المجلس الرئاسي ومهمة توحيد التشكيلات العسكرية .. التحديات وفرص النجاح (تقرير)
- خاص الأحد, 15 مايو, 2022 - 06:26 مساءً
المجلس الرئاسي ومهمة توحيد التشكيلات العسكرية .. التحديات وفرص النجاح (تقرير)

[ المجلس الرئاسي وتحديات دمج الوحدات العسكرية في ظل سيطرة مليشيا الانتقالي ]

يعد الملف العسكري والأمني، أبرز الملفات تعقيدا من بين الملفات التي تواجه مجلس القيادة الرئاسي، لاسيما في ظل  تعدد القوات المنشرة في البلاد.

 

ويواجه المجلس الرئاسي ملفات معقدة يجب عليه انجازها، لعل أبرزها تعقيدا الملفان العسكري والأمني اللذان يجب على قيادة المجلس أن توجد حل لها كمدخل لحل الملفات الأخرى.

 

فقوات الجيش في أغلب المحافظات المحررة وعلى وجه الخصوص جبهات مأرب والجوف وشبوة شرقا وتعز وأبين جنوبا، يقابله قوات أخرى تتبع المجلس الانتقالي في عدن والضالع ولحج جنوبا، وقوات تتبع طارق صالح نجل شقيق الرئيس الأسبق على صالح في ساحل غرب اليمن من جنوب الحديدة إلى باب المندب، وأغلب هذه التشكيلات لا تخضع لوزارة الدفاع أو الداخلية.

 

وتتوزع تلك القوات العسكرية على قيادات ذات توجهات وأهداف مختلفة ألقى بظلالها على المعركة ضد جماعة الحوثي.

 

ويضم المجلس الرئاسي في قوامه ثلاث من أبرز قادة التشكيلات العسكرية، والتي لم تكن تخضع لسيطرة وزارة الدفاع اليمنية. وهؤلاء الثلاثة، عيدروس الزبيدي، قائد قوات الحزام الأمني في المحافظات الجنوبية، وطارق صالح قائد ما تعرف بـ"المقاومة الوطنية" في الساحل الغربي للبلاد، وأبو زرعة المحرمي، قائد ما تسمى "ألوية العمالقة".

 

وتندرج تحت تلك القوات كيانات أخرى، كالحزام الأمني والنخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية.

 

فصائل الانتقالي

 

تتواجد في مدينة عدن العديد من الفصائل المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي، والممولة من دولة الإمارات، وتمارس الانتهاكات المستمرة منذ سنوات.

 

- الحزام الأمني: تأسست في مارس من العام 2016م، بدعم وتسليح كامل من دولة الامارات، وتحت اشراف مباشر من هاني بن بريك، نائب رئيس المجلس الانتقالي، ويقودها حاليا جلال ناصر زين الربيعي.

 

- الدعم والاسناد: تأسست في العام 2016 بمحافظة عدن.

 

- كتائب العاصفة: تأسست في نهاية 2017م، كقوة رئيسية تحت إشراف مباشر من عيدروس الزبيدي، واختير عناصرها بعناية فائقة.

 

 - اللواء الخامس – لحج: تأسست في 2017 يقود هذا اللواء صالح أحمد محمد السيد.

 

ويري محللون سياسيون استطلع رأيهم "الموقع بوست" أن مهمة إعادة توحيد ودمج القوات تحت قيادة وزارة الدفاع تشكل نجاحا كبيرا يحسب للمجلس الرئاسي، فيما لو تحقق وهو الأمر الذي ينطبق على القوات الأمنية، ما قد يساهم في توحيد جهود الحرب ضد الحوثيين من جهة، وتوفير بيئة آمنة لعودة المجلس الرئاسي والحكومة إلى عدن من جهة أخرى.

 

 تحديات مركبة

 

تعود تحديات توحيد التشكيلات العسكرية إلى تحديات مناطقية وعقائدية وحزبية مركبة ومتداخلة تتخلل هذه التشكيلات، وتحول دون توحيدها مالم يكن هناك إرادة سياسية صلبة ـ وفق المحلل العسكري الدكتور علي الذهب.

 

يقول الذهب في حديثه لـ "الموقع بوست " إن من التحديات التي تواجه مشروع دمج التشكيلات العسكرية المجلس الانتقالي الذي سيمثله عيدروس الزبيدي داخل قيادة المجلس الرئاسي، حيث يقوم على تشكيلات مسلحة عسكرية وأمنية، وهي قوات الحزام الأمني وألوية الدعم والاسناد، وهناك وحدات مسلحة تتبع المجلس الانتقالي تقوم مقام قوات الجيش، لذا لا يزال التوصيف القائم لهذه التشكيلات لدى إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي أو قياداته بأنها قوات مسلحة جنوبية، بمعنى أن للمجلس الانتقالي أجندة معينة تسعى تدريجيا لفرض إرادتها السياسية المتمثلة بالانفصال بتعزيز قواتهم العسكرية، وليس بالتخلي عنها ودمجها في إطار حكومة واحدة ضمن منظومتي وزارة الدفاع والداخلية".

