقول الدراسة إنه في حال ساعدت الحوثيين في السيطرة على اليمن أو على الأقل بروزهم كقوة سياسية رائدة في البلاد، فسيتم إضافة عضو في غاية الأهمية إلى محور المقاومة الإيراني في الشرق الأوسط. وعلى غرار أماكن أخرى في الشرق الأوسط كالعراق وسوريا، يظهر الدعم الإيراني للحوثيين بشكل كبير في توريد الأسلحة، تدريب القوات، تحويل الأموال، والمساعدة السياسية.

وبحسب شعار الحركة "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، تقول الدراسة "إن موقف الحوثيين من إسرائيل واضح، حيث يعتبر الحوثيون إسرائيل كدولة معادية. لكن يبدو أنهم غير مهتمين بصراع مباشر مع إسرائيل في الوقت الحالي، وقد لا يكونون كذلك في المستقبل، على الرغم من لغتهم العدوانية ضدها".

 

نص الدراسة:

 

تأسست حركة الحوثي في اليمن في مطلع تسعينيات القرن الماضي بدعم من 30٪ من سكان البلاد- أو حتى الشيعة الزيديين المسلمين. ومنذ أن أصبحت قريبة جدا من الولايات المتحدة وإسرائيل، بدأت الحركة في اليمن تمردا ضد الحكومة في عام 2004. ودارت ست جولات من القتال بين الجانبين حتى عام 2009، وفي ختامها عزز الحوثيون سيطرتهم على شمال البلاد.

 

وتمكت الجماعة من توسيع نفوذها بمرور الوقت، وفي عام 2015، نجحوا في الإطاحة بالرئيس. حيث تم تشكيل تحالف من الدول العربية بقيادة السعودية والإمارات نتيجة لهذا العمل، من بين أمور أخرى، بهدف هزيمة الحوثيين وإعادة تنصيب الحكومة السابقة. وردًا على ذلك، بدأ الحوثيون أيضًا في شن هجمات على أراضي المملكة والإمارات باستخدام أسلحة متطورة قدمتها إيران.

 

ودعمت إيران الحوثيين منذ البداية، وقدمت لهم مساعدات مالية وسياسية وعسكرية، وضمتهم إلى محور المقاومة. وترى إيران ذلك فرصة لترسيخ وجودها في اليمن ومواجهة تهديد السعودية من الجنوب من خلال مساعدة الحوثيين.

 

وتلقت الجماعة أسلحة متطورة من إيران، كالصواريخ الباليستية والطائرات الدرون، والتي نشروها أيضًا لمهاجمة السعودية والإمارات.

 

ونظرا لأهمية اليمن الجيواستراتيجية، أثار زعزعة استقرار البلاد صراعا إقليميا شاركت فيه أطراف خارجية من بينها إيران وفروعها الذين يعتبرون الحوثيين كحلفاء، ومن ناحية أخرى السعودية ودول الخليج، والتي تشارك بشكل فاعل في الحرب الأهلية وتدعم الكتلة المناهضة لجماعة الحوثي في اليمن. وعلى الطرف الذي يناهض الحوثيين، هناك أيضًا الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى التي لم تشارك (بشكل علني) في القتال، ولكنها تتخذ خطوات مهمة مثل فرض حصار بحري وعقوبات على الجماعة الموالية لإيران، بينما توفر في الوقت نفسه الدعم اللوجستي للكتلة المناهضة للحوثيين.

 

وتم إعلان وقف إطلاق النار بين الجانبين في أبريل 2022، لكنه واهٍ، وكثيرًا ما يتم انتهاكه، ويمكن أن ينتهي في أي وقت. ويبدو أن الأطراف المختلفة تريد تسوية الوضع، على الأقل في المدى القصير. لدى الحوثيين أهدافهم الاستراتيجية الإقليمية والمحلية الخاصة بهم، لكن يبدو أن اهتمامهم الرئيسي ينصب على محاولة الحصول على موقع مهم في الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها في اليمن إذا نجحوا في إنهاء الحرب. يجب عليهم أيضًا الموافقة على تنظيم تفاعلهم مع السعودية، عدوهم القديم.

 

وقد استغل الطرفان فترة الهدنة لإعادة تنظيم صفوفهم والتسليح، وفي حالة انهيار وقف إطلاق النار، فقد يُستأنف القتال بزخم أكبر. وفي حال توصل الطرفان إلى تسوية، فإن شروط إنهاء الصراع قد تؤثر على ميزان القوى في الشرق الأوسط والموقع الاستراتيجي لكل من طهران والرياض واشنطن، وربما حتى تل أبيب.

