وثيقة مسربة تكشف عن نظرة الولايات المتحدة للمحادثات السرية في حرب اليمن (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الخميس, 20 أبريل, 2023 - 05:48 صباحاً
وثيقة مسربة تكشف عن نظرة الولايات المتحدة للمحادثات السرية في حرب اليمن (ترجمة خاصة)

[ وفد سعودي بحث مع قيادات حوثية في صنعاء وقف إطلاق النار ]

قالت صحيفة "ذي إنترسبت" الأمريكية إنه وقبيل الإنفراجة السريعة التي سعت فيها الصين وإيران في محادثات وقف إطلاق النار، أفادت المخابرات الأمريكية أن كلا من السعودية والحوثيين يستعدان لسياسة حافة الهاوية.

 

وقال الكاتب "كين كلينشتاين" وهو مراسل استقصائي لـ"ذي إنترسبت" في واشنطن ويركز على الأمن القومي في تقرير ترجمه "الموقع بوست" أن وثيقة صادرة عن البنتاغون عالية التصنيف تلقي الضوء على ما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم في اليمن الذي مزقته الحرب، وكذلك تحريض السعودية، أغنى دولة في الشرق الأوسط، ضد اليمن، الأفقر، حيث أدى الصراع إلى وفاة حوالي 85 الف طفل يمني دون الخامسة من الجوع منذ بدئه.

 

وأشار إلى أن هذا التقييم عبارة عن نافذة على الحسابات الاستراتيجية للمملكة والحوثيين، الحاكمين بحكم الأمر الواقع في اليمن، في الأسابيع الأخيرة قبل الوساطة التي قادتها الصين في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، التي تدعم جماعة الحوثي.

 

ومنذ حدوث الإنفراجة، قيل إن السعودية قامت بتنازلات أكثر أهمية مما كان معروضًا في منتصف فبراير، الأمر الذي يشير إلى أن مسارا مباشرا أكثر للسلام كان متوفرا بالنظر إلى المناورة الدبلوماسية الصحيحة، وفي حال نجحت، فإن محاولة وقف إطلاق النار قد تضع حدا لحرب طاحنة قادت اليمن إلى حافة المجاعة.

 

وفي ذات الوقت الذي كُتبت فيه المذكرة السرية للبنتاغون، بدا التحرك السريع لاتفاقية وقف إطلاق النار اقتراحا مشبوها، كما كشفت الوثيقة، وهي جزء مخفي من وثائق وزارة الدفاع التي جرى تداولها في الأسابيع الأخيرة، المفاوضات المشحونة بين السعودية واليمن بخصوص اتفاقية سلام محتملة.

 

وتشرح الوثيقة نية المملكة المزعومة لـ "إطالة المفاوضات"، وهو تذكير ينذر بالسوء بأنه، حتى مع التقدم غير المتوقع هذا الشهر، فإن السلام يظل بعيدا عن المحتوم.

 

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، ريبيكا فارمر، لموقع ذي إنترسبت: "تقوم البنتاغون والمخابرات بمراجعة وتقييم صحة الوثائق التي يتم تداولها على مواقع التواصل، ولكننا في وضع لا يسمح لنا بالتأكيد أو التعليق على أي بيانات تحتويها".

 

وتقدم الوثيقة- المعنونة بـ"سري للغاية"، رغم نشرها فقط على الولايات المتحدة وأقرب حلفائها الاستخباراتيين، ما يسمى العيون الخمس، تقدم لمحة تفصيلية عن محادثات سرية في القنوات الخلفية التي تظهر بين مسؤولي الحوثيين والسعوديين.

 

الوثيقة التي تحمل عنوان "المتحدث الرسمي للحوثيين يتلقى تحديثا بخصوص الأوضاع التفاوضية السعودية"، تصف الوثيقة المفاوضات بين الطرفين حول رواتب القطاع العام في اليمن، ويذكر أنه لم يتم دفع الرواتب هناك لعدة سنوات، مما جعل الدولة غير قادرة على العمل.

 

ومثلت قضية مدفوعات الموظفين الحكوميين نقطة شائكة، ليس فقط للمملكة، ولكن أيضًا لحلفائها الأمريكيين، حتى الاختراق الواضح هذا الشهر، حيث يُزعم أن القادة السعوديين والحوثيين التقوا للمرة الأولى علنًا الأسبوع الماضي في العاصمة اليمنية صنعاء.

 

واعتبرت إدارة بايدن أن مطالب الحوثيين بأن تدفع السعودية رواتب القطاع العام، بما في ذلك رواتب العسكريين والأمنيين، مبالغ فيها، وفي مؤتمر صحفي في أكتوبر، انتقد تيم ليندركينغ، المبعوث الأمريكي إلى اليمن، "مطالب الحوثيين المتطرفة، وإصرارهم على دفع الرواتب أولا لأفراد الجيش والأمن التابعين لهم". ووفقًا له، كان ذلك "عائقا من الصعب جدا على الطرف الآخر تصوره، وكان غير منطقي تمامًا. وتابع، لقد مثل "عتبة كان من الصعب جدًا على الجانب الآخر التفكير فيها وكان غير معقول تماما".