 

وأضاف "أتصور بأنه لا يمكن دمج التشكيلات العسكرية للمجلس الانتقالي مالم تكن هناك حلول أو تدابير تضمن للمجلس الانتقالي السيطرة المباشرة على هذه القوات في إطار دمج معين متفق عليه.

 

وتابع الذهب "من التحديات أيضا أنه لا يزال هناك خلاف بين قيادة هذه التشكيلات فيما بينها، فتجد مثلا قوات النخبة الحضرمية لا تزال تحمل طابعا تنظيميا معبرا عن الحكومة المعترف بها من حيث البزة العسكرية ومن حيث العقيدة العسكرية وعقيدة القتال، لكن يراودها أهداف بعيدة عن المجلس الانتقالي وبعيدة أيضا عن القوات الحكومية، بمعنى إنها تحاول أن تنأى بنفسها عن الجانبين لتكون قوات أمنية في إطار ترتيبات معينه خاصة بها.

 

وأضاف "فمالم تضمن الترتيبات القائمة لأبناء حضرموت أو القيادات السياسية المؤثرة بالتشكيلات المسلحة لها تحقيق هذا التوجه في الأجندة فإنه سيكون هناك صعوبة إلى حد ما قياسا بالمجلس الانتقالي في الدمج الكامل داخل منظومة مؤسستي الدفاع والأمن".

 

وذكر الذهب أن هناك تحديات أخرى تتعلق بالهوية الدينية، بمعنى أنه هناك تشكيلات تكونت بناء على التوجه السلفي، والتوجه السلفي ينظر بشيء من التوجس من بعض وحدات الجيش وفقا لاعتبارات معينة، منها أنها تمثل 11 فبراير والتي ينظر اليها من قبل هذا التيار بأنها تمثل حزب الاصلاح، وهي المتمثلة بألوية العمالقة، أو التشكيلات المتواجدة شمال محافظة صعدة، وهي قوات سلفية مناوئة للقوات الحكومية ولا تندمج اندماجا كليا مع المجلس الانتقالي، لأنها تنظر إلى الوحدة بأنها فريضة دينية لا تريد المساس بها، بل تريد ترتيب معين يحفظ الحقوق لليمنيين ككل في إطار دولة تضمن وحدته الجغرافية.

 

 وعن التأثير المناطقي لتلك التشكيلات يقول الذهب "النزعة المناطقية داخل تكتلات هذه القوى يؤثر على  المستقبل القادم، وما لم يتم دمج هذه التشكيلات المسلحة سيجري التقاسم على أساس مناطقي، لأن الحاضر لهذه التشكيلات هي فعلا قيادات مناطقية، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بالمصالح، لأن تلك التشكيلات تتنافس في التوزيع للمناطق الاستراتيجية مثل مناطق النفط  ومناطق الغاز ومناطق الموانئ  والمناطق ذات التأثير الاستراتيجي.

 

التأثير الخارجي

 

المحلل السياسي فهد سلطان أرجع تلك التحديات والصعوبات إلى التدخلات الاقليمية المتمثل في دور السعودية والامارات في اليمن وعدم جديتها في حسم هذا الملف .

 

وقال سلطان لـ "الموقع بوست" لم يكن هناك صعوبات كبيرة إذا كان الاقليم (السعودية والامارات ) جادين في حسم هذا الملف واعادة دمج هذه التشكيلات المسلحة المنفلتة جميعها تحت قيادة واحدة في إطار جيش وكيان واحد.

 

وأضاف سلطان "القضية الاساسية التي شكلت من أجلها هذه التشكيلات من قبل التحالف تقويض الشرعية مع قبول حزب الإصلاح الخروج من المشهد السياسي بشكل ناعم وتدريجي، وازاحة الرئيس هادي تصبح المبررات السابقة للتحالف بحكم المنتهية، وأن أي عرقلة قادمة ستؤكد الاتهامات أن السعودية والإمارات لهما أجندة في اليمن تتجاوز الانتقام من الربيع العربي إلى الانتقام من اليمنيين ودولتهم وجمهوريتهم".