 

وطبقا لمركز المعلومات، فإن الحوثيين يمتلكون أسلحة لتدمير إسرائيل، وفي الماضي أعرب مسؤولون حوثيون كبار عن رغبتهم في فعل ذلك إذا كانت إسرائيل تشكل خطراً مباشراً. ويمكن للحوثيين أن يشكلوا تهديدًا لإسرائيل، لكن في الوقت الحالي، فيما يتعلق بإسرائيل، يركزون بشكل كبير على الإعلان بوضوح عن دعم حزب الله والجماعات الفلسطينية بالإضافة إلى منح هذه الجماعات الأموال لمحاربة إسرائيل.

 

خلفية تطور حركة الحوثي

 

واليمن هو المكان الذي ظهرت فيه حركة الحوثيين لأول مرة. وتهيمن الدولة على مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن والمحيط الهندي، وهو طريق شحن دولي رئيسي لسفن الشحن وناقلات النفط. ويقع المضيق في الطرف الجنوبي لشبه جزيرة العرب، مقابل ساحل شرق إفريقيا. ونظرا لأهميتها الجيواستراتيجية، برزت اليمن كساحة معركة رئيسية في الصراع الإقليمي متعدد الأوجه في الشرق الأوسط، والذي يشمل أيضًا الولايات المتحدة، إسرائيل، السعودية، دول الخليج وإيران وحلفائها.

 

ويشكل الشيعة الزيديين في اليمن حوالي 30٪ من إجمالي سكان البلاد، وهم أساس حركة الحوثي في أوائل التسعينيات. وكان السبب الرئيس لتأسيس الحركة هو الحاجة إلى الاستجابة لتقوية الحركات السلفية السنية في محافظة صعدة شمال اليمن، في الفترة التي تلت توحيد اليمن عام 1994. وفي العام 2000، بدأت الحركة مواقفها المتطرفة تجاه الحكومة اليمنية، حتى شنت تمردا صريحا ضدها عام 2004، شمل ست جولات من القتال حتى عام 2009. وفي نهاية هذه الحقبة، أقام الحوثيون حكمًا ذاتيًا في شمال اليمن عقب انسحاب الحكومة والجيش اليمني من المنطقة، حيث شكل مكانهم نظام حكم منفصل عن الحكومة المركزية.

 

وتمت الإطاحة بإدارة علي عبد الله صالح طويلة الأمد في اليمن في عام 2011، نتيجة الاحتجاجات والمظاهرات الواسعة، وأدى عبد ربه منصور هادي اليمين كرئيس للبلاد خلفا له. وقد قام هادي بمحاولات عبثية للحفاظ على الإدارة المركزية ودرجة من الوحدة بين اليمنيين. واستغل الحوثيون الفراغ السياسي والأمني لتوسيع نفوذهم وأراضيهم بشكل كبير حتى نجحوا أخيرًا في الاستيلاء على العاصمة صنعاء في عام 2015، والإطاحة بالرئيس هادي وإقامة إدارة انتقالية جديدة.

 

لقد كان من أسباب السرعة الكبيرة للحملة التي شنها الحوثيون هو التحالف مع الرئيس المخلوع صالح وخاصة مع القبائل والقوات العسكرية الموالية له. وانتهى هذا التحالف في عام 2017 عندما تم القضاء على الأخير من قبل الحوثيين بعد مفاوضات على ما يبدو مع أعدائهم في محاولة للتوصل إلى اتفاق يعيده إلى السلطة (المصدر أونلاين، 3 يناير 2021).

 

أوضحت جماعة الحوثي، في السنوات الأولى من وجودها، أن أهدافها كانت زيادة السيطرة على كيفية التعامل مع الشؤون اليومية في اليمن، وضع حد للتمييز ضد الشعب الشيعي في المحافظات الزيدية، وتقليص النفوذ السعودي هناك.

 

وفي السنوات الأخيرة، ولا سيما في ضوء التعزيز الكبير للحركة، ورد أنه تم توسيع أهدافها لتشمل تحرير بعض المناطق الزيدية في المملكة (وهو هدف اكتسب أهمية بعد انضمام السعودية إلى الحملة في اليمن) وقبول الحركة كممثل لليمن في اتفاقيات وقف إطلاق النار التي ستنهي الحرب.

 

على افتراض انتهاء الحرب بشروطهم، يبدو أن الحوثيين يهدفون إلى قمع أي معارضة داخل اليمن والسيطرة على البلد بأكمله (مجموعة الأزمات، 2022).

 

الهيكل التنظيمي

 

تقع عائلة الحوثي في قلب قيادة الجماعة، حيث أسست الأسرة نفسها على رأس الحركة الزيدية في اليمن وتشغل غالبية المناصب العليا في حكومة الحوثيين الحالية. وتنحدر الأسرة من جماعة الحوثي القبلية التي تقع في محافظة صعدة شمال اليمن.

 

ويعتبر حسين الحوثي، الذي قاد الحركة منذ نشأتها حتى وفاته عام 2004، مؤسسها. وقد خلفه كقائد للحركة، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله أخوه غير الشقيق عبد الملك الحوثي حتى اليوم.