 

ومع ذلك، هذا ما اتفقت عليه الأطراف منذ ذلك الحين، عقب المصالحة الصينية، ولم يكن الأمر أن الصفقة مستحيلة، وأن الولايات المتحدة لم تكن تريد ذلك.

 

ويوضح تقرير الاستخبارات الذي تم الكشف عنه حديثا أن الاتصالات جرت بين الطرفين بشأن مدفوعات الرواتب قبل أسابيع من الاجتماع يوم الأحد 9 أبريل. وتزعم الصحيفة أنه في منتصف فبراير، أطلع محمد آل جابر، سفير السعودية في اليمن، المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبدالسلام، سرا على موقف الرياض التفاوضي.

 

ومن أجل دفع رواتب موظفي القطاع العام اليمني تدريجيا، قدم حلان، يسمحان لسلطة محايدة بمراجعة قائمة الموظفين الحكوميين التي يبلغ عمرها حوالي عشر سنوات قبل دفع رواتب جميع الموظفين، ويشير التحليل الاستخباراتي إلى أن صبر الحوثيين بدأ ينفد وأن السعوديين ربما لم يكونوا مهتمين بالتوصل إلى تسوية في الوقت الحالي.

 

وتشير الوثيقة إلى أن "مصدر استخباراتي حوثي قدّر على ما يبدو أنه في حال أصدر الحوثيون بيانًا قويا، فإنه سيؤدي ذلك إلى زيادة الضغط على السعوديين الذين يعتزمون إطالة أمد المفاوضات وتجنب التعهد بالتزامات حازمة"، في إشارة إلى احتمال أن يطالب الحوثيون بدفع الرواتب بالقوة.

 

وحذر المستشار من أن السعوديين أرادوا تقليص مطالب الحوثيين تدريجياً استناداً إلى فكرة أن الحوثيين يتعرضون لضغوط ويحتاجون إلى انفراج في المخاوف الإنسانية قبل بداية شهر رمضان في 22 مارس. كما حذر الخبير من أن صبر الحوثيين كان "يساء فهمه".

 

والقصة تقف في تناقض صارخ مع التصريحات العامة المتفائلة التي صدرت في ذلك الوقت من قبل إدارة بايدن، وأشاد الرئيس جو بايدن بالذكرى السنوية الأولى لوقف إطلاق النار المؤقت في بيان صدر في 2 أبريل ووصفه بأنه "معلم هام". وعلى الرغم من انتهاء الهدنة القانونية، إلا أن القتال الفعلي لم يبدأ مرة أخرى بين الجانبين، ووقف إطلاق النار، بحسب بايدن، "أنقذ أرواح يمنية لا تعد ولا تحصى" و "وضع الشروط لسلام شامل".

 

ومع ذلك، يقول خبراء إن القتال المباشر يمثل جزءا أقل بكثير من الوفيات في اليمن مقارنة بالحصار السعودي على البلاد، وأنه لم يتم التأسيس لاتفاق سلام شامل حقيقي.

 

وقال إريك سبيرلينج، المدير التنفيذي لـ "جست فورين بوليسي"، لـ"ذي إنترسبت"، "بينما تسببت آلاف الغارات السعودية في دمار واسع النطاق على مدار ثمان سنوات، فإن السبب الرئيسي لمعاناة اليمنيين اليوم هو الحصار السعودي على واردات العديد من السلع الأساسية والذي يرقى إلى العقاب الجماعي ضد اليمنيين الأبرياء"، مضيفًا أن المواطن اليمني لم ير فائدة حقيقية كبيرة من وقف إطلاق النار.

 

لطالما غضت الولايات المتحدة الطرف عن المقاومة السعودية لرفع الحصار، وكان الهدف هو ممارسة مثل هذا الضغط الشديد على الحوثيين بحيث يوافقون في اتفاقية سلام نهائية على حكومة "شاملة" تترك دورا مفتوحا للولايات المتحدة والوكلاء المدعومين من السعودية.

 

وعقب الإنفراجة المدعومة من الصين، كان السعوديون على استعداد كبير للتخلي عن وكلائهم من أجل إنهاء ما بدا حرب استنزاف، وردت الولايات المتحدة بقلق، ودفعت بالدبلوماسيين إلى المنطقة للإصرار على استمرار الضغط على الحوثيين على أمل تقويض الصفقة قيد التنفيذ. وهرع ليندركينغ إلى الرياض في 11 أبريل، عندما تسربت أنباء عن اتفاق سلام، لتذكير القادة السعوديين برغبة الولايات المتحدة في مواصلة دعم وكلائهم في الحرب.

 

وبدلاً من ذلك، يبدو أن هناك تفاهمًا من حيث المبدأ على أن السعودية ستنهي حكومتها الموالية، وترفع الحصار، وكما كان يأمل الحوثيون، ستستخدم مواردها النفطية الضخمة لدفع رواتب مسؤولي الدولة اليمنيين، مما يجعل مفاوضات السلام ممكنة.

 

*لقراءة المادة في مصدرها على الرابط هنا


التعليقات