 

وافقه في ذلك رئيس دائرة التوجيه المعنوي سابقا  اللواء "محسن خصروف" حيث علق على ذلك بالقول "إذا أردنا أن نضع النقاط على الحروف فنتحدث عن الشركاء الإقليميين عن التحالف العربي عن الإمارات والسعودية ومشاريعهما في اليمن.

 

وأوضح خصروف "وراء ما يجري باليمن هو التحالف المتمثل بالسعودية والإمارات، فإذا اتفقا وأخلصا بالوعود لحل القضية اليمنية ستحل كل العقد التي نراها الآن وكأنها صعبة المنال، وهناك القوة في الساحة اليمنية مرتبطة ارتباطا كليا بالتحالف وتتلقى توجيهات بشكل مباشر من قبل الرياض وأبوظبي" .

 

وتابع "إذا ترفع التحالف أو طرفي التحالف عن طموحاتهما في جغرافية اليمن وأخلصا النية لاستعادة الدولة اليمنية فإن كل هذه الأمور ستنتهي ولن يعترض أحد على دمج التشكيلات العسكرية، لكن طالما وأن طرفي التحالف ما يزالا عند موقفهما في طموحاتهما الجغرافية في اليمن ستظل المشكلة قائمة، وهذا سيتطلب موقف يمني شجاع من قبل مجلس القيادة  الرئاسي والقيادات اليمنية الأخرى".

 

المحلل السياسي صلاح السقلدي استبعد أن يوافق المجلس الانتقالي على دمج قواته وتسليم أسلحته.

 

وقال السقلدي إن هذا الموضوع تم حسمه بالرفض، فلا يمكن تكرار خطأ ما أقدم عليه الحزب الاشتراكي عام 1990 عندما سلم الجيش الجنوبي وما خلفه ذلك الإجراء من مأساة -حسب تعبيره.

 

فرص النجاح

 

يشير الذهب إلى أن هناك فرص سياسية وفرص اجتماعية وفرص تتمثل في تركيبة هذه القوى يجب استغلالها في خدمة هذا الهدف، فأمام كل تحديات تحقيق هذا المشروع المهم أتصور بأنها تحديات كبيرة لكن هناك فرص لنجاح هذه المهمة تتمثل في استشعار الخطر في بقاء هذه التشكيلات على ما هو عليه من التشرذم والانقسام، لأنها ستكون عرضة للانقضاض عليها من قبل الحوثي، فكلما تفرقت كلما منحت الحوثي فرصة للانقضاض عليها والسيطرة عليها، سواء سيطرة مباشرة أو عن طريق التنكيل بها من قبل جماعات الارهاب، مثلا أو عن طريق خلق كيانات معارضة مسلحة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

 

وأضاف الذهب "فدمج هذه التشكيلات تستطيع حماية نفسها أمام أي خطر يهدد وجودها من جهة، وستمثل قوة رادعة أمام مساعي وطموحات الحوثيين، بل وهزيمتهم في حال ما إذا توفرت الإرادة الداخلية والخارجية ، لذلك لابد أن تبادر هذه التشكيلات واستغلال الفرصة الراهنة حتى لا تتحول الى لقمة سائغة بيد الحوثي خصوصا عندما يتخلى عنها الرعاة الاقليميين".

 

وأشار الى أن الحوثي الآن في مناطق نفوذه يفرض نفسه بكل قواه، وأجهد المواطنين اقتصاديا واجتماعيا، فمنهم في انتظار أي لحظة اتحاد بين المكونات السياسية والعسكرية، والاستعداد لدعمها إذا خطت الخطوة الأولى مع هذا الاتجاه، ومن ثم مواجهة الحوثيين.

 

وتابع "المجتمع الدولي الآن يحاول قدر الإمكان أنه يأخذ الحوثيين إلى مناطق ضعف كبيرة تجبره على الدخول لحوار سياسي أو حل سياسي للازمة، لذلك فهو يدعم في طريق التمسك بقرارات مجلس الأمن هو من خلال الالتزام بالاعتراف بالشرعية بوصفها شرعيه وحيدة ومعبرة عن الشعب اليمني في المحافل الدولية ، وقد لا يكون المستقبل يوفر هذه الفرصة".

 

 ويقول مراقبون أن  التحديات كبيرة فعلا لكن تحتاج الى ارادة سياسية صلبة وموحدة  والفرص متاحة لكنها شحيحة ويجب استغلالها  فاذا لم  تتوفر تلك الارادة فأن الفشل يسكون  هو النهاية المأساوية لكل الجهود التي دعمت هذه التشكيلات المسلحة والكيانات  السياسية التي تعبر عنها خلال السنوات الماضية.

 

 


التعليقات