 

بالإضافة إلى عائلة الحوثي، فإن الحركة مدعومة بشبكة واسعة من التحالفات والتعاون مع العائلات والتجمعات القبلية ذات الأصول في شمال اليمن بشكل أساسي.

 

ويمثل السكان المتنوعين الذين تسيطر عليهم حركة الحوثيين تحديًا كبيرًا لحكومتهم، والتي لا يتم تمثيلها بشكل مناسب لجميع أجزائها. فضلا عن ذلك، نظرًا لتعدد الجماعات التي تسيطر عليها الحكومة، يتم منح استقلالية نسبية للقادة المحليين في أمور مثل تحصيل الضرائب وتجنيد المقاتلين. وفي هذا السياق، ترددت أنباء عن اندلاع اشتباكات بين الفينة والأخرى بين مجموعات مختلفة في مناطق الجماعة، زادت خاصة بعد انهيار التحالف بينهم وبين وأنصار صالح، ومقتل الأخير. وفي مثل هذه الحالات، تضطر الحكومة إلى التحرك للحفاظ على هذه التحالفات الهشة من خلال المبادرات السياسية والاقتصادية، وأحيانًا باستخدام إجراءات قمعية عنيفة (ACLED ،براير 2021).

 

يعتبر المجلس الجهادي التابع لمؤسس الحركة، هو أعلى سلطة مسؤولة عن حكومة الحوثيين. وتقع مهمة إرساء العقيدة الاستراتيجية للحكومة ونشاطها العسكري والتعاون مع حلفائها على عاتق هذا المجلس الجهادي. إن أنشطة المجلس وعضويته غير معروفين، لكن على حد علمي، فهو يتألف من تسعة مسؤولين حكوميين بارزين. وهي متأثرة بإيران وحلفائها ويبدو أنها تضم عناصر من حزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني (المصدر أونلاين، 14 آذار 2022).

 

وتنقسم القوات الأمنية للحوثيين إلى عدة فروع أو مكاتب تحت إمرة أعضاء المجلس الجهادي:

 

     * القيادة العليا.

     * قيادة الجيش.

     * قيادة القوات البرية، وتنقسم إلى عدة قيادات حسب مناطق القتال.

     * فرع الأمن الداخلي.

     - فرع القوات الخاصة الذي يضم وحدات الصواريخ الباليستية والطائرات الدرون.

     * الفرع المسؤول عن القوى العاملة.

 

على الرغم من أنه من غير المعروف على وجه اليقين عدد المقاتلين الموجودين تحت تصرف الحوثيين، فإن التقديرات تشير إلى أن العدد الإجمالي لقوات الأمن التابعة لهم يبلغ حوالي 100000 (يمن بوست، 10 أبريل 2010). وتشير بعض التقديرات إلى أن القوة المقاتلة تبلغ حوالي 200000 (المصدر أونلاين، 3 يناير 2021). وبسبب انتصارات الحوثيين الأخيرة في ساحة المعركة، لا سيما بعد أن أظهروا أنهم خصم مساوٍ للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، زاد عدد المقاتلين بشكل كبير.

 

إن إدارة مناطق النشاط الغير العسكرية هي من مسؤولية المجلس العام بالدرجة الأولى، برئاسة أحد كبار الشخصيات الموالية لقائد الحركة. ويتألف المجلس من عدة إدارات، أو مجالس، يُعهد إليها بالإدارة اليومية للحكومة. هذه الإدارات مسؤولة عن قضايا مثل النظام الاجتماعي والتعليمي، نظام التعاون السياسي داخل مناطق سيطرة الحوثيين، والنظام القضائي.

 

الأسلحة والقدرات العسكرية

 

يمتلك جيش الحوثي كلاً من الأسلحة التقليدية، مثل البنادق الصغيرة والصواريخ المضادة للدبابات وعبوات الطرق، فضلاً عن الأسلحة المتطورة، مثل الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار والصواريخ المضادة للطائرات، وكلاهما محلي الصنع، وصواريخ مستوردة مضادة للسفن. وتواجه حكومة هادي، السعودية والإمارات على وجه الخصوص صعوبات تشغيلية وتكنولوجية هائلة نتيجة لهذه الأسلحة المتطورة.

 

ومع إسقاط صنعاء ونظام هادي، سيطرت الحركة على مخزون أسلحة الجيش اليمني وترسانة تضمنت صواريخ معظمها من صنع سوفياتي. وقد تم تكييفها من قبل الحوثيين طبقا لاحتياجاتهم، مثل صواريخ قاهر 1 و قاهر 2 م لمدى 250-400 كم، صواريخ توشكا لمدى 70-120 كم، سكود- سي لمدى 550 كم. فضلا عن ذلك، ومع تنامي قوة جيش الحوثيين، تلقى من إيران إمدادات من الأسلحة الإيرانية والسورية، بل وطور قدرات الإنتاج الذاتي بمساعدة من إيران.

 

ونتيجة لذلك، تمت إضافة المزيد من الصواريخ والقذائف إلى ترسانتها، بما في ذلك صواريخ بدر التي يصل مداها إلى 160 كيلومتر، وصواريخ بركان 1 بمدى يصل إلى 800 كيلومتر، وصواريخ بركان 2 بمدى يصل إلى 1000 كيلومتر، وبركان 3 بمدى يصل إلى 1200 كيلومتر، وقدس 1 بمدى يصل إلى 700 كيلومتر، وقدس 2 و 3، والتي قد يصل مداها إلى 1300 إلى 2000 كيلومتر، وفقًا لبعض المنشورات. وتمكن الحوثيون من ضرب أهداف موثوقة تقع في أماكن بعيدة داخل السعودية والإمارات وإلحاق أضرار كبيرة بفضل ترسانتهم المتطورة والمتنوعة.

 

وبدءا من 2016، بدأ الحوثيون العمل في ساحة المعركة باستخدام طائرات الدرون بالاعتماد على تكنولوجيا إيرانية الصنع تم تكييفها مع احتياجاتهم. واليوم تشمل الطائرات التي في أيديهم طائرات مسيرة لجمع المعلومات الاستخبارية وكذلك للعمليات الانتحارية.

 

راصد، الهدهد -1، ورقيب هي بعض المركبات الجوية غير المأهولة (UAVs) المستخدمة في جمع المعلومات الاستخبارية، ويصل مدى راصد إلى 35 كم. كما يصل مدى الهدهد 1 إلى 30 كم. ويبلغ مدى الهجوم للطائرات بدون طيار 150 كم لقاصف -1، و 500 كم لصمد -1، و 760-900 كم لصماد -2، و 1200-1500 كم لصماد -3.

 

وقد تم استخدام الطائرات بدون طيار لمهاجمة أهداف عالية القيمة في المملكة والإمارات بنجاح ملحوظ، مثل الكثير من الصواريخ الباليستية التي يمتلكها الحوثيون. كما كشف الحوثيون النقاب عن وعد، التي يزعمون أن مداها يتراوح بين 2000 و 2200 كيلومتر، وصماد 4 التي يزعمون أن مداها يصل إلى 2000 كيلومتر.

 

وتمتلك الحركة كذلك صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ مضادة للسفن صنعت في إيران، روسيا، والصين بشكل أساسي، مما يشكل خطرًا كبيرًا على الطائرات والسفن التي يديرها التحالف والقوات الأمريكية. وقد تم نشر هذه الصواريخ بنجاح على مدى سنوات الحرب، في حالات مثل إسقاط ثلاث طائرات مسيرة أمريكية بصواريخ مضادة للطائرات، بينما يُزعم أيضًا إسقاط عدد من الطائرات التابعة لقوات التحالف (تم نفي المزاعم). فضلا عن ذلك، وكمثال على قدرات الحوثيين البحرية، تعرضت سفينة تابعة للبحرية السعودية لهجوم من قبل ثلاث سفن انتحارية يتم التحكم فيها عن بعد في يناير 2017.

 

وابتداءً من عام 2004، عندما تمردت حركة الحوثي على الحكومة اليمنية لأول مرة، بدأت إيران في تقديم المساعدة للحركة. ومن المحتمل أن تتأثر وجهات النظر الإيرانية حول أهمية اليمن بموقعها في الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، بالقرب من مضيق باب المندب وشرق إفريقيا والسعودية، بالإضافة إلى الوحدة الشيعية بين إيران والحوثيين.

 

وفقا للتصور الإيراني، في حال ساعدت الحوثيين في السيطرة على اليمن أو على الأقل بروزهم كقوة سياسية رائدة في البلاد، فسيتم إضافة عضو في غاية الأهمية إلى محور المقاومة الإيراني في الشرق الأوسط. وعلى غرار أماكن أخرى في الشرق الأوسط كالعراق وسوريا، يظهر الدعم الإيراني للحوثيين بشكل كبير في توريد الأسلحة، تدريب القوات، تحويل الأموال، والمساعدة السياسية.

 

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الحوثيين تلقوا كميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية منذ عام 2009 (ميدل إيست آي، 1 مايو 2015). وتكثف الدعم الإيراني بشكل ملحوظ بداية من عام 2011، عندما بدأت أعمال الشغب والاحتجاجات واسعة النطاق في زعزعة استقرار حكومة صالح. ورأت إيران في ذلك فرصة لتعزيز سيطرة الحركة على شمال اليمن وتمكينهم من ملء الفراغ السياسي الناتج.

 

وقد سهّل إضعاف نظام صالح على إيران إرسال شحنات الأسلحة للحوثيين، وبدأ بالفعل تدفق الأسلحة عالية الجودة كالصواريخ الباليستية والصواريخ المضادة للدبابات (ولاحقًا الطائرات بدون طيار) إلى جيش الحوثي، وعززه بشكل كبير ورفع قدراته. ونما التعاون بين إيران والحوثيين في عام 2014، مع احتلال صنعاء، والإطاحة بالحكومة اليمنية، وإنشاء التحالف المناهض للحوثيين بقيادة السعودية والإمارات (الحرب على الصخور ،23 أغسطس 2021).

 

واجه الحوثيون تحديات نتيجة مشاركة التحالف في الصراع عام 2015، لكن تعاونهم مع إيران نما أيضًا بشكل كبير. وتمكنت إيران من نقل أسلحة وإرسال مستشارين من الحرس الثوري وحزب الله لتدريب قوات الحوثي في عمليتها، رغم قدرة قوات التحالف على الإبقاء على حصار جوي وبحري وبري على الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون بمساعدة من حلفائها الغرب.

 

وقبل انضمام التحالف للحرب، كان التعاون بين إيران والحوثيين منخفض بشكل نسبي، بالنظر إلى ترتيب أولويات إيران، التي شاركت في الحملة العسكرية في سوريا والعراق. ولكن بعد تدخل التحالف في اليمن، اعترفت إيران بها كفرصة لضرب السعودية في حديقتها الخلفية. وبعدها، رفعت إيران علاقتها مع الحوثيين إلى حد كبير وزادت اعتمادهم عليها بشكل كبير. وتماشيا مع هذا ومجريات الأحداث في اليمن، وسع الحوثيون الحملة إلى أراضي السعودية والإمارات من خلال استخدام الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار. كما مكّن تعزيز قدراتهم من مهاجمة أهداف بحرية قبالة سواحل اليمن، وأحيانا، خدمت هذه الهجمات أيضًا الأهداف الاستراتيجية لإيران.

 

وينظر الطرفان إلى تعاونهما باعتباره ميزة تكتيكية رئيسية، وقد أتاحت مساعدة إيران للحوثيين وصول محور المقاومة إلى الحدود الجنوبية للسعودية ومضيق باب المندب دون الحاجة إلى إنفاق كبير من الموارد العسكرية والمالية، أو المشاركة المباشرة في الحرب ضد المملكة. وبعد سنوات من الشعور بالقمع والتهميش من قبل الحكومة اليمنية، رأى الحوثيون في المساعدة الإيرانية خطوة غير عادية نحو ترسيخ موقفهم داخل اليمن والشرق الأوسط.

 

إن إدارة منطقتهم وأولوياتهم وأهدافهم الاستراتيجية كلها مستقلة إلى حد كبير بالنسبة للحوثيين. وعلى الرغم من تلقيهم مساعدة تشغيلية ومالية وسياسية كبيرة من إيران، إلا أنهم يركزون بشكل أساسي على الصراع في اليمن. ويمكن قول الشيء نفسه عن الحملة ضد السعودية والإمارات، والتي جاءت نتيجة لتورط الأخيرة في الصراع في اليمن. ومن غير الواضح مدى تنسيق هجمات الحوثيين ضد المملكة والإمارات بشكل جيد مع إيران.

 

فضلا عن ذلك، يبدو أنه بالرغم من أن إيران ستكون مهتمة بذلك، فإن الحوثيين مترددون في توسيع نشاطهم بشكل أكبر مع جلب خصوم جدد إلى الساحة حتى يتوافق مع أهدافهم الاستراتيجية.

 

المواجهة مع السعودية والإمارات

 

كجزء من عملية عاصفة الحزم، بدأ التحالف بقيادة السعودية في شن غارات جوية ضد الحوثيين في مارس 2015. (أعيدت تسميتها لاحقًا باسم عملية إعادة الأمل). وأراد التحالف إعادة الرئيس هادي إلى منصبه وإنهاء سلطة الحوثيين في اليمن، والتي اعتقدوا أنها تزيد من نفوذ إيران في شبه الجزيرة العربية.

 

ففي 2015، عقب أشهر من الغارات الجوية والعمليات البرية لقوات هادي بدعم من التحالف، نجحت قوات هادي في وقف تقدم الحوثيين صوب مدينة عدن، وتم تنصيب حكومة انتقالية جديدة بقيادة هادي هناك. وبينما كانت قوات هادي والقوات الأخرى المدعومة من التحالف تحاول دحر الحوثيين شمالاً، بدأ الأخيرون في مهاجمة القوات السعودية عبر الحدود اليمنية وإلى السعودية. وفشلت محاولات عمل تسوية سياسية تنهي القتال الواحدة تلو الأخرى خلال عام 2016، وتصاعد القتال في اليمن والسعودية.

 

وفي تلك السنوات، دخل لاعبون آخرون الحرب في اليمن:

 

القاعدة وداعش: تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية هو فرع القاعدة الذي ينشط حاليًا في اليمن. وتأسس عام 2009 نتيجة اتحاد تنظيم القاعدة اليمني والسعودي. ويواصل تنظيم الدولة الإسلامية عملياته في اليمن عبر ولاية اليمن، حيث تأسست الجماعة عام 2014 على أساس أعضاء سابقين في القاعدة. وفي السنوات التي أعقبت الإطاحة بحكومة صالح، كثفت الجماعتان عملياتهما وتمكنتا من الاستيلاء على جزء كبير من جنوب وشرق اليمن أثناء شن هجمات ضد قوات هادي والحوثيين. إنهم لا يحتفظون رسميًا بعلاقات مع منظمات أو هيئات أخرى أو يتعاونون معها، على غرار غالبية الدول التي تعمل فيها هذه المجموعات. ونتيجة لذلك، على الرغم من عدم دعمهم لأي طرف في الحرب الأهلية اليمنية، إلا أنهم يشاركون فيها.

 

المجلس الانتقالي الجنوبي: تسببت التداعيات الرهيبة للحرب الأهلية والفوضى في اليمن في ظهور أصوات كانت تطالب منذ سنوات بتقسيم اليمن إلى دولتين شمال وجنوب، كما كان قبل اتحادهما عام 1990. وفي عام 2017، اتخذ العديد من القادة في المحافظات الجنوبية لليمن قرارًا بإنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي من أجل الاستفادة من الوضع والعمل على تجديد الاستقلال لجنوب اليمن مع منع إقامة يمن موحد. وقد تم ذلك في غياب حكومة مركزية قوية والقتال المستمر.

 

والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، تعاون أولاً مع إدارة هادي، لكن سرعان ما نشأ صراع بين الأحزاب، وفي آب/ أغسطس 2019 نجحت قوات المجلس الجنوبي في السيطرة على عدن. وانسحب جنود المجلس الجنوبي في المدينة بعد تعرضهم للهجوم من قبل السعودية، التي دعمت حكومة هادي، لكنهم عادوا في النهاية واستعادوا السيطرة على المدينة. وحتى الهدنة في أبريل 2022، كانت قدرة المعسكر المناهض للحوثيين على محاربتهم محدودة بسبب هذا الانقسام.

 

وتصاعدت حدة الصراع المباشر بين الحوثيين من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى منذ عام 2016. وأصبحت الحدود بين شمال اليمن والسعودية مسرحًا لمناوشات متكررة بين الأطراف معززة بقصف مدفعي مكثف أودى بحياة العديد من الجنود، وكذلك المزيد من المدنيين على جانبي الحدود.

 

وفي منطقة مختلفة من النزاع، دعمت الإمارات في الغالب المجلس الجنوبي والقوات الأخرى المناهضة للحوثيين في جنوب اليمن. وتغيرت حملة الحوثيين عندما دخلت الصواريخ الباليستية الإيرانية والطائرات بدون طيار ترسانتها (وبدأ إنتاجها لاحقًا في اليمن نفسها). فقد بدأ الحوثيون بمهاجمة أهداف في عمق حدود المملكة والإمارات العربية المتحدة.

 

الوضع الحالي

 

مرت الحرب في اليمن بمنعطف كبير في عام 2022. واستمر القتال العنيف بين الحوثيين والتحالف والقوات المتحالفة مع بداية العام، لكن في أبريل/ نيسان توصل الطرفان إلى اتفاق على هدنة لمدة شهرين بوساطة الأمم المتحدة.

 

يبدو أن وقف إطلاق النار قد حدث لعدد من الأسباب، بما في ذلك حقيقة أن أيا من الجانبين لم يكسب الحرب حاليا، وعدم قدرة الجانبين على تحقيق مكاسب إقليمية كبيرة في اليمن في الأشهر التي سبقت الاتفاق؛ الأضرار التي ألحقتها هجمات الحوثيين بأهداف استراتيجية في المملكة والإمارات. والأزمة الإنسانية الشديدة في اليمن خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، ورد الفعل الدولي ضد التحالف.

 

وكجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، تم تخفيف قيود التحالف على الحوثيين، وأصبحت حركة الأشخاص والبضائع ممكنة بشكل جزئي، وتم تبادل الأسرى. ومن الأحداث السياسية المهمة التي حدثت عقب وقف إطلاق النار، استقالة هادي من منصبه كرئيس، وإنشاء مجلس رئاسي محله، يتألف من ثمانية أعضاء يمثلون جميع الأطراف المناوئة للحوثيين في اليمن. وقد تلقى المجلس، فور إنشائه، دعمًا واسعًا من أعضاء التحالف وكذلك من أوروبا والولايات المتحدة (عرب نيوز، 8 أبريل 2022).

 

ورغم الانتهاكات المتكررة، استمرت الهدنة وتم تمديدها مرتين حتى أكتوبر 2022. ولم تستأنف الحرب الكبرى حتى بعد انتهاء مدتها، حيث استمرت المحادثات بين الأطراف، خاصة بين السعودية والحوثيين. وقرر الحوثيون الضغط على الجانب الآخر من خلال مهاجمة المنشآت النفطية في موانئ جنوب اليمن، مما أضر بشدة بصادرات البلاد النفطية، على الرغم من حقيقة أن القتال العنيف على الجبهات لم يستأنف (رغم الانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار). وقد تم ذلك في ظل الأزمة الإنسانية والاقتصادية المستمرة في أراضيهم.

 

ومع ذلك، وعلى الرغم من وقف إطلاق النار، استمرت إيران في إمداد الحوثيين بالأسلحة، ومن المحتمل أن تزداد إمداداتهم نتيجة رفع التحالف حصاره عليهم، والذي كان من بين أمور أخرى تهدف إلى وقف عمليات النقل هذه.

 

ومع ارتفاع مستوى انعدام الثقة بين الطرفين ومطالب كل جانب، والتي لم تعد مقبولة الآن من الجانب الآخر، يمكن أن ينتهي وقف إطلاق النار في أي وقت. وبحسب التقديرات، فإن نجاح أو فشل الهدنة سيعتمد على طبيعة المحادثات بين الحوثيين والسعودية التي تتوسط في المحادثات وتوجه إجراءات المجلس الرئاسي. وبالإضافة إلى موقف واضح للسيطرة في اليمن بعد الصراع وإدارة علاقاتهم مع المملكة، يريد الحوثيون علاجا للأزمة الإنسانية، الصعوبات الاقتصادية، والكارثة الإنسانية.

 

لم يتضح بعد موقف الحوثيين وتأثير إيران في المحادثات الدبلوماسية، لكن من الواضح أن إيران مهتمة بصفقة تحافظ على نفوذها في اليمن بمجرد انتهاء الصراع. والسعودية، التي يبدو أنها منهكة بسبب ضغوط الحرب التي طال أمدها، مهتمة بحل دائم طويل الأمد يسمح لها بالخروج من الصراع من موقف لن يُنظر إليه على أنه خسارة. ومع المفاوضات بين السعودية والحوثيين، يفقد الجانب اليمني المكون من المجلس الرئاسي والجماعات المعارضة للحوثيين أهميته تدريجياً بسبب نفوذ المملكة. وبدأت تشققات تظهر في تماسك المكونات التي يتألف منها هذا المعسكر لضرر مكانته في المناقشات، وقد يكون لذلك تأثير على التطورات في اليمن. وفي الوقت الحالي، يبدو أن جميع الأطراف تنتظر نتيجة المفاوضات بين الحوثيين والسعودية لتحديد مسار الصراع.

 

انعكاسات تهديد الحوثيين لإسرائيل

 

وبحسب شعار الحركة "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، فإن موقف الحوثيين من إسرائيل واضح، حيث يعتبر الحوثيون إسرائيل كدولة معادية. لكن يبدو أنهم غير مهتمين بصراع مباشر مع إسرائيل في الوقت الحالي، وقد لا يكونون كذلك في المستقبل، على الرغم من لغتهم العدوانية ضدها.

ونمت القدرات العسكرية للحوثيين بشكل كبير في السنوات الأخيرة، على الرغم من استخدامها بشكل أساسي لمهاجمة أقرب منافسيهم في اليمن، السعودية، والإمارات. وبحسب تحليلنا فإن تأثير إيران على الحوثيين عامل مهم في اختيارهم لخوض قتال مباشر مع إسرائيل. ومع ذلك، يبدو أن فهم جماعة الحوثيين للسلوك الأمني والتكتيكي يتعارض مع بعض تصريحاتهم العلنية. ولا يوجد حاليًا أي دليل يشير إلى أن الحوثيين يريدون مهاجمة إسرائيل.

 

وبحسب تصريحاتهم، فإنهم يمتلكون صواريخ وطائرات بدون طيار يمكنها الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية وإلحاق أضرار كبيرة بها، مثل صواريخ قدس 2 وقدس 3 التي يقال إن مداها 2000 كيلومتر. وطائرات صماد -3 وصماد -4 وعد والتي يقال إن مداها يتراوح بين 1500 و 2200 كم.

 

غالبًا ما هددت قيادة الحوثيين بمهاجمة إسرائيل في السنوات الأخيرة، لكنها ذكرت أيضًا أنها لن تفعل ذلك إلا إذا ضربتها إسرائيل أولاً، أو أنها تركز حاليًا على خصوم آخرين. وإذ يساورها القلق من أن إيران ستحاول شن هجوم بالصواريخ أو الطائرات المسيرة الحوثية من اليمن في الذكرى الأولى لوفاة قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونحو شهر ونصف على مقتل رئيس البرنامج النوي الإيراني محسن فخري زاده، نشرت إسرائيل بطارية القبة الحديدية وبطارية باتريوت في إيلات في عام 2021، كما نشرت بطارية القبة الحديدية وبطارية باتريوت في المنطقة (تايمز أوف إسرائيل، 7 يناير 2021).

 

وبحسب تقديرنا، فإن الحوثيين يفضلون استخدام ترسانتهم من الصواريخ والطائرات لمهاجمة أهداف في السعودية والإمارات إضافة إلى أهداف داخل اليمن طالما استمرت حملتهم ضد هذه الدول. وبالإضافة إلى هذه القدرات، يمتلك الحوثيون أيضًا صواريخ مضادة للسفن وزوارق انتحارية يمكنها استهداف السفن المتجهة من وإلى إسرائيل. كما كان يُعتقد أيضًا أن المقاتلين الحوثيين من لبنان وسوريا، وكذلك أولئك المنتسبين إلى الجماعات الفلسطينية، قد ينخرطون في القتال مع إسرائيل. وبالنظر إلى هذه النتيجة المحتملة، يجب التأكيد على أنه قد يتم تشجيع المقاتلين التابعين للحوثيين على الانتقال إلى مناطق قتالية أخرى في الشرق الأوسط من أجل تطبيق خبراتهم.

 

قد توفر علاقات الحوثيين بإيران بيئة مواتية للتعاون مع محور المقاومة والجماعات الأخرى المعادية لإسرائيل. وقد يكون الحوثيون قادرين على تقديم دعم لوجستي أو حتى عسكري لحزب الله في صراعه مع إسرائيل إذا طُلب منهم ذلك. ومن المحتمل، كما أشرنا سابقا، أن يكون لحزب الله وإيران ممثلين نشطين في الهياكل الحكومية للحوثيين، وقد يكون لذلك تأثير على صنع سياسة الحركة. علاوة على ذلك، حتى لو لم يكن هناك صراع مباشر بين الحوثيين وإسرائيل، فقد تكون الحرب في اليمن بمثابة ساحة اختبار للأسلحة التي يمكن أن تستخدمها أطراف أخرى يومًا ما لمهاجمة إسرائيل.

 

ومع ذلك، يحافظ الحوثيون على اتصالات مع الجماعات الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، وهناك مؤشرات على أن هذه الجماعات قد تعمل معًا في نهاية المطاف. ومقابل الإفراج عن معتقلي حماس في السجون السعودية، عرض الحوثيون مراراً إطلاق سراح سجناء سعوديين (المونيتور، 31 مارس 2020؛ المونيتور، 5 يناير 2021)، كما أطلقوا تصريحات علنية حول هذا الموضوع، وجمع الأموال لـ "مقاومة" إسرائيل (أنصاور الله، 11 مايو 2021).

 

الخلاصة

 

وصلت حركة الحوثي إلى نقطة تحول في معركتها الوحشية مع الحكومة المركزية اليمنية، والتي استمرت قرابة 20 عامًا. وكان أحد الأهداف الأساسية للحركة عندما بدأ هذا الصراع هو ترسيخ نفسها كعامل رئيسي في مؤسسات الحكومة المستقبلية في اليمن، كلاعب إقليمي قوي، لا ينبغي تجاهله.

 

من ناحية أخرى، تدفع قوتها العسكرية المتزايدة وتحالفها مع إيران وعضويتها في محور المقاومة إلى توسيع حدودها الداخلية والخارجية وكذلك نفوذها الإقليمي. ستكون الطريقة التي سينتهي بها وقف إطلاق النار الحالي مؤشراً حاسماً على المسار المستقبلي للحركة: هل ستستخدم نجاحاتها الحالية للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد مع السعودية والإمارات وحلفائهما في اليمن؟  أم أنها ستستأنف القتال بهدف احتلال المزيد من الأراضي في اليمن وحتى في السعودية؟

 

وفقًا لمركز المعلومات، فإن كلا طرفي الصراع اليمني منهكين بعد سنوات من المعاناة الكبيرة والوضع الإنساني والاقتصادي السيئ في اليمن، والأضرار الجسيمة للبنية التحتية والروح القتالية في المملكة والإمارات الذين سيميلون إلى الحفاظ على الهدوء. يبدو أن هناك رغبة في إقامة هدنة طويلة الأمد أو تسوية دائمة بدلاً من استئناف الأعمال العدائية، والسعودية والحوثيون هما المشاركان الرئيسيان في المفاوضات التي ستحدد نتائجها في المقام الأول. وإذا نجحت هذه الأطراف في التوصل إلى صفقات، فمن المحتمل أن يؤدي التأثير الكبير للسعودية إلى دفع القوى الأخرى المناهضة للحوثيين إلى جانبها بسبب اعتمادها على القوة الاقتصادية والعسكرية للمملكة.

 

سيتعين على الحوثيين تقديم تنازلات في المحادثات والموافقة على انقسام السلطة في المستقبل بينهم وبين المجلس الرئاسي من أجل تحقيق ذلك. كما سيجري اختبار تقبل الحوثيين لإيران. سيكون من الواضح أن الحوثيين يعطون الأولوية لمصالحهم المحلية والإقليمية على الاستمرار في مساعدة محور المقاومة إذا كانوا مستعدين لمواصلة نيرانهم على الرغم من المساعدة والدعم الإيراني.

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات